أكد وزير الداخلية والجماعات المحلية السيد دحو ولد قابلية أن الأحداث الأخيرة التي شهدتها بعض المدن الجزائرية لم تكن ذات طابع سياسي بل اجتماعي. موضحا في هذا الصدد ''لم نلمس في الجزائر أية مطالب سياسية ولا أعني هنا الأحداث التي وقعت هذا الشهر فحسب بل كل الأحداث الأخيرة. فلم نسجل في أي وقت من الأوقات أي أثر لمطالب سياسية''. ونفى وزير الداخلية في حديث نشرته، أمس، يومية ''ليبرتي'' التصريحات المنسوبة إليه والتي مفادها أنه قد تحدث عن استغلال الشباب خلال هذه الأحداث، مضيفا أنها (الأحداث) كانت عفوية وذات علاقة بالمشاكل التي يواجهها كافة الجزائريين والشباب بالخصوص، معترفا في هذا الصدد بوجود إحساس ''بعدم الإنصاف'' لدى بعض الفئات الهشة فيما يخص الشغل والسكن وانخفاض القدرة الشرائية والبيروقراطية. وإذ أقر بوجود هذه المشاكل الاجتماعية على أرض الواقع، فإن الوزير رفض إغفال الجوانب الإيجابية المحققة من قبل الحكومة في الوقت الذي تركز فيه بعض الصحافة على الجوانب السلبية. مشيرا إلى أنه تم تحقيق العديد من الأشياء الإيجابية لصالح المواطنين منذ سنة .2000 وأعطى في هذا الصدد أمثلة عن الأغلفة المالية الموجهة لبناء مليونين ونصف مليون سكن بالاستعانة بالشركات الأجنبية خاصة الآسيوية منها. وبعد أن أكد أن الدولة تحظى بمصداقية لدى المواطن، أشار الوزير إلى أن الجزائر لها خصوصياتها، بحيث هناك ''سبل للتعبير عن الغضب وأطر للتعبير تسمح للمواطنين غير الراضين بإسماع صوتهم وحرية تعبير أكثر اتساعا في بلدنا مقارنة ببلدان أخرى''، ليردف في هذا السياق ''حتى وإن لم تكن هناك إمكانية للتعبير في وسائل الإعلام الثقيلة -كما يقول البعض- إلا أن هناك وسائل إعلام خاصة كثيرة والإنترنت''. وأضاف أن ''كل الأحزاب والمعارضين بإمكانهم التعبير عن انشغالاتهم وهم يقومون بذلك بصفة أكبر مقارنة بالبلدان الأخرى''. كما أوضح وزير الداخلية أنه من بين العوامل التي كانت سببا في الاحتجاجات الأخيرة ارتفاع أسعار بعض المنتوجات ذات الاستهلاك الواسع والتي كانت ''مصطنعة''، مؤكدا أنه على الدولة بذل مجهودات إضافية، من خلال تقييم أفضل لانشغالات المواطنين وتطلعات الشباب'' حتى تكون قوية وعادلة. وعلى هذا الأساس أشار السيد ولد قابلية إلى اتخاذ إجراءات يتضمنها برنامج رئيس الجمهورية والتي يجري تطبيقها على أرض الواقع، من خلال التعليمات التي وجهها رئيس الدولة للوزير الأول ولوزيري الداخلية والتجارة للتكفل بهذه الانشغالات. من جهة أخرى، وبخصوص تنظيم المسيرات في الجزائر العاصمة ذكر السيد ولد قابلية بمنعها بالعاصمة دون الأماكن الأخرى، مشيرا إلى أن هذا القرار لا يطبق على أحزاب المعارضة فحسب بل حتى الأحزاب الأخرى، بما فيها تشكيلات التحالف الرئاسي إن قررت يوما تنظيم أي تجمع. وأضاف الوزير أن منع تنظيم المسيرات جاء لدواع أمنية، علما أن الجزائر العاصمة تضم 3 ملايين ساكن، وأن هناك مشاكل قد لا تؤخذ في الحسبان من قبل منظمي المسيرات، حيث لم يستبعد الوزير إمكانية استغلال بعض العناصر التي ليس لها علاقة بالمسيرات الفرصة لإحداث اضطرابات في الوقت الذي مازالت فيه ''إشكالية الإرهاب''. يذكر أنه تم منع تنظيم مسيرات بالجزائر العاصمة منذ 14 جوان 2001 وهو تاريخ آخر مسيرة نظمتها العروش والتي خلفت مقتل 8 أشخاص وعدة جرحى. وعن سؤال حول احتمال رفع حالة الطوارئ أوضح الوزير أن ''هذه المسألة من صلاحيات الحكومة وليس وزير الداخلية''، مذكرا بأنه تم اتخاذ هذا الإجراء في إطار مكافحة الإرهاب الذي لم يجتث بعد نهائيا، مضيفا أنها لا تؤثر على بقية النشاطات الأخرى. ولم يستبعد الوزير إمكانية بحث الحكومة هذا الملف لترى إن كان ضروريا الإبقاء على هذا الإجراء أو رفعه. من جهة أخرى، رفض السيد ولد قابلية مقارنة وضع الجزائر بما حدث في تونس بعد سقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي، مشيرا إلى أن إجراء مقارنات مع ما يحدث في مناطق أخرى غير مبررة، ففي الجزائر هناك تنمية في الوسطين الحضري والريفي على السواء وأن مشاريع التنمية الاجتماعية المدرجة تكتسي أهمية كبيرة في شتى القطاعات.