قد تتلخص المطالب الاجتماعية في السكن والشغل وتحسين القدرة الشرائية. وهي مطالب طبيعية في أي مجتمع لا نقاش فيها ولا اختلاف عليها. لكن الآفة التي تنخر المجتمع والاقتصاد هي البيروقراطية التي ضربت أطنابها في معظم هيئاتنا وإداراتنا. والحديث عن هذه الظاهرة لا يقتصر فقط على الممارسات البيروقراطية للأشخاص من وراء مكاتب الإدارات والمرافق العمومية، بل تشمل أيضا المشرع والذي يصدر القوانين، بحيث يواجه المواطن جبهتين، الأولى: جبهة الممارسات البيروقراطية لذوي الذهنيات البائدة والمتحجرة التي لا تريد مسايرة التطور والتحولات، انحرفت بالمهنة نحو الفساد والرشوة والثانية: ثقل الملفات الإدارية الذي ينهك المواطن في البحث عن هذه الوثيقة أو تلك. ففي الوقت الذي وصلت المجتمعات المتطورة إلى رقمنة المعلومات الشخصية والاكتفاء ببطاقة واحدة تتضمن كل المعلومات، ما زلنا نحن نفرض العشرات من الوثائق لاستخراج بطاقة هوية أو تجديدها مع كل ما يسببه ذلك من ضرر للمواطن وللخزينة نفسها التي تنفق أموالا طائلة لطبع أوراق ووثائق يمكن الاستغناء عنها، فمثلا لماذا يطلب من المواطن ملفا كاملا لتجديد بطاقة التعريف أو رخصة السياقة أو حتى جواز السفر والملفات الأصلية موجودة لدى الإدارة؟! لقد حان الوقت للتفكير في إجراءات جديدة تخفف من هذا العبء الثقيل للبيروقراطية.