جددت السلطة الفلسطينية تمسكها بموقفها الرافض لاستئناف مفاوضات السلام مع إسرائيل في ظل استمرار الاستيطان في الأراضي المحتلة رغم الضغوطات التي ما فتئت تمارسها ضدها الإدارة الأمريكية لحملها على العودة إلى طاولة الحوار في أسرع وقت ممكن. وجدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد لقائه أمس الرئيس المصري حسني مبارك بالقاهرة تأكيده على أن السلطة الفلسطينية لن تستأنف مفاوضات السلام إذا لم يكن هناك وقف تام للاستيطان في كل الأراضي الفلسطينية بما في ذلك القدسالمحتلة. وجاءت تصريحات الرئيس الفلسطيني ردا على بيان أصدره مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي أكد موافقة هذا الأخير خلال لقائه مؤخرا بوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون على التفكير في تجميد جديد للبناء في مستوطنات الضفة الغربيةالمحتلة لمدة 90 يوما مقابل عرض أمريكي سخي يتضمن إجراءات دعم أمنية وسياسية. وكان البيان ذكر أن التجميد الجديد للاستيطان ينبغي ألا يشمل القدسالشرقية التي احتلتها إسرائيل عام .1967 ولكن الرئيس الفلسطيني أوضح أنه حتى الآن لم يصل إلى الجانبين الفلسطيني أو الإسرائيلي من الإدارة الأمريكية أية مقترحات حتى يمكن التعليق عليها مشيرا إلى أن بعض المعلومات ظهرت في الصحافة منها ما يتعلق بالصفقة التي يتردد إبرامها بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل وتتضمن تزويد إسرائيل بمعدات عسكرية متطورة مقابل تمديد وقف الاستيطان لفترة محدودة. وقال انه أكد للجانب الأمريكي أنه لا علاقة للفلسطينيين بهذه الصفقة المزمعة والتي تدخل في إطار العلاقات الاستراتيجية بين الولاياتالمتحدة وإسرائيل، مؤكدا رفض الجانب الفلسطيني الربط بين هذه الصفقة وبين استئناف المفاوضات. وبتأكيد الرئيس الفلسطيني على هذا الموقف تكون ''اللاءات'' الفلسطينية هذه المرة قد صمدت في وجه الضغوط الأمريكية الرامية الى إحياء عملية السلام المتعثرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين على حساب إهدار المزيد من الحقوق الفلسطينية. والحقيقة أن الرئيس الفلسطيني كان لا بد أن يتمسك بهذا الموقف منذ البداية وان لا يعطي الفرصة لإسرائيل لتتمادى أكثر في تعنتها الرافض للسلام مع الفلسطينيين ولإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية كما تنص على ذلك خارطة الطريق. وهو التعنت الذي أكد بشأنه الرئيس الفلسطيني انه سيجعل التوصل إلى حل بخصوص القضايا المطروحة من القدس والحدود واللاجئين والأسرى والمياه وغيرها قد يكون أكثر صعوبة من قضية وقف الاستيطان نفسها والتي تبقى العائق الأول أمام استئناف العملية السلمية. وكان الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى قد أعلن أنه اتفق مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس على دعوة لجنة مبادرة السلام العربية لعقد اجتماع عاجل على مستوى وزراء الخارجية لمناقشة الخطوات الواجب السير بها فور تلقي الموقف الأمريكي بشأن عملية السلام. وأشار موسى إلى أن استمرار الاستيطان الإسرائيلي سيحسم الأمر لغير صالح الدولة الفلسطينية، مؤكدا على وجوب إيقافه لتكون للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية ''إمكانية للنجاح''. ورغم تصريحات الأمين العام للجامعة العربية فإن لجنة المتابعة العربية التي تجتمع في كل مرة لبحث هذه المسألة بالتحديد كانت ترمي بالكرة في الملعب الفلسطيني لتترك له حرية الاختيار في إصدار القرارات رغم أن القضية الفلسطينية هي قبل كل شيء قضية كل العرب وليس الفلسطينيين وحدهم. وهو ما يطرح التساؤل حول جدوى عقد هذا الاجتماع مادام ان القرارات التي يخرج بها لن تساهم في الضغط على إسرائيل لإقناعها بالعدول عن موقفها الرافض لتجميد الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.