عشقت الفنانة ناريمان سادات الصحراء وتأثرت بجمالها المميّز، أبعد من ذلك فقد كانت لها الملهمة والمادة الرئيسية في إبداعها، وهو ما ظهر جليا في معرضها الذي تجري فعاليته في فندق الهلتون، حيث أخذت حجارة من مناطق مختلفة من صحرائنا، وأعادت رسم النقوشات التي تزين طبيعة الطاسيلي ووضعتها في لوحات متنوعة الأشكال والأحجام. لكل حجر حكاية وموضوع يحمله ومميزاته التي لا تشبه نظيره من الحجارة، وكأن الحجر بدوره يحمل موّرثة تجعله فريدا من نوعه، حتى انه شكلّ موضوع العمل الفني لناريمان سادات التي اختارت حجارة من الصحراء الواسعة وأعادت عليها رسم النقوشات التي تزين الطاسيلي وتؤكد على أصالة المنطقة وتراثها العريق. وفي هذا السياق، أعادتنا ناريمان بمعرضها إلى ملايين السنين خلت، حيث كان الإنسان يعبرّ ويتحدث من خلال رسومات ينقشها على الحجارة والكهوف، وعن هذا قالت ل ''المساء''، أحب التراث وأعشق الصحراء وبالأخص رسومات الطاسيلي، وبما أنني متخصصة في التزيين على الحجارة والزجاج، فقد قررت أن تكون أعمالي الحالية على هذه الشاكلة أي أنني أعيد رسم النقوشات التي تؤكد لنا عراقة تاريخنا الأشم على حجارة جلبت لي من الصحراء''. ولع ناريمان بالطاسيلي، جعلها تعيد علينا رسم اللوحات الفنية التي رسمها أجدادنا في السابق وتسلط الضوء على تراث علينا الافتخار به، وفي هذا تقول: ''أريد أن ابرز أكثر تراثنا الذي يعود إلى ملايين السنين، للجمهور المحلي أولا ومن ثم الأجنبي منه، وهذا من خلال إضفاء صبغة عصرية عليه''. وأعادت ناريمان بعض رسومات الطاسيلي في حجارتها فرسمت الإنسان وهو في حالته المتعددة مثل الصيد والرعي أو حتى في حالاته الطبيعية فرسمته جالسا أو قائما أو برفقة طفله أو حتى زوجته، أما عن الحيوانات المرسومة فقد كانت المعروفة في تلك الفترة مثل الظبي والفيل والطيور بأنواعها والجمال. وعن طريقة اختيارها للحجارة التي ترسم عليها، قالت ناريمان أنها تختار الحجر الذي يمكن لها أن ترسم على سطحه، معتبرة أن كل رسم يتبع الحجر وليس العكس أي أن شكل ومساحة الحجر هو الذي يحدد نوع الرسم، كما اختارت صاحبتنا حجارة من البحر باعتبار أن الصحراء بدورها كانت في السابق، بحرا. واختارت ناريمان أن يكون عمق لوحاتها باللون الأخضر والعنابي والفضي والرملي وهي الألوان التي نجدها في الصحراء، فالفضي مثلا هو لون حلي التوارق، بالمقابل زينت بعض دواخل لوحاتها بالرموز البربرية، كما تنوعت لوحاتها أيضا من حيث عدد الحجارة التي تضمها، فشملت لوحة ما ثلاثة أحجار مثلا ولوحة أخرى حجرا واحدا، وهناك حجارة أخرى وضعت على ركائز حديدية. وتمنت الفنانة أن تنتقل في يوم من الأيام إلى الطاسيلي وأن ترى بأم عينيها هذه الآثار العريقة، بدلا من اقتصارها اللحظة على البحث في هذا المجال مضيفة أن عملها في الإدارة لم يترك لها الوقت للحراك. للإشارة، يعتبر معرض ناريمان سادات، مميزا من حيث مزج الفنانة فن التزيين والرسم بعناصر طبيعية متمثلة في حجارة الصحراء وكذا من ناحية حمله لرسالتين الأولى جمالية والثانية تثقيفية ليشكل بذلك بصمة جميلة في الفن التشكيلي والتراث معا-.