تعهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الذي تولى مقاليد السلطة في مصر مباشرة بعد استقالة الرئيس حسني مبارك بالانتقال إلى الحياة المدنية في اقرب الآجال الممكنة من خلال تشكيل حكومة مدنية ديمقراطية.وأكد المجلس العسكري في البيان الرابع الذي أصدره أن القاهرة ستحترم كل المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي وقعتها في توضيح بخصوص موقف السلطات الجديدة من المعاهدات الدولية والإقليمية التي وقعتها القاهرة. ويعد هذا اول موقف يوجهه المجلس الأعلى للقوات المسلحة منذ توليه مقاليد السلطة ردا على الانشغالات التي أبدتها العديد من العواصمالغربية وخاصة ما تعلق بالاتفاقيات الموقعة بين مصر وإسرائيل في كامب ديفيد سنة .1979 وهي الاتفاقية التي أبدت بشأنها العديد من العواصمالغربية مخاوف من احتمالات إعادة النظر فيها من السلطات المصرية التي ستتولى إدارة الشؤون المصرية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية. وفي سياق ذي صلة أكد المجلس أن حكومة احمد شفيق الانتقالية ستستمر في تصريف الأعمال بشكل عاد إلى غاية انتهاء المرحلة الانتقالية وتشكيل حكومة جديدة. كما تعهدت قيادة الجيش المصري بتشكيل سلطة مدنية منتخبة قريبا من خلال إعداد الأرضية لإجراء انتخابات تعددية بهدف بناء دولة ديمقراطية حرة ''بعد الهزة القوية التي عرفتها مصر بسبب ثورة الشباب''. وأحيا المصريون أمس اول يوم لمرحلة ما بعد مبارك وسط أجواء احتفالية غير مسبوقة انتشاء بغلبة المتظاهرين على الرئيس مبارك الذي أرغم في نهاية عملية لي ذراع متواصلة طيلة 18 يوما من الرحيل بعد أن تيقن استحالة بقائه على رأس الدولة المصرية.ولم يغمض للمصريين في المدن والقرى جفن طيلة ليلة الجمعة إلى السبت، حيث رقصوا وغنوا مشيا على الأقدام وعلى متن سياراتهم التي جابوا فيها الشوارع طولا وعرضا لنهاية قبضة حديدية بينهم وبين رئيس رفض التنحي طواعية وهو ما زادهم إصرارا على رفع التحدي ومواصلة احتجاجهم إلى غاية الإطاحة به وهو المبتغى الذي حققوه بعد 18 يوما من الاحتجاجات المتواصلة. وبدأت قوات الجيش أمس في تطهير ساحة التحرير من المتاريس والأسلاك الشائكة التي أقامها حول البنايات الرسمية ومن هياكل سيارات الشرطة المتفحمة والبقايا التي تراكمت في جنباتها منذ بداية الموجة الاحتجاجية. ويدفع تصرف الجيش إلى التساؤل ما إذا كان المتظاهرون سيعودون إلى بيوتهم بعد تحقيق مطلبهم برحيل الرئيس مبارك أم أنهم سيواصلون اعتصامهم مادام مطلبهم المبدئي كان الإطاحة بالنظام المصري وأن الرئيس مبارك لم يكن إلا مجرد مرحلة أولى وحتى قيادة الجيش الحالية اعتبروها جزءا منه أيضا وهو ما يفسر بقاء المئات من المتظاهرين في ميدان التحرير حتى بعد رحيل مبارك؟ وانقسم المحتجون الذين بقوا في ساحة التحرير أمس على موقفهم بخصوص مرحلة ما بعد مبارك فمنهم من قال إن المهمة انتهت برحيله، بينما رأى آخرون أن الإطاحة به ما هي إلا مجرد بداية لمعركة اكبر تنتهي برحيل كل رموز النظام القائم. وبقي البعض فعلا في مواقعهم بينما حزم آخرون أغطيتهم وأفرشتهم وعادوا من حيث أتوا من أعماق مصر. وهو سؤال يطرح رغم أن قيادة الجيش المصري التزمت بأنها لن ترهن نتائج ثورة الشباب وأنها ستعمل على تحقيقها في رسالة طمأنة واضحة باتجاه آلاف المحتجين.