.. لم تعد هناك مهنة حكرا على الرجال دون النساء ... والمجتمع الجزائري اليوم يعرف نوعا من التفتح بعد تقبله لفكرة اقتحام المرأة لعدة تخصصات كانت إلى وقت قريب ممنوعة على المرأة لأنها ببساطة امرأة ... هي كلمات رغبت الرقيب سهيلة امراندي مكلفة بالتدخل والإنقاذ والإسعاف بوحدة الحراش للحماية المدنية التابعة للعاصمة الحديث عنها في بداية الدردشة التي جمعتنا بها بمناسبة اليوم العالمي للحماية المدنية الذي حمل شعار '' دور المرأة في الحماية المدنية''. ... كان اقتحام عالم الحماية المدنية حلما بالنسبة للسيدة سهيلة راودها منذ طفولتها، وعلى الرغم من أن تعليمها لا يمت بصلة للحماية المدنية كونها حاملة لشهادة ليسانس في العلوم الاقتصادية، إلا أن رغبتها في الإنقاذ وتقديم الإسعاف والتدخل عند وقوع الحوادث دفعها إلى تقديم طلب الالتحاق بصفوف الحماية المدنية، وبالفعل اجتازت امتحان القبول بجدارة وخضعت لتربص لمدة سنة حصلت بعدها على رتبة رقيب، وحددت مهمتها في القيام بأعمال الإنقاذ والإسعاف وإخماد الحرائق. تقول المتحدثة إن نجاحها في الحماية المدنية كان نتيجة للدعم والتشجيع الذي لقيته من أفراد أسرتها وكذا من رفيق دربها، وعلى الرغم من أن لديها طفلا رضيعا إلا أن ذلك لا يطرح لها أي إشكال وتقول: ''إن سر النجاح في أي عمل مهما كان صعبا يتطلب النظام والتفاهم والانضباط والتحلي بروح المسؤولية، فأنا مثلا ألتحق بمنصب عملي عند الثامنة صباحا ولا أعود إلى منزلي إلا في اليوم الموالي، لأن العمل بالحماية المدنية يتطلب أن يظل العون متأهبا على مدار 24 ساعة لأي طارئ قد يحدث. وعلى هذا الأساس أنظم برنامج عملي المنزلي وأجهز طفلي بحيث لا ينقصه أي شيء إلى أن أعود في اليوم الموالي، والحمد لله منذ أن التحقت بسلك الحماية المدنية في 2008 لم أواجه أي مشكل''. وحول تجربتها الأولى في عمليات الإنقاذ والإسعاف قالت: ''إن الدخول للعمل في أي ميدان أيا كان نوعه يكون صعبا في البداية ويتطلب الكثير من الوقت للتعود عليه، ولكن مع وجود الإرادة للنجاح وحب المهنة يتم التغلب على كل الصعاب'' ... وتوضح '' في البداية لم يكن سهلا التعود على مشاهدة حوادث المرور أو الحرائق وما ينجر عنها من ضحايا تعرضوا لبتر أحد أطرافهم أو فقدوا أحد أعضائهم أو تلف جزء من أجسادهم.. أو... إلا أننا نكون ملزمين بحكم طبيعة عملنا على إسعاف الضحايا، والتواصل معهم وجعلهم يشعرون بالأمان... وشيئا فشيئا ومع التجربة ألفت هذا العمل وزاد حبي له خاصة حينما أنجح في إنقاذ الأرواح، إذ أشعر رفقة الفريق العامل معي بسعادة كبيرة، فلا يخفى عليكم أن عمل عون الحماية المدنية إنساني ونبيل''..... وتضيف ''تجربتي الميدانية بالحماية المدنية علمتني أن أضع المشاعر جانبا لأتمكن من إنقاذ الضحية التي تعد أهم نتيجة نسعى لتحقيقها. وفي المقابل يكون تأثري كبيرا عند الفشل في إنقاذ الضحية نتيجة تدخل بعض العوامل كالتأخر في الاتصال بنا''. وحول دور المرأة في مجال الحماية المدنية قالت: ''الحماية المدنية اليوم لا يمكنها ان تستغني عن دور المرأة خاصة عند دخول الفرق إلى المنازل للقيام بعمليات الإنقاذ أو الإسعاف، لأن بعض الضحايا من فئة النساء يحبذن أن يكون المنقذ امرأة بدلا من الرجل، ما يسمح لها بالبوح ببعض التفاصيل لها، ليس هذا فحسب بل أصبح بعض الذين يتصلون بنا عند وقوع حوادث يشترطون أن تكون بين أعوان الحماية المدنية نساء، وهذا ربما ما فتح المجال أكثر للمرأة حتى تقتحم هذا المجال باعتبار أن المجتمع الجزائري تحكمه بعض الضوابط الدينية والأخلاقية. من جهة أخرى تتحدث سهيلة عن الدعم الذي تتلقاه المرأة في ميدان العمل من طرف الرجل قائلة ''نحظى باحترام كبير في عملنا بمقر الحماية المدنية، فعلى الرغم من أنه لا وجود لفرق بين المرأة والرجل عند التدخل أو الإسعاف إلا أن عملنا الجماعي وحبنا للمهنة جعلنا نعيش في جو عائلي يسوده الاحترام المتبادل والرغبة الجامحة في مد يد العون لكل من يتعرض لحادث.