دعا الحرفي رشيد شيخة، إلى ضرورة دعم الشباب وحماية الصناعات التقليدية لما تزخر به منطقة القبائل من إرث حضاري، يشمل تقاليد منطقة القبائل التي تزخر بطاقات شابة تمتهن الحرف اليديوية. وأوضح خلال لقائنا به مؤخرا ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي لولاية تيزي وزو بباتنة، أن الصناعات التقليدية مهددة بالزوال والاندثار أمام الغزو الذي تعرفه السوق الجزائرية من الصناعات التقليدية الصينية. وأثار بعض المشاكل التي يراها تقف حجر عثرة أمام طموحات الحرفيين الذين يجدون حسبه دائما صعوبات جمة لتوفير المادة الأولية من الخشب. كما يناشد السلطات المحلية بولاية تيزي وزو تسهيل الإجراءات لفتح فرص النشاط في مثل هذا النوع من الحرف وتمكينهم من محلات لائقة لعرض منتوجاتهم. وأضاف في هذا الصدد أن سياسة الترقيع لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تجسد سياسة الدولة في سعيها، لما توفره من خلال عديد البرامج لترقية الصناعات التقليدية وفسح مجالات العمل للطاقات الشابة. ويعتقد الحرفي رشيد شيخة، أن دور مثل هذه الأسابيع الثقافية لا يقتصر على التشهير للمنتوج، بل إنه كفيل بتوفير فرص تسويقه والتعريف بالإرث الحضاري للجزائر وما له علاقة بالعادات والتقاليد والفنون. وقد اشتغل هذا الحرفي الذي ورث حرفة صناعة الأواني المنزلية التقليدية والنقش على الخشب والتي تعد امتدادا لحرفة ورث أصولها من قرية لعزيب إفرحونن بولاية تيزي وزو، وكان قبله جده امتهن هذه الحرفة بولاية قالمة قبل وفاته هناك سنة .1921 وخلال أزيد من 27 سنة من النشاط، أنتج أعمالا فنية تكلف الكثير من الجهد العضلي والوقت، فتحول محله بمدينة تيزي وزو ولضيقه، كما يقول هذا الحرفي، إلى ''متحف'' يعبر عن الإلهام الذي يجسد التواصل والامتداد. وفي المعرض الذي أقامه ببهو دار الثقافة بباتنة وشهد إقبالا كبيرا من الزوار الذين انبهروا بمنتوجاته اليديوية التي تعكس نتاج ساعات جهده الفني التي تدعو الى التوقف والتأمل. وبموهبته حول الخشب إلى أوان منزلية تقليدية وأجمل الأشكال ذات الدلالات المتجذرة في الماضي أضفت عليها جمالا ومدا حضاريا يعكس حروف التيفناغ التي أحاطت مجمل أوانيه المعروضة التي تحاكي التاريخ. وقال الحرفي رشيد، التقني المختص في الصيانة الصناعية وصاحب مهنة خراط حديدي، والذي تحصل على شهادة في الاختصاص سنة 1987 بمركز التكوين المهني بحي شيخي بباتنة، أن حرفة النقش على الخشب وصناعة الأواني المنزلية، محطة يفجر فيها طاقاته المرهونة بالاستجابة إلى ذلك الحس الفني الذي يدفعه إلى تحويل بقايا الخشب إلى ما يخدم الإنسانية، وأن فنه ينم عن فهم رسائل هذا النوع من الفن الذي يمثل أحد أوجه الصناعة التقليدية. ففن النقش على الخشب يعتبر من الفنون الإبداعية الأصيلة، التي تستمد خصوصياتها من تقاليد عتيقة تزيح الغطاء عن الفكر الفني لإنسان في العصور الغابرة وتنتج عملا متميزا. فالصفصاف الأسود، الدردار، الأرز، ''ألمو'' والجوز... منها يسقط روح الفن التي تسكنه. وعن ألوان الفنون التي قال في شأنها أنها لا تقابلها قيمة مادية، يكشف المتحدث المعاناة ويدعو الشباب إلى عدم الاستسلام للحفاظ على إرثنا الثقافي والحضاري، وبالمقابل يدعو السلطات إلى تثمين جهود الحرفيين والتطلع إلى غد أفضل.