دعا رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة إفريقيا في الوقت الراهن إلى تجديد العهد مع ديناميكية الأداء التنموي الذي شهدته دول القارة خلال السنوات الأخيرة، قبل ظهور الأزمة الاقتصادية والمالية. مبرزا أن التنمية الصناعية في القارة تقتضي على وجه الخصوص ترقية الاستثمار وتعبئة الادخار الوطني والدولي لا سيما في مجال استغلال وتحويل الموارد المحلية. وقال في رسالة بعث بها إلى المشاركين في الندوة الإفريقية ال19 لوزراء الصناعة الأفارقة، قرأها نيابة عنه المستشار برئاسة الجمهورية، السيد محمد علي بوغازي، إن إفريقيا سجلت خلال السنوات الأخيرة أفضل أداء تنموي لها منذ عقود زمنية عدة كما تم تسجيل نسب نمو بلغت في المتوسط 6 بالمائة على امتداد العديد من السنين. مبرزا أن ''المطلوب اليوم هو تجديد العهد بهذه الدينامية في هذا السياق الجديد، سياق الخروج من الأزمة الدولية لتحقيق طموح مجتمعاتنا في التنمية العاجلة والمستدامة''. وأوضح رئيس الجمهورية في هذا الشأن أن الأزمة الدولية الحالية قد مست البلدان الإفريقية ''ببالغ القسوة''. مشيرا إلى انه و''بعد سنوات متعاقبة عديدة من النمو القوي عاد النمو القهقرى، حيث نزل إلى أقل من 2,5 بالمائة في قارة تسجل نسبة نمو ديمغرافي تعادل 2,3 بالمائة''. وبعد أن لفت الانتباه إلى أن انعقاد الندوة الإفريقية ال19 لوزراء الصناعة الأفارقة ''يشهد على دأب بلداننا على التشاور حول تطوير الصناعة''، أكد رئيس الجمهورية أنه اليوم استرجعت الإشكاليات الصناعية مكانتها المرموقة في برامج عمل الحكومات وسائر المؤسسات الدولية على حد سواء''. في هذا الصدد أوضح السيد بوتفليقة أن هناك ''انبعاث'' في قطاع الصناعة ''لعلمنا أن القطاع الصناعي في اقتصادياتنا هو الذي يصنع أكثر من أي قطاع آخر المؤثرات والتفاعلات اللازمة للتنمية الاقتصادية''. مضيفا أن ''غلبة الصناعة في التنمية الاقتصادية تبرز في مقدرة هذا القطاع على التجدد وعلى حمل التقدم التكنولوجي وإشاعته. ويرى رئيس الدولة أن ''القطاع الصناعي هو قطاع التمهين وتراكم رأس المال البشري، إنه أكثر القطاعات قدرة على تأمين تطوير الكفاءات وصقل روح المبادرة التي نعلم دورها وأهميتها الحاسمة في التنمية الاقتصادية لبلداننا'' فضلا عن كون الصناعة تشكل مصدرا ثابتا لخلق مناصب الشغل وتطويرها ويسهم من ثمة في تحقيق أولويتنا من خلال تلبية التطلعات المشروعة لشبيبتنا في مجال التشغيل''. أشار رئيس الجمهورية لدى تطرقه إلى تحديات التنمية التي تواجهها قارتنا إلى النتائج المسجلة، موضحا بأنها وإن كانت معتبرة فإنها ما تزال دون الأهداف الإنمائية للألفية وما تزال تتسم بفوارق جهوية عميقة''. مبرزا أنه ''ما انفكت الصعوبات الاقتصادية تثقل كاهل بلدان كثيرة فيما تتجشمه من جهود في سبيل التقدم''. وقالت رسالة الرئيس في هذا الصدد، ''إن هذه التحديات هي في مستوى الأهداف التي حددتها قمة الألفية من أجل التنمية والتدابير التي باشرت إفريقيا تنفيذها للحد من الفقر وتحسين ظروف المعيشة والتوزيع العادل للقدرة الشرائية في قارتنا التي تحصي أكثر من مليار نسمة''. وفي هذا السياق، أكد السيد بوتفليقة أن ''النمو في بعض البلدان ما يزال مرتبطا بما تجود به السماء بسبب غلبة قطاع الفلاحة في اقتصادها. ويسير النمو في بلدان أخرى على وقع اهتزازات أسواق المضاربة التي تحدد سعر الموارد المنجمية التي تصدرها هذه البلدان حسب رغبة الطلب العالمي وأسعار دولية غير مستقرة وفي غالب الأحيان غير مدرة''. واعتبر أن ''العوامل الخارجية هذه تعرض اقتصادياتنا بطريقة عنيفة أحيانا للمخاطر الخارجية ولتقلبات الظرف الاقتصادي الدولي. وربما كانت النتائج التي سجلتها إفريقيا أفضل لو لم يكبحها نقص في البني التحتية في عدد كبير من بلدان القارة'' مؤكدا، في السياق ذاته، أن النمو في إفريقيا ''قد ثبط ولا ريب وألجمه ضُعف المنشآت القاعدية الاقتصادية لا سيما الضرورية منها للصناعة والتجارة سواء على مستوى الطاقة أو النقل أو التوزيع أو الاتصالات''. وانطلاقا من ذلك، شدد رئيس الجمهورية على أهمية تسخير جهودنا لتطوير المنشآت القاعدية من أجل تقليص الفوارق الاقتصادية بين بلداننا ومضاعفة جاذبية اقتصادياتنا وتسريع نموها''. موضحا أن التنمية الصناعية في القارة الإفريقية تتطلب على وجه الخصوص ترقية الاستثمار وتعبئة الادخار الوطني والدولي لا سيما في مجال استغلال وتحويل الموارد المحلية''. إضافة إلى ذلك، شدد الرئيس بوتفليقة على أهمية الدور الذي تضطلع به الحكومات في التنمية الصناعية خاصة من خلال تأمين الحوافز اللازمة والبيئة المناسبة إلى جانب المستثمرين المحليين والمؤسسات الأجنبية، مبرزا أنه لا بد لدور الدولة في الاستثمار أن يتضافر مع إسهام الشراكة الاقتصادية بين القطاعين العمومي والخاص من أجل إنعاش الإنتاج''. وحرص رئيس الدولة، في هذا الإطار، على القول أنه ''ليس هناك إي تناقض بين دور الدولة هذا وسير الاقتصاد الناجع المتفتح على المنافسة والقائم على حرية المبادرة''. وبشأن خطة العمل التي سيتم تنفيذها من طرف دول القارة، أكد الرئيس بوتفليقة أنها ''تشكل أحد المقاليد الحقيقية لإنعاش النمو الصناعي بما يجعل إفريقيا قارة ميممة شطر التنمية الصناعية تشجع المقاولة وروح المبادرة وقادرة على تلبية التطلعات المشروعة لشعوبنا''.