لا يزال مصير مئات المحلات التجارية بالعاصمة مجهولا بعد مرور سنوات على إنجازها دون استغلالها في أنشطة تجارية تلائم المنطقة أو توزيعها على من هم بأمس الحاجة إليها سواء من شباب البلديات أو من المستثمرين والحرفيين الراغبين في الحصول عليها، وفي انتظار ذلك تبقى مئات المحلات بالعاصمة وحدها عرضة للإهمال وهي التي أضحت المأوى المناسب للمتشردين والمنحرفين وفي المقابل يقبع آلاف الشباب البطال إلى جوار هذه المحلات يرسمون أحلاما لمستقبلهم. وحسب المختصين فإن أزيد من 60 بالمائة من المحلات التجارية المنتشرة بالأحياء الجديدة ظلت غير مستغلة منها ما هي تابعة لدواوين الترقية والتسيير العقاري ومنها التابعة لعدد من المرقين المشرفين على عمليات البناء إلى جانب مؤسسة ترقية السكن وتطويره ''عدل'' التي تحوز على أكبر عدد من المحلات الشاغرة وغير المستغلة بسبب غلاء ثمنها، فيما تشير مصادرنا إلى لجوء عدد من المستثمرين وأصحاب المال إلى شراء محلات تجارية فور إعلان بيعها والإبقاء عليها شاغرة إلى حين انتعاش النشاط التجاري ليعاد بيعها بأضعاف سعرها. وتسجل ولاية الجزائر وحدها ما لا يقل عن ال1000 محل تجاري مغلق بالأحياء الجديدة فقط على غرار حي تسالة المرجة، بئر توتة، جنان السفاري ببئر خادم، الكاليتوس... وغيرها من المجمعات السكنية المنشأة حديثا دون أن ننسى تلك التي مر على إنجازها نحو ثماني سنوات على غرار حي الموز والذي ظل الجزء الأكبر من محلاته غير مستغل رغم الحاجة إليها وهي التي تسجل كثافة سكانية تفوق ال100 ألف نسمة. ويتساءل العديد من المواطنين عن الجدوى من بناء محلات تجارية والإبقاء عليها مغلقة طيلة سنوات أو تركها عرضة للإهمال في وقت عجزت فيه العديد من البلديات من تجسيد مشروع ''مائة محل تجاري بكل بلدية'' لعدة أسباب، وفيما تشهد الحركة التجارية بأكبر الأحياء والتجمعات السكانية جمودا، اشتكت العديد من العائلات من تحول بعض المحلات المهملة إلى مرتع للمتسكعين والمدمنين والشواذ الذين وجدوا في هذه الأماكن الملاذ الآمن لممارسة الرذيلة، متسببين في إزعاج وحرج كبيرين للسكان. وأمام هذا الوضع كان العديد من السكان المنتشرين عبر كل من حي الموز ببلدية المحمدية شرق العاصمة، حي 5 جويلية وإسماعيل يفصح ببلدية باب الزوار وكذا القاطنين بحي ''عدل'' ببلدية جسر قسنطينة قد طالبوا بضرورة الإسراع في بعث الحركة التجارية بهذه الأحياء بما يتناسب مع الاحتياجات الضرورية للسكان، وبما يتماشى مع الشكل والمحيط العمراني للمكان الذي وإن بدا لك آهلا بالسكان إلا أن غياب إن لم نقل انعدام الحركة التجارية به جعلته شبه مهجور. حي الموز..200 محل مغلق، بطالة وتجارة غائبة وكشفت لنا المعاينة الميدانية التي قادتنا إلى عدد من الأحياء يتقدمها حي الموز سابقا (مختار زرهوني حاليا) عن انتشار ما لا يقل عن ال200 محل تجاري غير مستغل، منها أزيد من 150 محلا تابعا لوكالة ''عدل'' حسب ما كشفه لنا مصدر من مكتب الوكالة بحي الموز الذي أكد أن جل المحلات توجد في حالة متدهورة بعد سنوات من الإهمال خاصة مع عزوف مؤسسة ''عدل'' في بادئ الأمر وترددها في بيعها قبل أن تبور المحلات بين أيديها. وتجد العديد من العائلات القاطنة بالأحياء حديثة النشأة، خاصة في الجانب المنجز من طرف وكالة ''عدل''، صعوبة في التسوق والتزود بأبسط الحاجيات والمستلزمات المعيشية والمنزلية، وفي مقدمتها الخضر والفواكه التي تقتنيها العائلات من أشباه أسواق تجارية أو أسواق فوضوية لجأ أصحابها إلى الانتشار العشوائي على محيط ترابي في الهواء الطلق، وتتضح هذه الظاهرة خصوصا بحي ''الموز'' بالمحمدية وإسماعيل يفصح بباب الزوار، حيث سجلنا تذمر أكبر نسبة من السكان. وما زاد في استغراب وتذمر سكان الأحياء التي زرناها هو أن المحلات التي تدعمت بها أبراج الأحياء خاصة حي الموز وعدل بجسر قسنطينة بالطوابق الأرضية مازالت تعاني الإهمال رغم أن السلطات المحلية عولت عليها كثيرا في بعث الحركة التجارية بالمنطقة المعزولة نوعا ما عن الأحياء المجاورة أو تلك التي تشهد كثافة سكانية كبيرة كما هو الحال بالنسبة لحي الموز الذي يفوق عدد سكانه المائة ألف نسمة محلات مستباحة وسلطات غائبة وقد تحولت العديد من المحلات ''البائرة'' بأحياء جديدة وقديمة إلى شبه أوكار تمارس فيها كل أنواع الفواحش من دعارة وتعاطي المخدرات. فيما اتخذها آخرون ملاجئ للخلوة والنوم، أما المتشردون والمتسولون فقد أضحت هذه المحلات ''فنادق'' لهم لا تغلق، أما الشباب فينظرون إليها بعيون من الطمع والأمل وقد أسالت هذه المحلات المغلقة لعابهم بعد أن أرهقتهم البطالة. وحسب شهادات بعض سكان حي مختار زرهوني فإن بعض المحلات التجارية تتعرض للفتح العمدي من طرف غرباء لممارسة الرذائل التي بدأت تأخذ طريقها نحو الحي الجديد، مما دفع بالسكان إلى إبداء تخوفهم من إمكانية تحولها إلى مرتع للمتسكعين والمدمنين أو إلى فضاء للأوساخ والنفايات في أحسن الأحوال. وتقع معظم هذه المحلات التجارية المغلقة والتي يفوق عددها الألف محل تجاري بالعاصمة فقط تحت إشراف كل من ديوان الترقية والتسيير العقاري ووكالة تحسين السكن وتطويره ''عدل''، هذه الأخيرة التي أكدت على لسان المكلفة بالإعلام أن هناك سوء فهم بخصوص هذه المحلات التي هي ملك لمديرية أملاك الدولة المسؤولة وحدها عن تحديد السعر المناسب لها قبل عرضها للبيع، مؤكدة أن دور الوكالة ينحصر في الإنجاز فقط تماما كدور أي مقاول، وعلى المتسلمين للمشروع الفصل فيه سواء بعرضها للبيع أو باستغلالها بطريقة مباشرة. أما مصالح ولاية الجزائر ولدى استفسارنا عن المحلات الشاغرة فقد أكدت أنها اتخذت عددا من الإجراءات لا سيما إزاء الملاك الذين اشتروا المحلات دون استغلالها، بحيث شرعت الولاية في متابعات قضائية ضد المماطلين في استغلال محلاتهم بغرض إعادة بيعها بأثمان باهظة بعد انتعاش الحركة التجارية بالأحياء السكنية خاصة الجديدة منها. الأمن بين حماية الأشخاص.. والممتلكات ولا يخفى على أحد أن هذه الوضعية التي آلت إليها العديد من المحلات التجارية أدت إلى اختلالات أمنية بالأحياء السكنية التي أصبحت تشتكي من تردي الوضع الأمني والتي من بين مسبباتها وضعية المحلات التجارية الشاغرة التي أضحت المنطلق الرئيسي لانتشار الظواهر السلبية والمشينة والآفات الاجتماعية على غرار تعاطي المخدرات والدعارة.. كما تحولت ذات المحلات إلى شغل شاغل لمصالح الأمن التي تضطر إلى القيام بدوريات مستمرة لتفقد أوضاعها. وتشير مصادر أمنية ببلدية المحمدية إلى القيام بالعديد من المداهمات الليلية وخلال أوقات النهار على مستوى حي مختار زرهوني، حيث يسجل أكبر عدد من المحلات التجارية الشاغرة والمعرضة للإهمال. كما لم تخف مصادرنا مصادرتها لممنوعات ومواد مخدرة ببعض المحلات خلال عمليات مداهمة،، وقد أشعرت السلطات المصالح المعنية المسؤولة بوضعية هذه المرافق المهملة، غير أنها لم تتخذ أي إجراء لحمايتها والحيلولة دون تعرضها للإهمال والاقتحام لتقع المسؤولية على عاتق مصالح الأمن التي وبالإضافة إلى سعيها الحثيث إلى حماية المواطنين والسكان المجاورين للمحلات فإنها تقوم بحراسة هذه المحلات حتى لا تكون أوكارا ومنطلقا للرذائل والآفات الاجتماعية.