تشهد الجبهة الاجتماعية منذ مطلع 2011 احتجاجات متواصلة مست عددا من القطاعات وهي احتجاجات زادت حدتها خلال الفترة الأخيرة وتركزت أساسا حول ملفات السكن، البطالة، القدرة الشرائية، الأجور، القوانين الخاصة للقطاعات، إصلاحات الجامعة، الحُريات وغيرها من الملفات المرتبطة مباشرة بيوميات المواطنين، وبالرغم من الإجراءات المتخذة من قبل السُلطات إلا أن مسار الحراك الاجتماعي يتجه نحو التصعيد وذلك في انتظار التجسيد الميداني للقرارات التي انتهى إليها مجلس الوزراء والتي ستتضح أكثر في اجتماعه المرتقب نهاية الشهر الجاري. في حوصلة قصيرة للاحتجاجات المُسجلة على المستوى الوطني، نجد فئة البطالين التي لم نشهد لها من قبل مثل هذه التحركات بسبب الضعف الكبير الذي تُعاني منه الجمعيات المحلية والوطنية في التأطير وعدم تكفل منظمات نقابية بشكل مباشر بهذه الفئة ما جعلها ينتفض بشكل آلي والتعبير بكل الطرق عن مشاكلها المتمحورة أساسا حول الحصول على منصب عمل، إضافة إلى احتجاجات موظفو ما قبل التشغيل الذين لجأوا بدورهم إلى المُطالبة بضرورة إدماجهم بشكل نهائي في مناصبهم بعدما ثبت ميدانيا أن العمل لمدة سنة أو سنتين لا يعني أن مشكل البطالة قد حُل. ولا أحد يُنكر أن الانتفاضات الشعبية التي حدثت في تونس ومصر كانت ولو بنسبة محدودة وراء تصاعد الاحتجاجات التي تشهدها الجزائر والتي زادت حدتها خلال شهر فيفري الجاري، ففي الوقت الذي أرادت فيه التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية السير وسط العاصمة استغل مواطنون فُرصة انشغال مصالح الأمن ليقتحموا سكنات شاغرة وهي ليست المرة الأولى التي يقوم فيها مواطنون بمثل هذا الفعل باعتبار أن آلاف السكنات لم تُوزع بالرغم من استكمال عملية الانجاز، ناهيك عن كون التلاعب بهذا الملف لا يزال قائما رغم الإجراءات الصارمة التي اتُخذت من قبل السلطات خلال السنوات الأخيرة. ولا تقتصر الاحتجاجات على ملف البطالة والسكن بل تمتد إلى ملفات أخرى كالقدرة الشرائية، الأجور، القوانين الخاصة للقطاعات، إصلاحات الجامعة وغيرها، وهو ما يتجسد ميدانيا في الإضراب المفتوح الذي باشرته نقابة عمال شبه الطبي بقطاع الصحة العمومية منذ يوم الثلاثاء الماضي إضافة إلى الاحتجاج الذي شنته التنسيقية الوطنية للأسلاك المشتركة والعمال المهنيين بداية فيفري وكذا الاعتصام الذي قامت به التنسيقية الوطنية للمساعدين التربويين مؤخرا أمام مقر وزارة التربية الوطنية والمديريات الولائية، مع ارتقاب شن عمال البلديات لإضراب وطني بداية من 21 فيفري الجاري بعدما احتج مئات من عناصر الحرس البلدي بكل من البليدة، برج بوعريريج، ميلة وسطيف، ناهيك عن الاحتجاجات المُسجلة على مستوى الجامعة والتي يرفض من خلالها الطلبة النظام الجديد المُطبق في الماستر. وقد سارعت السلطات الجزائرية منذ احتجاجات 5، 6، 7 و8 جانفي الأخير التي شهدتها مختلف ولايات الوطن إلى اتخاذ إجراءات استعجالية لتهدئة الجبهة الاجتماعية، بحيث لجأ الرئيس بوتفليقة إلى عقد مجلس وزراء شدد فيه على ضرورة إعادة النظر في عدد من القضايا المرتبطة بيوميات المواطن وطلب من الحكومة اتخاذ كل التدابير الكفيلة بتحقيق مطالب الشباب وتسهيل الحياة على المواطنين وتقديم اقتراحاتها في ظرف لا يتعدى الشهر، وهو فعلا ما بدأ يتجسد في الميدان من خلال بعض التدابير المُعلن عنها كإلغاء بعض الإجراءات البيروقراطية الممارسة عبر الإدارات العمومية وكذا التوجه نحو توزيع السكنات الجاهزة وتغيير سياسة التعامل مع الشباب البطال، وفتح بعض القطاعات الوزارية لمجال الحوار مع النقابات، لكن يبدو أن ذلك لم يكن كافيا ولم يُهدئ من الغضب الذي عبرت عنه هذه الفئات سيما الشباب البطال الذين ينتظرون في تجسيد القرارات التي انتهى إليها مجلس الوزراء والكشف في الوقت نفسه عن الإجراءات الجديدة التي أعلن بعض الوزراء أنه سيتم الإفصاح عنها خلال الاجتماع المقبل لمجلس الوزراء المرتقب نهاية شهر فيفري الجاري.