أعلن وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات السيد جمال ولد عباس أن مشروع القانون التمهيدي الجديد الخاص بالصحة سيتم عرضه على الحكومة مع نهاية شهر فيفري الجاري، انطلاقا من كافة الاقتراحات التي ستعزز توصيات الندوة الوطنية الأولى للسياسة الصحية، مشيرا من جانب آخر إلى أن وزارته تعمل حاليا على التحضير لتغيير جذري يشمل الوضعية السوسيومهنية لكل مهنيي القطاع من خلال إعداد شبكة أجور مواتية لكل فرع من فروعه. وأوضح السيد ولد عباس، أمس، في الجلسة الختامية للندوة الوطنية لسياسة الصحة التي تم خلالها عرض توصيات الورشات الثماني التي نصبت في إطار التحضير للمشروع التمهيدي لقانون الصحة الجديد انطلاقا من مقترحات كافة مهنيي القطاع، أن هذه التوصيات سيتم نقلها إلى المهنيين والمتدخلين في القطاع على مستوى كل ولايات الوطن من أجل إثرائها، قبل إعادة عرضها على لجنة متخصصة تتشكل من خبراء ليحضر على ضوئها مشروع القانون التمهيدي الخاص بالصحة، الذي ستتكفل الوزارة بعرضه على الحكومة نهاية شهر فيفري الجاري، مؤكدا بالمناسبة بأن هذه الندوة الأولى من نوعها قد انعقدت في إطار حوار صريح وديمقراطي وشفاف ساهم فيه أزيد من 1200 مشارك يمثلون كافة فروع المهنيين بما فيها جمعيات القابلات، وجمعيات الدفاع عن حقوق المرضى إلى جانب ممثلين عن قطاعات شريكة، ستبقى مفتوحة لجميع الفعاليات المعنية بترقية القطاع على اعتبار أنها ''ندوة للاستماع للانشغالات والمقترحات وليست ندوة قرارات''. وفي حين ذكر الوزير بأنه من فئة المسؤولين الذي ينبذون سياسة المواجهات، وأنه يفضل دائما اعتماد سياسة الحوار البناء مع كل الشركاء، وجه نداء لمختلف نقابات فروع القطاع التي فضلت اللجوء إلى لغة الإضراب للتعبير عن استيائها من وضعيتها السوسيومهنية بالرغم من إقرار العدالة لعدم شرعية حركتها الاحتجاجية على حد تعبيره، داعيا إياها إلى التعقل والتفكير في مصلحة المريض، مجددا التزامه بالعمل على إحداث تغيير جذري في وضعية كافة مهنيي القطاع. وفي سياق متصل كشف ممثل الحكومة بأنه يعمل على تحضير شبكة أجور جديدة سيستفيد منها مستخدمو كافة الفروع التابعة للقطاع ''من مستخدم سلك شبه الطبي وصولا إلى البروفيسور''، وتراعي خصوصيات كل فرع ومستخدم، بما فيها المنطقة التي يعمل بها، مثلما هو حال مستخدمي القطاع العاملين بالجنوب الجزائري. مذكرا في هذا الصدد بأنه سبق له وأن أعلن تأسفه للوضعية التي وجد عليها مستخدمي القطاع، واعترف بأن الأجور المعتمدة حاليا سواء بالنسبة لسلك الأطباء أو غيره من الأسلاك، هي أجور ''مهينة''. كما جدد في نفس السياق التزامه بالعمل مع نقابة ممارسي الصحة العمومية والنقابات الأخرى على تعديل النقائص المتضمنة في قوانينها الأساسية. وقد توجت أشغال الندوة الوطنية الأولى لسياسة الصحة، بسلسلة من التوصيات التي تم عرضها من قبل الورشات الثماني المنصبة بالمناسبة، حيث دعت الورشة الأولى المتعلقة ببرنامج الصحة الخاص بالجنوب الجزائري إلى ضرورة تجنيد المزيد من الإمكانيات المادية والبشرية ووضع مرصد جهوي للصحة بالمناطق الجنوبية للوطن، مع إيجاد حلول لمشكل نقل المرضى بسبب بعد المسافات بين المجمعات السكنية، وتحفيز المهنيين وخاصة منهم التابعون للقطاع الخاص على العمل في الجنوب، وتكوين وتأهيل ممارسي الصحة العاملين بالمنطقة، علاوة على الاعتناء بالجانب الوقائي وتكوين أطباء متخصصين في الأمراض المنتشرة بهذه المنطقة من مناطق الوطن. ولدى تعقيبه على توصيات هذه الورشة كشف السيد ولد عباس عن تشكيل فوج عمل خاص سيتولى بداية من الأسبوع المقبل، تجميع كافة المعطيات الخاصة بالنقائص ذات الطابع الإستعجالي المسجل بالجنوب الجزائري، مع الأخذ بعين الاعتبار الأمراض المنتشرة بهذه المنطقة، بما فيها تلك المتصلة بتأثيرات التفجيرات النووية التي نفذتها السلطات الاستعمارية الفرنسية بمنطقة ''رقان'' بأدرار. كما شدد الوزير على رفض أي دعم مالي يأتي من المؤسسات البترولية الأجنبية العاملة بمنطقة الجنوب الجزائري، لأي مشروع صحي بالمنطقة، مؤكدا بأن الدولة قادرة على التكفل بأبنائها. من جهتها أوصت ورشة أخلاقيات المهنة والأخلاق الطبية بضرورة تنظيم مهام مجلس أخلاقيات مهنة الطب واللجان التابعة له وضبط تشكيلته وتحديد عهدتها، مع إنشاء مجلس أخلاقيات لكل فرع من فروع القطاع. كما طالبت بإعادة تنظيم عمليات نقل الأعضاء والتبرع بها ومتابعتها من قبل هيئة خاصة تضم أطباء مؤهلين، في حين دعت الورشة الخاصة بالسياسة الصيدلانية والتجهيز، إلى مزيد من التنسيق بين القطاعات المتدخلة في عملية استيراد الدواء، وتحفيزات أخرى للمنتجين المحليين للدواء مع تشجيع مهن التوزيع ومراقبة الأدوية والتجهيزات الطبية ومعالجة المشكل الخاص بالأدوية المنتهية الصلاحية والنفايات الطبية. وفيما جددت ورشة المهن ومستخدمي الصحة والتكوين التأكيد على ضرورة تثمين الموارد البشرية في القطاع وتقوية الإمكانيات البيداغوجية وإنشاء فروع طبية جديدة. أكدت الورشة الخاصة بالتخطيط الصحي ضرورة وضع خارطة وطنية للصحة تأخذ بعين الاعتبار كل خصوصيات المنظومة الصحية في الجزائر. بينما أبرزت ورشة التنظيم الصحي وإصلاح المستشفيات أهمية ترقية الصحة الجوارية وإعادة توزيع الإمكانيات بشكل منصف على مناطق الوطن وترشيد نفقات القطاع ودعت كل من ورشة الوقاية العامة وورشة سياسات ونظم الصحة إلى نظام معلوماتي عصري يشمل النظم الوقائية، وتطبيق النصوص التشريعية المنظمة لسياسة الصحة في البلاد. على صعيد آخر كشف مستشار وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات السيد يوسف بن قاسي عن مشروع تسيير مواعيد المرضى بالمؤسسات الاستشفائية عن طريق الإعلام الآلي، مؤكدا بأن هذا الإجراء الجديد سيدخل حيز التنفيذ قريبا، حيث سيبدأ العمل بهذا النظام في مرحلة أولى على مستوى 10 مؤسسات صحية نموذجية موزعة على كامل التراب الوطني قبل تعميمها على باقي المؤسسات.