أكد العميد مسعودي فيصل مدير المركز الوطني للخبرة الطبية لمستخدمي الملاحة أن أكثر المشاكل الصحية التي يتعرض لها مستخدمو الملاحة الجوية والبحرية تتعلق بأمراض المفاصل وإصابات على مستوى الظهر، تنتج عنها آلام تمنعهم من أداء مهامهم، بالإضافة إلى تلك الإصابات المتعلقة بضعف البصر والدوار، مشيرا إلى أن المركز يسهر على ضمان فحص دوري ودقيق لمختلف فئات مستخدمي الملاحة المدنية والعسكرية، لتأهيلهم وفق المعايير الصحية المتعارف عليها على المستوى الدولي نظرا لحساسية العمل الذي يؤدونه والذي قد يسبب أي عجز صحي يتسبب هو الآخر في حوادث وأخطار. وأضاف العميد مسعودي أن الملاحة الجوية أو البحرية تتطلب أن يتمتع صاحبها بصحة جيدة ولا يعاني من أي مرض نظرا للخطورة التي قد يشكلها أي مشكل صحي على السلامة البحرية والجوية وعلى حياة وأمن الطيار والركاب على حد سواء. وهو السياق الذي قال من خلاله المتحدث في تصريح للصحافة على هامش الزيارة الميدانية التي نظمتها إدارة المركز الواقع بعين النعجة بالعاصمة أمس، للصحافة الوطنية، إن قبول أي إطار للعمل في ميدان الملاحة يتطلب إجراء خبرة صحية دقيقة جدا وفقا للمعايير المعمول بها عالميا والمحددة من قبل المنظمة الدولية للطيران فيما يخص الملاحة الجوية والمعايير المعمول بها في مجال الملاحة البحرية كذلك. لأن ''تمتع شخص بصحة جيدة من خلال المظهر لا يعني أنه بإمكانه قيادة طائرة مدنية أو عسكرية أو باخرة أو غواصة'' بل لا بد من إخضاعه لفحوصات معمقة من شأنها الكشف عن بعض الاختلالات الخفية. ويتوفر هذا المركز الرائد على المستوى الوطني والإفريقي كونه يحتل المرتبة الثانية إفريقيا بعد إفريقيا الجنوبية، على إمكانيات ضخمة تتكفل بإجراء الفحوصات الطبية المؤهِلة للمهام الحساسة والمهن القيادية في مجال الملاحة الجوية والبحرية، والمشترطة من قبل المؤسسات المدنية والعسكرية من أجل قبول المترشحين الجدد أو تأهيل المستخدمين، من خلال المتابعة الدقيقة لحالتهم الصحية بشكل دوري ومنتظم كل ستة أشهر. ويمر المترشح أو المستخدم خلال رحلة الخبرة الطبية التي يخضع لها بالمركز من أجل الحصول على شهادة القبول لتأدية مهامه، بإجراء التحاليل الطبية الضرورية والمرور بقسم الأشعة للكشف والتشخيص عن أي إصابة محتملة، قبل أن يحال على مصلحة الطب الداخلي ليخضع إلى فحوصات دقيقة بقسم أمراض القلب والشرايين لقياس مستوى ضغط الدم ومدى تحمل المستخدم الملاح للمجهودات العضلية، لينتقل بعدها إلى مصلحة أمراض الأذن والأنف والحنجرة، لإجراء فحوصات عن أدائه السمعي، على اعتبار أن غالبية المستخدمين المعنيين، يعملون في محيط مؤثر على الجهاز السمعي سواء بالنسبة للطيارين المعرضين يوميا لصخب المحركات وللضغط الناتج عن العلو أو الغطاسين والغواصين الذين يتعرضون كذلك للضغط في الأعماق ونقص الأوكسجين في المرتفعات أو في أعماق البحار. ومن أهم الفحوصات أيضا تلك المتعلقة بالبصر، حيث يتم الفحص بواسطة أجهزة جد متطورة تعتمد عليها مصلحة طب العيون، مع قياس قدرة المترشح على التمييز بين الألوان وقدرته على النظر في محيط مظلم حتى يتمكن من الملاحة والطيران في الليل وفي المناطق التي يوجد بها ضباب. وفي نهاية الفحص يحال المترشح على مصلحة الطب النفساني لإجراء فحوصات على الحالة النفسية ولمتابعة أي تغيرات محتملة في سلوكه خلال المسار المهني، علما أنه يمكن تحويله إلى مصلحة الطب العقلي إذا رأى الطبيب النفساني حاجة لذلك. ولا يفهم من ذلك إعفاء هؤلاء المستخدمين من مهامهم بمجرد تعرضهم لإصابات خفيفة بل هناك بعض الأعراض الصحية يمكن معالجتها والتكفل بها لإعادة إدماجهم خاصة ما تعلق بالطيارين الذين تستثمر مؤسساتهم أموالا كبيرة لتكوينهم وإكسابهم خبرة لذا فمن الصعب التخلي عنهم لسبب بسيط لأن هذا يكلف المؤسسة خسارة. ويستقبل المركز الوطني للخبرة الطبية لمستخدمي الملاحة سنويا نحو 10 ألاف مستخدم، حيث يقوم بإجراء ما يعادل 50 ألف فحص طبي في إطار هذه الخبرة في عدة تخصصات طبية لهؤلاء العشرة ألاف مستخدم من الهيئات العسكرية والمدنية كمستخدمي شركة الخطوط الجوية الجزائرية، والطاسلي للطيران، وكذا شركات النقل البحري والمؤسسة الوطنية للملاحة الجوية. وبإمكان المركز استقبال 24 إلى 30 ألف شخص سنويا عند الحاجة أو في الحالات الاستعجالية، وتشرف عليه نخبة من أطباء الطب العسكري. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المركز فتح أبوابه عام 1969 بالبليدة ليحول فيما بعد إلى بني مسوس بالعاصمة عام 1989 قبل أن يحول إلى مكانه الحالي بعين النعجة سنة .2004