بلمسات رقيقة تبعث الشابة ناريمان سدات بحسها الفني الراقي إلى قطع صخرية ميتة لتحولها إلى لوحات فنية حية تحاكي حضارة الصحراء وتروي تاريخ منطقة الطاسيلي. استطاعت ناريمان، وفي ظرف أربع سنوات من التكوين في عدد من المدارس الفنية على غرار مدرسة الفنانة المتميزة ''ليندة حمارة'' والفنان ''كمال وتو'' ومدرسة عكاشة طالبي، أن ترسم لنفسها خطا فيا مبتكرا في فضاء الفن التشكيلي الجزائري من خلال مزجها لعدد من التقنيات التي مارستها كتقنية الرسم على الحرير وفنيات الرسم على الزجاج، لتستقر أناملها في آخر المطاف على نمط الرسم على الحجر متحدية جموده وسكونه. استطاعت ناريمان بألوان هادئة هدوء شمس الصحراء وصخور ساكنة سكون حياة رجل الطاسيلي وأنامل أنثى عالية الإحساس بالألوان والأشكال، أن تحول وفي ظرف سنة واحدة أزيد من ستمائة حجرة ميتة مهملة إلى قطع فنية جميلة، قد تعتمد يوما كمرجع تاريخي مادي في دراسة نمط حضارة الطاسيلي. وحسبما صرحت به ناريمان سدات الفنانة والإطار في إحدى شركات التأمين الوطنية في لقائها مع جريدة ''الحوار''، فهي لا تركز ضمن أعمالها على إظهار الجانب الجمالي للقطعة بقدر حرصها على إبراز البعد التاريخي والحضاري للعمل من خلال اشتغالها على هذا الجانب الذي يضفي على لوحاتها وهجا ينبعث من عمق صحرائنا الدافئة . وتوضح الفنانة بأن اختيارها للألوان والأشكال وطريقة تنسيقها للموز وانتقاءها لنوع الصخور لم يكن يوما وليد الصدفة أو العشوائية. وإنما تؤكد الفنانة بأنها خطوات مدروسة مبنية على بحوث واستطلاعات ميدانية تعتمدها ناريمان منهجية عمل ضمنت لها الدقة والتميز خلال مسيرتها الإبداعية التي وإن بدت قصيرة الأمد إلا أنها كانت حافلة بالإنجازات والنجاحات من خلال مشاركتها ضمن عدد من المعارض الجماعية والفردية، آخرها معرضها الفردي برياض الفتح والذي لقي نجاحا كبيرا بشهادة نخبة من الفنانين والمختصين. فيما تحضر ناريمان لتقديم معرض آخر شهر جوان القادم بفضاء الأوراسي، حيث تعتزم إطلاق مجموعتها الجديدة التي ستكون في ذات التقنية، على أنها ستعتمد ضمنها نوعا من الإضافات والرتوشات التي من شأنها إظهار التميز في خط هذه الفنانة الشابة التي تسعى للقيام بجولة ميدانية إلى عدد من المناطق الصحراوية في إطار تطوير معارفها وتقوية مهاراتها الإبداعية. وعلى الرغم من أنها لا تملك ورشة خاصة بها حيث تباشر ناريمان عملها في البيت، إلا أن فكرة الورشة لازالت مشروعا مؤجلا بالنسبة لناريمان التي تركز اهتمامها حاليا على التفاني في عملها والتميز فيه دون أي اهتمام منها بالجانب المادي، حيث تتجنب ناريمان سدات بيع لوحاتها سعيا منها لتحقيق مشروعها الأهم وهو تنظيم معارض عبر كل التراب الوطني بهدف التعريف بأعمالها لكل الجمهور الجزائري.