تشرع إدارة المؤسسة الوطنية للملاحة الجوية مع شريكها الاجتماعي بداية من الشهر الجاري في جلسات نقاش معمق حول رخصة المراقب الجوي، التي تقرر اعتمادها كأداة عصرية لتسيير المهنة طبقا لتوجيهات المنظمة العالمية للطيران المدني، حيث يرتقب في هذا الإطار أن تبدأ أولى مراحل تطبيق مسار تنفيذ هذا الإجراء مع نهاية المفاوضات التي ستجمع الطرفين. وتشمل المراحل الأولى في مسار التحضير لرخصة المراقب الجوي التي سيستفيد منها نحو 600 مراقب جوي يعملون اليوم على مستوى مختلف مراكز المراقبة عبر التراب الوطني، ومنهم نحو 150 مراقبا على مستوى المركز الجهوي الكائن بوادي السمار بالعاصمة، التوقيع على بروتوكول اتفاق مع مؤسسة الخبرة الطبية التي ستتولى عمليات الفحص الطبي للمراقبين الجويين، والذي على أساسه وأساس الكفاءة المهنية تمنح الرخصة للمراقب الذي يجري سنويا فحوصات مماثلة بصفة دورية، للتأكيد في كل مرة على مستوى التأهيل الذي يحظى به وسلامته الصحية، في حين تسحب هذه الرخصة من المراقب الجوي في حال ارتكابه لخطأ مهني فادح. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن رخصة المراقب الجوي الجاري العمل بها عبر العديد من الدول، تفرضها المنظمة العالمية للطيران المدني في إطار إجراءات تأمين مختلف نشاطات النقل الجوي، عبر تحديد شروط ومواصفات يجب توفرها في العاملين بهذه النشاطات، ولا سيما بالنسبة للطيارين والمراقبين الجويين الذين تقع على عاتقهم مسؤوليات ضخمة، على اعتبار أن الأمر يتعلق بسلامة الأرواح والممتلكات. وهذا فضلا على أن العمل برخصة المراقب الجوي ستسمح للهيئات الوطنية الوصية بتسيير الكفاءات المتخصصة في هذا المجال والتعريف بمؤهلاتهم، فيما تسمح للمعنيين بالاستفادة من فحص طبي شامل بصفة دورية، وتأكيد مستوى الاحترافية والتأهيل الذي يتمتعون به. ورغم الطابع الحتمي الذي يكتسيه العمل برخصة المراقب الجوي، إلا أن نقاشا معمقا بين إدارة المؤسسة الوطنية للملاحة الجوية وشريكها الاجتماعي يشرع فيه في الأيام القليلة القادمة لبحث كيفيات تسيير مرحلة الانتقال إلى العمل بهذه الوثيقة الدولية، وتغطية الحالات المحتمل إعادة تأهيلها أو توجيهها إلى مهام أخرى، مع العلم أن مهام المراقب الجوي ظلت دائما خاضعة لنظام تكوين وتأهيل مكثف وصارم يشرف عليه مركز التأهيل والرسكلة الكائن على مستوى وادي السمار والذي أعاد بعث التكوين في هذا الاختصاص منذ إنشائه في 2003 . وفي هذا الإطار ذكر كل من السيد حسين العرفاوي مدير الاستغلال للملاحة الجوية والسيد إسماعيل عليلي مدير المركز الجهوي للمراقبة الجوية، في لقاء مع "المساء" أمس، أن عملية تكوين المراقبين الجويين في الجزائر عرفت تراجعا في التسعينيات، ثم عادت تدريجيا مع بداية العقد الجاري لتبلغ وتيرة منتظمة مع تدشين المركز المذكور، مشيرين على أن الحاجة إلى محترفين في هذا النشاط لازالت معتبرة، على اعتبار أن الجزائر ستتدعم قريبا بمركز جهوي بولاية تمنراست تصل حاجياته إلى نحو 90 مراقبا جويا، علاوة على ضرورة احترامها للقواعد العالمية المعمول بها والتي تفرض الاعتناء باللياقة الصحية للمراقب الجوي، على غرار اعتماد نظام المداولة ومنح المراقب الجوي الراحة اللازمة واحترام السن المحدد. وتجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن معدل سن المراقبين الجويين في الجزائر يصل حاليا إلى 45 سنة وعادة ما ينهي المراقب الجوي مساره المهني مصابا بأمراض ناتجة عن حالات الإرهاق على غرار القرحة المعدية أو ارتفاع ضغط الدم، الأمر الذي يستدعي مراعاة المعايير التنظيمية لهذه المهنة والمحددة من قبل المنظمة العالمية المتخصصة. وككل عام ينتظر أن تستقبل المؤسسة الوطنية للملاحة الجوية نحو 1000 مترشحا هذا العام يجري انتقائهم على أساس معايير محددة منها المستوى التعليمي (بكالوريا زائد سنتين فما فوق) والسن واللياقة الصحية، ليتم بعدها الاحتفاظ بحوالي 40 مترشحا يتم تحويلهم للمدرسة العليا للدفاع الجوي عن الإقليم بالرغاية، ومعهد الطيران بالبليدة لتلقي تكوينا أوليا يتم دعمه بعد ذلك بمرحلة تكوين تطبيقي على مستوى مركز التأهيل والرسكلة حيث يتم تأطيره وتعويده على العمل لمدة سنة قبل أن يتقرر ترسيمه نهائيا أو إعادة تأهيله من جديد، على أن يخضع كغيره من المراقبين الجويين لعملية تأهيل متجددة كل 3 سنوات، وذلك لاعتبارات متصلة بالمراقبة المستمرة لمواصفات المهني وكذا بالتطور التكنولوجي المذهل الذي يطرأ على الأنظمة المتجددة للمراقبة الجوية والذي خطت في سياقها المؤسسة الوطنية للملاحة الجوية خطوة كبيرة بفضل برنامج التطوير والعصرنة الجاري تجسيده، لمجابهة ثلاث تحديات أساسية تشمل إلى جانب عصرنة التجهيزات ترقية الموارد البشرية وتأهيلها وضمان النوعية في التأهيل. للتذكير ستستقبل المؤسسة خلال الشهر الجاري الرادار السطحي الذي يعد الأول من نوعه في الجزائر، والموجه لمراقبة العتاد المتحرك على مستوى أرضية المطار الدولي، كما ينتظر بالموازاة مع ذلك الإعلان عن المناقصة الدولية الخاصة بإنجاز مشروع المركز الجهوي للمراقبة الجوية بولاية تمنراست.