تم أمس بالعاصمة المصرية تأسيس مجلس الأمناء لتمثيل الثورة في مصر الذي يعد أول تشكيل يولد من رحم ثورة الخامس والعشرين من الشهر الماضي أراده أصحابه أن يكون عينهم على تنفيذ إصلاحات سياسية ودستورية في البلاد.وجاء تشكيل هذا المجلس للمحافظة على المكاسب التي حققتها الانتفاضة الشعبية في مصر والتي أدت بعد ثلاثة أسابيع من المظاهرات الحاشدة والاحتجاجات العارمة إلى إسقاط نظام الرئيس حسني مبارك بعد 30 سنة من حكمه. وطالب منشطو ثورة ميدان التحرير في قلب العاصمة المصرية طيلة ثمانية عشر يوما المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي استلم السلطة الانتقالية بعد رحيل الرئيس المخلوع حسني مبارك بعقد جلسات معهم من اجل معرفة كل الخطوات التي يريد الإقدام عليها من اجل تنفيذ مطالب المحتجين ضمن ما أصبح يعرف ب''ثورة النيل''. ويأتي ذلك في وقت مازالشلل التام يضرب القطاعين الخدماتي والاقتصادي ومختلف الإدارات بسبب استمرار الإضرابات المطلبية والاحتجاجية التي شرع فيها العمال المصريون مباشرة بعد سقوط الرئيس حسني مبارك. فبعد توقف بمناسبة الاحتفالات بذكرى المولد النبوي الشريف استأنف آلاف العمال والموظفين المصريين إضراباتهم سواء للمطالبة برفع أجورهم لتحسين قدرتهم الشرائية أو حتى من اجل المطالبة برحيل مسؤول في هذه الشركة أو تلك بسبب الولاء للنظام السابق أو بسبب سياسة الخنق التي مورست عليهم طيلة ثلاثين سنة منذ حكم الرئيس مبارك. وتجددت الاحتجاجات المطلبية رغم النداء الذي وجهه المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية باتجاه كل العمال باستئناف عملهم والعودة إلى مناصب عملهم لإنهاء حالة الشلل التي أصابت القطاع الاقتصادي في البلاد. وذكرت تقارير إعلامية أمس تسجيل عدة اعتصامات وتوقفات عن العمل في عدة معامل استراتيجية في البلاد وخاصة في دلتا النيل والقاهرة والإسكندرية. وشهد قطاع الخدمات المصرفية في معظم البنوك المصرية شللا تاما مما حال دون استئناف بورصة القاهرة لنشاطها بعد أن تهاوت مؤشرات أسهمها بشكل لم يسبق أن عرفته من قبل. وعاشت مصانع النسيج العمومية في المحلة في دلتا النيل والتي تشغل أكثر من 24 ألف عامل شللا تاما بعد أن طالب المحتجون بطرد اثنين من مسؤولي هذا المعمل الذي يعد قطب الصناعة النسيجية في البلاد والتي أصبحت تلقى منافسة شرسة من نظيرتها الصينية التي غزت الأسواق المصرية وبأدنى الأسعار. وهو المشهد نفسه الذي عرفه اكبر معامل النسيج في مدينة حلوان إحدى ضواحي القاهرة في نفس الوقت الذي خرج فيه آلاف عمال الري والتربية والصحة أمام مقر محافظة الإسماعيلية من اجل المطالبة بتحسين أجورهم. وتزيد هذه الوضعية الاحتجاجية من الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد المصري بعد الشلل الذي أصاب قطاع السياحة التي تدر على الميزانية المصرية أكثر من 13 مليار دولار سنويا وتشغل أكثر من 10 بالمائة من اليد العاملة في مصر.