تزامنا مع الذكرى السابعة عشر لاغتيال أسد وهران عبد القادر علولة، يعيد المسرح الجهوي لقسنطينة إلى الركح مسرحية ''الأجواد'' التي كتبها وأخرجها وأنتجها علولة عام ,1985 وذلك ضمن تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية''، أيام 16 ,15 و17 مارس الجاري. "الأجواد'' خضعت ل''صياغة جديدة'' تحت إشراف الفنان نور الدين هاشمي (مخرج جزائري مقيم منذ عشرين سنة بألمانيا)، وسيقوم بمختلف أدوار هذه المسرحية التي تمّ تركيبها في ظرف شهرين ونصف نخبة من ممثلي المسرح الجهوي بقسنطينة ثمانية عشر ممثلا مسرحيا منهم الممثل حمودي حمزة، عنتر هلال، إيزام الزبير، دلوم محمد، قريشي صبرينة وغيرهم من الممثلين الذين سيجسدون طموحات وأحلام المواطن الجزائري البسيط في قالب من الحبكة القصصية ذات المنهجية التجريبية الحديثة المأخوذة من التراث الشعبي المستوحى من فضاءات المجتمع الجزائري والموصولة فيما بينها بحلقات يتوسطها ''الوال''. وترتكز الطبعة الجديدة ل''الأجواد'' على الشعر الملحمي البطولي لأبطال الظلّ متواضعين''، ويتعلّق الأمر بقصّة أولية لعبد القادر علولة التي تبرز ''الحياة اليومية للجزائري بصفة عامة على غرار حارس ثانوي ''بوّاب'' وطموح عامل بسيط بمستشفى وتطلّعات النقابي الذي حنّ ورفق وتأثّر لحالة إهمال حيوانات بالحديقة العمومية لمدينته ويضع ''هيكلا موازيا'' لعلاجهم وتغذيتهم، ويراهن المسرح الجهوي لقسنطينة على ''الجواد'' ليعيد إنتاج العمل والنجاح أيضا الذي عرفته في طبعته الأصلية منذ أول عرض أصلي له عام ,1985 حيث أبدع الفنان القدير صيراط بومدين، محمد حيمور، فضيلة حشماوي وغيرهم في تقديمه وحفرها في ذاكرة الجزائريين آنذاك. ومعروف عن الراحل عبد القادر علولة أنّه نجح إلى حدّ كبير في كسر الجدار الرابع بخلق جسر تواصل بين الممثل والجمهور في فضاء دائري يحوي سينوغرافيا بسيطة تعبّر بشكل جليّ عن معاناة الطبقة البسيطة من المجتمع قبل ربع قرن من الآن من أجل فتح المجال للنقد البناء ومشاركة الجمهور في كلّ عمل درامي. وجسّدت ثلاثية عبد القادر علولة ''الوال''، ''اللثام'' و''الأجواد'' بشكل فني وواقعي في آن واحد الواقع الجزائري الذي أنهكته البيروقراطية، الصراع وتدهور القدرة الشرائية لدى المواطن الذي أصبح يعبّر عما يريد في أحلامه التي عبر عنها ''الوال'' في مسرحية ''الأجواد'' بشكل ساحر، حيث ينتقل من وضعية إلى أخرى من راو إلى وال إلى ممثل مسرحي من الطراز الأول. وفي سياق الفعاليات المسرحية لتظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية''دائما، تمّ بحر الأسبوع الفارط عرض مسرحية ''ألف تحية لعرفية'' للمسرح الجهوي لمعسكر، من إخراج ميسوم لعروسي واقتباس امحمد بن قطاف عن نصّ كتبه الروائي الكبير محمد ديب عام 1977 ولم ينشر إلاّ في ,1988 وهي مسرحية توظّف تاريخ ثورة التحرير وتفاصيلها الدقيقة لرسم الواقع المعيش للشعب الجزائري بمختلف أجياله، اعتمادا على شخصية المجاهدة ''عرفية'' العارفة بخبايا الثورة وأسرارها والتي تحاول نقلها إلى الأجيال الصاعدة. واعتمد المخرج وفق رؤيته الركحية على بناء لوحات كوريغرافية لغتها الرقصات الفنية والموسيقى، لتجسد الصراع السائد والمشاكل الاجتماعية التي يكابدها أفراده مع وقفات تاريخية يفرضها استرجاع الشخصية الرئيسية في المسرحية المجاهدة عرفية لبعض وقائع الثورة التحريرية، قصد الاستفادة منها في تفادي سلبيات الحاضر. وتستمر سلسلة العروض المدرجة ضمن تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية''، حيث سيكون عشاف أب الفنون على موعد مع ''البودالي أو ثورة بلحرش'' من إخراج صونيا عن نص لسليم سوهالي وإنتاج المسرح الجهوي لسكيكدة أيام 11 ,10 و12 أفريل المقبل، و''ليالي الموت'' لمسرح سيدي بلعباس عن نص لاحميدة العياشي أيام 11 ,10 و12 ماي القادم، وأيضا ''قهوة الرمان'' عن نص محمد ديب وإخراج علي عبدون للتعاونية المسرحية ''العفسة".