أجمعت تدخلات نواب المجلس الشعبي الوطني خلال مناقشة مشروع القانون المتعلق بالتأمينات الاجتماعية أمس، على أهمية الجهود التي تبذلها الدولة في مجال عصرنة وإصلاح منظومة الضمان الاجتماعي وتطويرها، معتبرين النص الجديد خطوة إيجابية في مسار استكمال هذه الإصلاحات، مع تسجيل بعض النقائص المتعلقة أساسا بتأخر عملية تعميم استعمال بطاقة الشفاء، وضرورة إيجاد موارد إضافية لتمويل المنظومة الاجتماعية، في حين عبر ممثل حزب العمال عن اعتراضه على المشروع ودعا إلى سحبه بدعوى ''الحفاظ على التوازنات المالية للمنظومة الاجتماعية، وضمان استمراريتها''. ففي جلسة ترأسها السيد عبد العزيز زياري رئيس المجلس الشعبي الوطني، وغاب عنها نواب كل من التجمع من أجل الثقافة و الديمقراطية والجبهة الوطنية الجزائرية، اللذين قررا تجميد نشاطهما النيابي، التقت غالبية مداخلات النواب في إطار مناقشة القانون المعدل والمتمم للقانون رقم 83-11 المؤرخ في 2 جويلية ,1983 المتعلق بالتأمينات الاجتماعية، في إبراز التقدم الملحوظ الذي عرفته منظومة الضمان الاجتماعي بفعل تطبيق سياسة الإصلاح التي شرع فيها في السنوات القليلة الأخيرة، والتي شملت على وجه الخصوص توقيع الاتفاقيات من أجل تعميم نظام الدفع من قبل الغير لفائدة المؤمن لهم اجتماعيا وإدخال نظام التعاقد في مجال العلاج بين المستشفيات وصناديق الضمان الاجتماعي، علاوة على تعميم استعمال التكنولوجيات الحديثة في إطار عصرنة القطاع وتحسين ظروف التكفل بالمؤمن لهم اجتماعيا، غير أن المداخلات لم تخل من الإشارة إلى بعض النقائص والسلبيات التي لا زالت تطغى على مسار تطبيق إصلاح نظام التأمين الإجتماعي، وكذا إلى بعض الملاحظات المسجلة في مشروع القانون المطروح للنقاش، حيث تم في هذا الإطار تسجيل تأخر تعميم بطاقة ''الشفاء'' على كل المؤمن لهم اجتماعيا، وتحسين أداء المراقبة الطبية من قبل مصالح الضمان الاجتماعي مع المطالبة بفرض تنقل الطبيب المستشار إلى المؤمن له اجتماعيا عندما يكون هذا الأخير من الفئات الهشة، إضافة إلى الدعوة إلى تعميم استعمال التشخيص المبكر لسرطان الثدي على المؤمنات البالغات 40 سنة فما فوق. كما طالب بعض النواب بضرورة تسريع وتوسيع عمليات عصرنة منظومة الضمان الاجتماعي من خلال الاستعمال الأمثل للوسائل الحديثة وتحسين ظروف الاستقبال وترقية ثقافة الخدمة العمومية لدى موظفي الضمان الاجتماعي، فيما دعا البعض الآخر إلى تمديد فترة عطلة الأمومة، التي تمكن الأم من الإرضاع، وبالتالي تقليص مخاطر إصابتها وأبنائها من الأمراض، وأجمعت العديد من المداخلات على ضرورة إيجاد آليات للمحافظة على مكسب مجانية العلاج من خلال إيجاد موارد إضافية لدعم الموارد الحالية التي يعتمد عليها الصندوق والمتمثلة أساسا في الاشتراكات. وفي هذا الإطار وبخلاف ما ذهبت إليه غالبية المداخلات خلال جلسة المناقشة بما فيها الملاحظات التي سجلها مقرر لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتكوين المهني، عبر السيد رمضان تعزيبت النائب عن حزب العمال عن اعتراض حزبه على مشروع القانون، وطالب بسحبه، ''إلى حين تقديم كل الحصائل المتعلقة بنشاط الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وبسياسات ترقية التشغيل''، مقدرا بأن اعتماد هذا المشروع المعدل والمتمم للقانون 83-11 المتعلق بالتأمينات الاجتماعية من شأنه إحداث اختلال في الموارد المالية الموجهة للتأمين الاجتماعي، عكس ما تتوخاه السلطات العمومية من المشروع. وذكر المتحدث في هذا الصدد بهشاشة مناصب العمل التي يشغلها عدد كبير من الجزائريين والتي تجعل قيمة اشتراكهم في منظومة الضمان الاجتماعي ضعيفة، علاوة على ''تأكيد بعض الإحصاءات بأن نحو 50 بالمائة من العمال غير مصرح بهم، واعتراف الوزير مؤخرا بأن مصالح مفتشية العمل حررت أزيد من 7000 محضر مخالفة ضد الشركات الأجنبية العاملة بالجزائر''، وهي كلها عوامل ترهن حسب النائب تعزيبت، مسعى ترشيد نفقات منظومة الضمان الاجتماعي وتهدد ديمومته. وتجدر الإشارة إلى أن وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي السيد الطيب لوح أكد خلال عرضه لمشروع القانون أمام النواب، بأن الأهداف الرئيسية المتوخاة من هذا المشروع هي تحسين نوعية الأداءات والعصرنة وكذا الحفاظ على التوازنات المالية للمنظومة قصد ضمان ديمومتها، موضحا بأن تحسين نوعية الأداءات يشمل الأحكام المتعلقة بتوسيع مجال تطبيق الاتفاقيات المبرمة من طرف هيئات الضمان الاجتماعي في إطار تعميم نظام الدفع من قبل الغير والتي تدرج كافة مقدمي العلاجات والخدمات المرتبطة بالعلاجات. أما بشأن عصرنة الضمان الاجتماعي فذكر الوزير بأن المشرع أدرج إجراءات جديدة في ميدان التأمينات الاجتماعية باستخدام التكنولوجيات الجديدة للإعلام والاتصال ونظام ''شفاء'' لترقية نوعية العلاجات وترشيد نفقات الصحة، في حين يشمل الهدف المتصل بالحفاظ على التوازنات المالية للمنظومة الوطنية للضمان الاجتماعي في إطار المشروع الجديد، نوعين من الإجراءات، منها تلك الرامية إلى تحسين موارد الضمان الاجتماعي علاوة على إجراءات تدعم ترشيد النفقات، وخاصة منها نفقات التأمين عن المرضى. ومن بين الإجراءات الجديدة التي جاء بها المشروع، إلزام هيئات الضمان الاجتماعي بتبليغ المستخدمين بقراراتها المتعلقة بتعويض العطل المرضية، من أجل ردع العمال الذين يستعملون العطل المرضية الممنوحة على أساس المجاملة لأسباب أخرى غير تلك المتعلقة بالمرض، وهذا على حساب الضمان الاجتماعي والمؤسسات الوطنية العمومية، إضافة إلى شروط التكفل بالعلاج الصحي وإجراءات إرسال الملفات الطبية إلى هيئة الضمان الاجتماعي، والتي تم توسيع تطبيقها إلى مقدمي العلاج تحسبا لتعميم بطاقة ''الشفاء'' المقرر في سنة 2013 حسبما أشار إليه المسؤول الأول على القطاع.