كشف أخصائيون من المركز الوطني للخبرة الطبية لمستخدمي الملاحة أن أكثر من 90 بالمائة من الإصابات التي يتعرض لها مستخدمو الملاحة الجوية والبحرية تتعلق بأمراض القلب، والمفاصل والأمراض المتصلة بالقلق والتحولات الغذائية كداء السكري وارتفاع ضغط الدم، ولذلك يسهر المركز التابع للناحية العسكرية الأولى على ضمان فحص دوري ودقيق لمختلف فئات مستخدمي الملاحة المدنية والعسكرية، لتأهيلهم وفق المعايير الصحية المتعارف عليها على المستوى الدولي. ويتوفر هذا المركز الرائد على المستوى الوطني والجهوي على إمكانيات ضخمة تؤهله لأن يصبح مركزا إقليميا بامتياز، حسبما أكده لنا مديره العقيد سنوسي بريكسي ابراهيم، بمناسبة الأبواب المفتوحة على هذه المؤسسة الكائن مقرها بعين النعجة بالجزائر، والتي تتكفل بإجراء الفحوصات الطبية المؤهلة للمهام الحساسة وللمهن القيادية في مجال الملاحة الجوية والبحرية، والمشترطة من قبل المؤسسات المدنية والعسكرية من أجل قبول المترشحين الجدد أو تأهيل المستخدمين، من خلال المتابعة الدقيقة لحالتهم الصحية بشكل دوري ومنتظم. وتشمل هذه المهن بالأساس الطيارين العسكريين والمدنيين والمضيفين والمضيفات والمراقبين الجويين وأفراد البحرية على غرار ربان البواخر والغواصين والغطاسين العاملين لدى الهيئات النظامية ولدى الشركات المدنية مثل شركات التنقيب عن النفط، علاوة على رياضيي النخبة. وقد تلقى الوافدون على المركز من ممثلي وسائل الإعلام وطلبة من المدارس التكوينية المتخصصة في الملاحة البحرية والجوية، أول أمس شروحات وافية حول المسار الذي يمر عبره المترشح أو المستخدم خلال رحلة الخبرة الطبية التي يخضع لها بالمركز من أجل الحصول على شهادة القبول لتأدية مهامه، حيث يبدأ بإجراء التحاليل الطبية الضرورية والمرور بقسم الأشعة للكشف والتشخيص عن أي إصابة محتملة، قبل أن يتحول إلى مصلحة الطب الداخلي ليخضع إلى فحوصات دقيقة بقسم أمراض القلب والشرايين لقياس مستوى ضغط الدم ومدى تحمل المستخدم الملاح للمجهودات العضلية، لينتقل بعدها إلى مصلحة أمراض الأذن والأنف والحنجرة، ليجري فحوصات عن أدائه السمعي، على اعتبار أن غالبية المستخدمين المعنيين، يعملون في محيط مؤثر على الجهاز السمعي سواء بالنسبة للطيارين المعرضين يوميا لصخب المحركات وللضغط الناتج عن العلو أو الغطاسين والغواصين الذين يتعرضون كذلك للضغط في الأعماق. كما يجري المترشحون فحوصات على الأداء البصري من خلال عمليات الفحص التي تتم بواسطة أجهزة جد متطورة تعتمد عليها مصلحة طب العيون، مع الإشارة إلى أن هذه الفحوصات تشمل أيضا قياس قدرة المترشح على التمييز بين الألوان وقدرته على النظر في محيط مظلم. وتعتبر مصلحة الطب النفساني آخر مرحلة في مسار الخبرة الطبية التي يخضع لها مستخدمو الملاحة، حيث تجرى عليهم فحوصات للحالة النفسية ومتابعات لتغيرات محتملة في السلوك خلال المسار المهني، وقد يتم تحويلهم إلى مصلحة الطب العقلي إذا رأى الطبيب النفساني حاجة إلى ذلك، مع الإشارة إلى أن كل مرحلة يمر عبرها المترشح قد تستلزم إجراء فحوصات معمقة إذا لا حظ الطبيب المختص أعراضا تستدعي هذا الفحص المعمق. ويجري المركز الوطني للخبرة الطبية لمستخدمي الملاحة الجوية حاليا نحو 10 ألاف فحص سنوي، لفائدة مستخدمي الهيئات العسكرية والمدنية على غرار مستخدمي شركة الخطوط الجوية الجزائرية وشركات النقل البحري والمؤسسة الوطنية للملاحة الجوية، وهو يمتلك حسب مديره العقيد سنوسي بريكسي القدرة على استيعاب 24 ألف مستخدم، قابلة إلى أن تتوسع إلى 30 ألف عامل في السنة، وذلك لوفرته على إمكانيات تقنية ومادية وبشرية ضخمة، تشمل تجهيزات جد متطورة ونحو 200 طبيب، كما يمكن الفضاء الواسع الذي يتميز به المركز من التخفيف على المستشفى المركزي للجيش بعين النعجة في حالات الأزمات، حسب مدير المركز الذي يؤكد بأن هذا الأخير الذي تم إنشاؤه في سنة 1969 بالبليدة وتم تحويله في 2004 إلى مقره الجديد الذي يخضع للمقاييس العالمية للمنظمة الدولية للطيران المدني، يتطلع إلى أن يصبح مركزا مشعا على المستوى الإفريقي.