بمبادرة من الجمعية الفنية السينمائية ''أضواء'' يعرض هذا الخميس بقاعة ''سييرا مايسترا'' آخر أعمال المخرج الجزائري الغوتي بن ددوش ''أرخبيل الرمال'' الذي انطلقت عملية تصوير مشاهده عام 2007 ضمن الفعاليات السينمائية لتظاهرة ''الجزائر عاصمة الثقافة العربية''. وجرى تصوير مشاهد هذا الفيلم في ثلاث مناطق جزائرية هي العاصمة الجزائر، بسكرة ووادي سوف، وتدور أحداثه عام ,1939 اختزلها المخرج بن ددوش في حوالي ساعة ونصف من الزمن، حيث أراد أن يقدّم عملا يلامس التسامح والتفتّح على الآخر خلال فترة منسية من تاريخ الجزائر وطرح جديد للاستعمار الفرنسي والعلاقات الإنسانية المبنية على الصراعات والتنوّع الثقافي. الفيلم الذي جسّد شخوصه عدد من الممثلين الجزائريين على غرار حميد رماس وياسين بوجملين، والاجانب كايمانويل تيكسيرو، موريال تيكسيرو وفرانك جازيد، يتناول قصة الرسّام الفرنسي جون بيرتيي الذي يفضّل الحياة المدنية على الأكاديمية العسكرية لسان سير، فبعد أن يملّ حياة الغرب حيث الفراغ الروحي وفقدانه لابنه الوحيد وهجر زوجته له يقرّر الهروب نحو الشرق، ولأنّ الشرق في نظره هو الجنوب الجزائري، يحطّ الرحال في بسكرة حاملا معه توصية من عمه السياسي الباريسي صاحب النفوذ. وهو ينزل بأولاد ناصر عند تلاقي التل بالعرق الغربي الكبير، يتعرّض للسرقة ليلتقي في هذه الأحداث مع ''قاسم'' -شيخ إحدى الطرق الصوفية- الذي ينقذ حياته، كما يلتقي الضابط الفرنسي العنيف والفاسد ''العقيد لاسال'' الذي يشرف على واحة أولاد ناصر وهو ما جعله يرفض البقاء في الحامية ويتّجه إلى قرية الأهالي، وهناك يتعلّم تقاليد أهل الجنوب والقواعد الروحية للتصوّف. وفي خضم هذه التطوّرات، يصدر أمر عسكري بتحويل واحة أولاد ناصر إلى ثكنة عسكرية وحظيرة قارية وبالتالي تهجير السكان الأصليين، ويستعين العقيد لاسال -في تطبيق أوامر الإدارة الاستعمارية في الظاهر وتوجيهات بنك كولونيالي في الباطن- بالباشاغا بن سليمان، ليترك بيرتيي بذلك أولاد ناصر ويعود إلى باريس لعرض لوحاته التي أبدعها بالجنوب الجزائري. ويصل الرسّام الفرنسي إلى حقيقة واحدة هي أنّ حياته ترتكز في الجنوب، فيحدث القطيعة مع كلّ ما يربطه بحياته السابقة، وفي هذه الأثناء تعيش منطقة أولاد ناصر كلّ أنواع القمع والغطرسة الفرنسية الاستعمارية، لتجول في خاطر بيرتيي تساؤلات عديدة حول الغاية من الاستعمار، ويجد نفسه في صفّ المناهضين لكلّ أشكال الاستعمار والمدافعين عن حقوق الإنسان وكذا دعاة التسامح والتفتّح على الآخر وكذا الحرية في مواجهة همجية الاستعمار. وللإشارة فإنّ المخرج الغوثي بن ددوش من مواليد مدينة تلمسانالجزائرية عام ,1936 درس فن السينماتوغرافيا وتخرّج من المعهد العالي للفنون السينمائية في باريس، ويعتبر من المخرجين الجزائريين الذين لهم بصمة واضحة على السينما الجزائرية من خلال أفلامه الوثائقية أو التاريخية أو الروائية ومنها: ''الليل يخاف من الليل'' ,1965 ''جزائرنا'' 1967(فيلم وثائقي حربي)، ''العرق الأسود'' ,1970 ''الحصاد المر'' 1982 و''الجارة'' ,1989 كما شارك في العديد من المهرجانات الدولية من خلال أفلامه المختلفة، ونال عدداً من الجوائز.