حذر السيد كمال رزاق بارا مستشار لدى رئيس الجمهورية من التهديد الخطير المحدق بالأمن الدولي بسبب ظاهرة احتجاز الرهائن من طرف المجموعات الإرهابية وطلب الفدية وإطلاق سراح الإرهابيين مقابل إطلاق سراح الرهائن حيث دعا إلى اتخاذ إجراءات لإجبار الدول على احترام التزاماتها. في مداخلته في إطار الاجتماع الثاني لمنظمة الأممالمتحدة حول الاستراتيجية العالمية ضد الإرهاب الذي عقد من 7 إلى 9 سبتمبر في نيويورك وخصص لموضوع ''الفدية كوسيلة لتمويل الإرهاب'' أشار السيد بارا إلى أن ظاهرة حجز الرهائن من طرف المجموعات الإرهابية في خليج عدن والمحيط الهندي والساحل الإفريقي وفي أماكن أخرى من العالم وطلب الفدية لإطلاق سراح الإرهابيين المحبوسين مقابل إطلاق سراح الرهائن ''بات متفشيا ويهدد استقرار هذه المناطق والأمن الدولي''. وذكر في هذا الصدد أن فعالية الإجراءات المتخذة لحد الآن لمكافحة تمويل الإرهاب الدولي ''أجبرت المجموعات الإرهابية وعلى رأسها القاعدة على اللجوء إلى طرق بديلة لا سيما منها التهريب والمتاجرة في المخدرات والأسلحة وكذا عمليات الاختطاف مقابل دفع الفدية''، مضيفا أن ''ذلك ما يجري فعلا في منطقة الساحل الإفريقي، حيث أصبح هذا العمل نمط تمويل مربحا بالنسبة للمجموعات الإرهابية التي تنشط تحت لواء القاعدة''. وبعد أن أشار إلى الضجة الإعلامية الكبيرة التي تثيرها عمليات اختطاف الرهائن، أوضح السيد بارا أنها تضغط في نفس الوقت على البلدان التي تنتمي إليها الرهائن متأسفا بهذا الشأن لكون بعض الدول تساهم من خلال الرضوخ لهذا الابتزاز في تشجيع المجموعات الإرهابية على الاستمرار في نشاطاتها الإجرامية: ''يبدو على أية حال أن ما يهم البعض من هذه الدول هو أمن رعاياها فحسب بالرغم أنهم يعلمون جيدا أن أموال الفديات المحصلة يستعملها الإرهابيون في نشاطاتهم الإجرامية لاسيما لاقتناء الأسلحة والوسائل اللوجستية المتطورة''. وبعد أن تطرق بإسهاب إلى مختلف عمليات حجز الرهائن التي ارتكبتها المجموعات الإرهابية في الساحل الإفريقي والتي نفذت في سياق تميز منذ سنة 2005 بتصاعد كبير للأعمال الإرهابية التي ترتكبها المجموعات المسلحة التي تنشط تحت اسم القاعدة في المغرب العربي الإسلامي وتستهدف مجموع بلدان شبه المنطقة سواء في شكل اغتيال الأجانب (فرنسيون وأمريكيون في موريتانيا) أو في شكل هجمات انتحارية (موريتانيا والنيجر) أو اعتداءات ضد قوات الأمن (مالي والجزائر)، أشار السيد بارا إلى أن عمليات الاختطاف التي استهدفت غربيين في الساحل الإفريقي جلبت للإرهابيين أكثر من 50 مليون أورو يضاف إليها مبلغ 100 مليون أورو في أشكال مختلفة. وأوضح ممثل الجزائر في هذا الصدد أن المراقبة الأمنية أظهرت أنه بعد تحديد الضحية المستهدفة يقوم الإرهابيون بتنفيذ عملية الاختطاف في اغلب الأحيان عن طريق قطاع طرق ومهربين محليين مقابل مبلغ من المال يتراوح بين 10 و50 مليون فرنك إفريقي. ولاحظ في هذا السياق أن ''الإعلان على الاختطاف يتم حسب الحالة سواء عن طريق بيان أو مكالمة هاتفية مع أعضاء عائلة الرهينة أو ممثلين عن الدولة التي تنتمي إليها أو عن طريق وسائط بين سلطات البلد المستقبل أو الرسائل. كما يتم تبني العملية باللجوء إلى انترنيت أو محطات تلفزيونية فضائية مثل الجزيرة. وبعد تقديم مطالبها تباشر المجموعات الإرهابية مسار مفاوضات مباشرة وغير مباشرة تفضي في حالة عدم التفاهم إلى تحديد مهلة كآخر أجل للتعجيل في التوصل إلى اتفاق''. ويرى السيد بارا أن ''تصريحات الإرهابيين الموقوفين تسمح اليوم بالتأكيد أن المبلغ القاعدي المطلوب لإطلاق سراح رهينة ما يقارب 5 ملايين أورو''. ولدى تطرقه إلى دفع الفدية المتبوع بالإفراج عن الإرهابيين المعتقلين مقابل إطلاق سراح الرهائن، أكد السيد رزاق بارا أن ''إحدى ثوابت الإرهاب العابر للقارات تتمثل بالتأكيد في قدرته على التكيف بل وحتى التحول وفقا للتعديلات المتواصلة التي يتم إدخالها على القوانين الدولية لمكافحة الإرهاب. ولهذا السبب نرى في الآونة الأخيرة المطالبة بالإفراج عن الإرهابيين المعتقلين مقابل إطلاق سراح الرهائن بالإضافة إلى دفع الفدية''. وأشار إلى أن ''مثل هذا المسعى يطرح مشكلا كبيرا فيما يتعلق بالأمن الدولي كما يفتح ثغرة خطيرة في العمل العالمي لمكافحة الإرهاب''. وأضاف أن ''هذا الوضع يتخذ أبعادا مثيرة للقلق عندما يكون الإرهابيون المفرج عنهم معنيين بطلب تسليم أو ترد أسمائهم على القائمة التي وضعتها اللجنة 1267 التي تأسست بموجب اللائحة 1267 (1999) لمجلس الأمن الأممي. ومن الظاهر أن هذه الطريقة الجديدة تعد على جميع الأصعدة إشارة تطور مناقضة للجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لنضب مصادر تمويل الإرهاب كما يعد خرقا للترتيبات التي تم وضعها في هذا المجال بما فيها الأخير: اللائحة 1904 التي صادق عليها مجلس الأمن الأممي في ديسمبر .''2009 واعتبر في هذا الصدد أنه بالرغم من الجهود المبذولة يبدو أن الإطار القانوني الحالي في مجال مكافحة تمويل الإرهاب لا يتضمن عناصر نظام فعال بالقدر الكافي لمواجهة التحديات المعقدة المنجرة عن هذه الظاهرة مضيفا أن ''الأحداث الأخيرة أظهرت أنه بغياب معيار قانوني ملزم يصبح احتجاز الرهائن أمرا معقدا عندما يكون متبوعا بالمطالبة بدفع فديات معتبرة بالإضافة إلى الإفراج عن إرهابيين معتقلين''. وأمام هذا التطور الخطير ''لا يمكن للمجتمع الدولي أن يبقى ساكنا وأن يفتح المجال أمام كل الانحرافات المنجرة عن أعمال أحادية الطرف غير منسقة وغير متشاورة لا تعمل سوى على تأزيم الوضع. وهكذا فإن المجتمع الدولي مستوقف من جديد من أجل تكفل فعال بهذا المشكل من خلال تعزيز كافة الإجراءات التي تم اتخاذها بموجب اللوائح 1373 و1267 و1904 لمجلس الأمن الأممي''. وأضاف أن ''وضع قواعد جديدة وترتيبات تنبيه إزاء الدول التي لا تحترم التزاماتها يصبح حاسما الأمر الذي يتطلب التزاما أقوى من قبل الدول وكذا إسهاما أكبر من منظومة الأممالمتحدة''. وأكد أنه حتى وإن كان قرار مجلس الأمن رقم 1904 المؤرخ في ديسمبر 2009 يشمل جوانب إيجابية فإنه لا يدعو إلى تجريم دفع الفديات للإرهابيين. مما شجع المجموعات الإرهابية على مواصلة عمليات الاختطاف حيث أصبحت تلجأ إلى المناولة لدى شبكات الإجرام المنظم (حالات الفرنسيين بيار كامات وميشال موريس جيرمانو والدبلوماسيين الكنديين (2) وال3 إسبانيين والإيطاليين (2)''. وعلى أساس هذا التحليل الواسع أوصى السيد رزاق بارا انه امتدادا لقرار الاتحاد الإفريقي الذي اتخذ خلال قمة سرت (ليبيا) في جوان 2009 من الجدير دعوة المجموعة الدولية إلى العمل من أجل تحسين الإجراء القانوني الدولي لمكافحة الإرهاب من خلال المصادقة على قرار خاص لمجلس الأمن للأمم المتحدة يضم إجراء قانونيا أكثر تشددا من الإجراء الموجود في لائحتها رقم 1904 الذي من المقرر أن يجرم سواء دفع الفديات أو اطلاق سراح المساجين المتهمين بنشاطات إرهابية مقابل تحرير الرهائن. وأوصى أيضا بالمصادقة على لائحة للجمعية العامة تمنح عهدة لهيئاتها المؤهلة للشروع في مسار لإعداد إجراءات تكميلية للاتفاقيات المتعلقة بهذا والموجودة من قبل وهي الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب لسنة 2002 والاتفاقية الدولية لمكافحة احتجاز الرهائن لسنة .1979 وصرح أن هذا هو شرط ''التوصل إلى تنظيم مكافحة الإرهاب الدولي والخروج بنتائج من شأنها المساهمة في إعادة إحياء مسار التعبئة ضد الإرهاب وإعطاء مضمون ملموس للمكافحة العالمية لهذه الآفة مثلما هو منصوص عليه في الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب للأمم المتحدة''.