رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس الدعوات والضغوط الأمريكية الرامية إلى إقناع الطرف الفلسطيني بالعدول عن التوجه إلى مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.ففي تحرك لم يكن مفاجئا سعت الولاياتالمتحدة جاهدة أمس لإفشال مشروع القرار الذي تقدمت به السلطة الفلسطينية شهر جانفي الماضي ودعمته المجموعة العربية وعديد الدول الأخرى إلى مجلس الأمن الدولي لإدانة الاستيطان الإسرائيلي. واقترح الرئيس الأمريكي بارك اوباما على الجانب الفلسطيني بدل إصدار هذا القرار الاكتفاء بأن يقوم مجلس الأمن الدولي بدعوة حكومة الاحتلال إلى تجميد الاستيطان لمدة جديدة. وأكد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أن السفيرة الأمريكية لدى الأممالمتحدة سوزان رايس اقترحت على المجموعة العربية الاكتفاء بإصدار بيان غير ملزم من رئاسة المجلس يتضمن إرسال لجنة أممية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة والتطرق إلى حدود عام 1697 خلال البيان المقبل للجنة الرباعية الدولية حول الشرق الأوسط. وهو الأمر الذي سارع الرئيس عباس إلى رفضه في حينه في اتصال هاتفي أجراه مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون. هذه الأخيرة التي سبق وحاولت إقناع الطرف الفلسطيني بعدم جدوى الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي لافتكاك قرارات لإدانة الاستيطان أو حتى تمكن الفلسطينيين من الإعلان عن دولتهم المستقلة. واعتبرت أن قرارات مجلس الأمن ''ليست السبيل الصحيح'' للتقدم نحو تحقيق حل الدولتين لإنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وقالت أن ''تركيزنا هو على فعل الأفضل لدفع المفاوضات بين الإطراف بما يؤدى إلى تحقيق الحل القائم على دولتين''. وأضافت ''وقد واصلنا القول باستمرار على مدى العديد من السنوات أن مجلس الأمن الدولي والقرارات التي تطرح أمامه ليست الوسيلة الصحيحة للدفع باتجاه تحقيق ذلك الهدف''. وتكشف تصريحات رئيسة الدبلوماسية الأمريكية مجددا عن الانحياز والتواطؤ المفضوح من قبل واشنطن لصالح إسرائيل على حساب حقوق الشعب الفلسطيني المغتصبة وهي التي طالما رفعت شعار الدفاع عن حقوق الإنسان في كل المعمورة. ثم أن تعتبر كلينتون مجلس الأمن ليس بالسبيل الصحيح للنظر في القضية الفلسطينية وهو المعني بحماية الأمن والسلام العالميين فذلك يعني انه لا جدوى من وجود هذا المجلس أصلا ما دام لا يستطيع إنصاف شعب سلبت أرضه بقوة الحديد والنار. وكانت الولاياتالمتحدة توعدت بمعارضة مشروع القرار واقترحت بدلا منه تبني بيان غير ملزم يدين بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وكان الرئيس الأمريكي باراك اوباما أجرى محادثة هاتفية مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس تناولت تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط على ضوء التطورات التي تشهدها المنطقة. وقال نبيل ابو ردينة المتحدث باسم السلطة الفلسطينية انه ''تم خلال الاتصال استعراض آخر تطورات الأحداث الأخيرة التي جرت في المنطقة وكذلك موضوع التوجه إلى مجلس الأمن بخصوص الأنشطة الاستيطانية''. يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه ياسر الوادية رئيس تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة أن حملة شعبية ستنطلق قريبا في كافة الأراضي الفلسطينية لإنهاء حالة الانقسام الداخلي ولمواجهة التحديات الإسرائيلية في أراضي الوطن. وقال الوادية أن الحملة ستضم كل الفئات الفلسطينية في إطار المنظومة الوطنية التوافقية وشخصيات فلسطينية من العلماء ورجال الأعمال والأكاديميين وممثلين من المجتمع المدني والقطاع الخاص وإعلاميين ورجال إصلاح واللجان الشعبية لدفع عجلة المصالحة الحقيقية للأمام وللخروج من حالة الجمود التي أحاطت بملف المصالحة. وكانت عدة مبادرات فلسطينية شبابية وشعبية وفصائلية أطلقت صفحات على الإنترنت رفعت خلالها شعار ''الشعب يريد إنهاء الانقسام'' معلنة عزمها تنظيم تظاهرات في قطاع غزة والضفة لهذه الغاية. بالمقابل أعلنت مصادر فلسطينية أن مؤسسات وهيئات حقوقية أوروبية تحضر لعقد ''المؤتمر الدولي الأول عن حقوق الأسرى الفلسطينيين'' وذلك بمدينة جنيف السويسرية في11 مارس المقبل تحت شعار ''العمل من أجل العدالة''. وقال محمد حمدان رئيس ''الشبكة الأوروبية للدفاع عن حقوق الأسرى الفلسطينيين'' إن المؤتمر يهدف إلى أن يوصل صوت هؤلاء الأسرى إلى المجتمع الدولي''. وأضاف أنه من المقرر أن يعقد المؤتمر الدولي بمقر هيئة الأممالمتحدة في جنيف بتنظيم من قبل الشبكة الأوروبية للدفاع عن حقوق الأسرى الفلسطينيين والمعروفة باسم ''يو فري'' وجمعية ''الحقوق للجميع'' السويسرية وجمعية ''نورث ساوث ''21 بمشاركة نواب وحقوقيين وممثلين عن الأسرى وعدد من المؤسسات المعنية بالدفاع عنهم. وقالت الجهات المنظمة إن المؤتمر سيناقش على مدى يومين واقع الأسرى والأسيرات الفلسطينيين في كل أماكن تواجدهم وتجاربهم تحت الاعتقال والأبعاد القانونية والسياسية لما يتعرضون له من تقييد لحريتهم .. مشيرة إلى أنه تم توجيه الدعوة للعديد من الحقوقيين الأوروبيين والعرب المعنيين بملف حقوق الإنسان وقضية الأسرى والمعتقلين.