أكد العديد من المهندسين التابعين لخلية الترميم والمحافظة على المدينة القديمة والمكلفين بترميم المدينة القديمة بقسنطينة، أن العنصر البشري ساهم بشكل كبير في تهديم هذه الأخيرة والتأثير على النسيج العمراني القديم بها، حيث أن المواطنين القاطنين بالمدينة القديمة خاصة السويقة العليا أو السفلية يتعمدون الهدم بغرض الحصول على سكنات جديدة، وهو الأمر الذي أدى بخلية الترميم إلى توجيه العديد من الإعذارات الكتابية للمواطنين بالتنسيق مع شرطة العمران. وكشف رئيس مكتب الدراسات المكلف بإعداد الدراسة المتعلقة بترميم المدينة القديمة والحفاظ عليها، أن مكتبه أحصى أزيد من 1164 بناية بالمدينة في محيط ممتد على مساحة 85 هكتارا، منها أزيد من 575 بناية مهددة بالانهيار، مضيفا أن الخبرة التي قام بها المكتب أسفرت عن ضرورة إخضاع 248 بناية لترميمات خفيفة، وأزيد من 190 بناية أخرى لترميمات كبرى، بينما صنفت أكثر من 136 بناية في خانة متقدمة الخطورة. أما عن بنايات السويقة السفلى فأكد المتحدث أن السلطات المحلية وبأمر من والي الولاية قامت بوضع برنامج استعجالي لترميم هذه الأخيرة والتي لم يتبق بها سوى 115 بناية، مشيرا إلى خطورة وضع السكان القاطنين بهذه الأخيرة والمقدر عددهم بألف عائلة، والتي يعيش معظمهم تحت الأنقاض وبقايا البيوت المهدمة، الأمر الذي استدعى تخصيص مبلغ 350 مليار سنتيم في إطار البرنامج الاستعجالي لإزالة الركام وتثبيت الجدران قبل الانطلاق في الترميم. من جهة أخرى وعن سبب تجميد الأغلفة المالية من قبل وزارة الثقافة والخاصة بترميم المدينة القديمة، والتي كانت وراء تأخر ترميم العديد من البنايات، أكد مدير الثقافة بالولاية أن السبب يرجع بالدرجة الأولى إلى غموض في تسيير المدينة القديمة، وكذا اختلاف وجهات النظر حول طرق وكيفية الترميم، مشيرا إلى أن الوزارة كلفت السلطات المحلية بالإشراف على هذه العملية، والتي ستنطلق خلال الشهر المقبل بمجرد المصادقة على مشروع المخطط الذي أصبح جاهزا، وهو المخطط الذي سوف يحدد طرق وكيفية ترميم بنايات المدينة القديمة وتسيير العمل بها وفق قوانين، بهدف المحافظة على التراث المادي بالمدينة، وهذا من خلال تقسيم المدينة القديمة إلى مناطق عديدة، منها مناطق تجارية وسياحية. كما أكدت رئيسة مكتب الدراسات المكلفة بترميم بنايات المدينة القديمة أن والي الولاية قد أعطى تعليمة بضرورة الإسراع في ترميم بنايات السويقة السفلية من خلال البرنامج الاستعجالي، خاصة وأن منظر الخراب طال هذه المنازل وشوه المنظر التاريخي والجمالي للمدينة القديمة، مضيفة أن عملية الترميم هذه ستشمل إنجاز قطب سياحي وثقافي بهذه البنايات، كإنجاز دور ضيافة بوسط البيوت المرممة، وكذا متحف للباس التقليدي وآخر خاص بالصناعات التقليدية، أما عن التكلفة الإجمالية التي وضعها مكتب الدراسات والخاصة بالترميمات والتهيئة فقد قدرها المكتب بألف مليار سنتيم.