دعت الجزائر إلى إجراء دراسة من قبل كافة الجهات المعنية في مجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف لتقييم استراتيجية العمل المعتمدة للرد على الانتهاكات الخارقة لحقوق الإنسان بسبب تنامي ظاهرة اختطاف الرهائن في عدة مناطق من العالم وخاصة في منطقة الساحل. مع التفكير في كيفية إنصاف الضحايا وسبل نقل تلك المعايير إلى منظمات أخرى وإيجاد مبدأ للتصدي لعملية دفع الفدية التي يتم استخدامها في تمويل عمليات إرهابية أخرى. أبرز مستشار الرئاسة السيد كمال رزاق بارة في مداخلته أمام الدورة 16 لمجلس حقوق الإنسان مساء أول أمس، أن ظاهرة اختطاف المدنيين واحتجازهم كرهائن، تنامت وتحولت إلى ''صناعة مما يستوجب تعاونا دوليا لمواجهتها''. مشيرا إلى أن العالم لم يحقق كل ما تمناه منذ أن تفاقمت''. وأشار إلى أن تلك الصناعة قد وفرت مداخيل كبيرة للجماعات الإرهابية بمنطقة الساحل والمقدرة منذ 2003 ب150 مليون دولار جنتها الجماعات التابعة للقاعدة بفضل تساهل بعض الحكومات الغربية في دفع الفدية وكذا ''بروز ظاهرة التعاقد من الباطن لاختطاف رهائن''. وقال إن هذا الوضع قد ساهم في توسع انتشار هذه الظاهرة المنافية لحقوق الإنسان واللوائح الدولية، مما يهدد استقرار هذه المناطق والأمن الدولي بشكل عام، في الوقت الذي تم فيه الإقرار بأن ظاهرة الإرهاب تشكل تحديا يستوجب رفعه، مشيرا إلى أنه بقدر ما يتطلب الأمر التجند لتفعيل سبل الوقاية منها، بقدر ما نحتاج إلى البحث عن سبل اجتثاثها من الجذور، ولن يتأتى ذلك إلا بتكاتف جهود كافة الأطراف الدولية سواء كانت دولا أو منظمات حكومية أو منظمات المجتمع الدولي. وقال إن الوصول إلى تعريف دولي للإرهاب كان بإمكانه أن يعزز هذا التجند بانخراط الأطراف الدولية الأخرى سواء ذات الطابع العلمي أو السياسي، من منطلق أن هذه الآفة بمختلف أشكالها ومظاهرها لا تنتهك حقوق الإنسان فحسب بل لا تعترف بها إطلاقا. وعليه أشار السيد بارة إلى أن اختطاف الرهائن يعد مظهرا من مظاهر الإرهاب وأن المجموعة الدولية لطالما أدانته باعتباره يهدد الأمن الدولي مثلما أقرته لوائح الجمعية العامة ومجلس الأمن للأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان. كما رفض ممثل الجزائر حصر الظاهرة في دولة دون أخرى وأن محاربتها تعني حدودها الداخلية فقط مع حماية رعاياها في الخارج، مشيرا إلى أن التصدي للظاهرة يجب أن يعكس الإرادة المشتركة لجميع الدول مهما كان مصدر هذا الإرهاب أو جنسيته في إطار احترام المعايير الدولية ومواثيق حقوق الإنسان الداعمة للعدالة والمساواة والكرامة الإنسانية. كما أوضح السيد بارة أن سلوك الدول التي تدفع الفدية للإرهابيين مقابل الإفراج عن رعاياها ينافي اللوائح الدولية وتشجع نشاط الإرهابيين في مناطق فقيرة سرعان ما ينقطع عنها السياح، مما ينعكس سلبا على دخل العديد من العائلات التي تعودت على الاسترزاق من صناعاتها التقليدية التي يقبل عليها الأجانب بكثرة، مضيفا أنه حتى العديد من المنظمات الحقوقية الدولية التي تعمل في إطار برامج التنمية والنشاط الجواري ترفض حاليا التوجه إلى تلك المناطق تحت حجة الخوف من الإرهاب. ولم تبتعد كلمة السيد ادريس الجزائري سفير الجزائر بمجلس حقوق الانسان بجنيف عن رؤية مستشار الرئاسة، حيث أشار إلى أن اللائحة 26 /13 للمجلس واضحة في هذا المجال كونها تدين كل أشكال وأساليب الإرهاب ومظاهر تمويله، مع الدعوة إلى الالتزام بتعزيز جهود المجموعة الدولية للتصدي لهذه الظاهرة التي تنتهك حقوق الإنسان. كما أوضح أن العديد من الخبراء يقرون بأن استمرار الإرهاب في الساحل مرده إلى المداخيل التي يجنيها الإرهابيون من خلال المطالبة بدفع الفديات مما يضفي ''الطابع الاقتصادي ''على النشاط الإرهابي والذي سبق للمستشار بارة وأن أشار إليه. وتساءل السيد الجزائري كيف يمكن أن تقوم دول تدعي احترامها لحقوق الإنسان بدفع مبالغ مالية كبيرة للإرهابيين بحجة حماية رعاياها، في الوقت الذي يعد فيه هذا السلوك انتهاكا لهذه الحقوق، وكيف يمكن لبعض الدول أن تعرض خدماتها للوساطة بين الإرهابيين الذين يختطفون الرهائن وبين دول مستعدة لدفع الفدية دون الأخذ بعين الاعتبار النتائج السلبية التي تنعكس على الجانب الإنساني والاقتصادي في المنطقة. وكانت الجزائر قد تقدمت في 17 ديسمبر 2009 بلائحة أمام مجلس الأمن تقضي بتجريم دفع الفدية، حيث تبناها فيما بعد المجلس، مثلما تبناها وزراء العدل العرب خلال اجتماع مجلسهم شهر ديسمبر الماضي واجتماعات الاتحاد الإفريقي.