كشفت السيدة جقجيقة بسعدي المنحدرة من قرية اث وعبان دائرة عين الحمام (ولاية تيزي وزو) في حوارها مع ''المساء''، أن الأطباق التقليدية بمنطقة القبائل لها مكانة جوهوية لا يمكن مقارنتها بالأطباق الأخرى التي تتفنن النساء في تحضيرها من خلال إعداد وصفات جديدة، موضحة أنه وبالرغم من ذلك فإن تشبث القرويات بتحضير مأكولات تقليدية لا يزال قائما إلى يومنا هذا، حيث أصبحت نساء منطقة القبائل تحضر أطباقا تقليدية قديمة على مدار أيام السنة بعدما كانت تقتصر على المناسبات والأعياد فقط. وأوضحت المتحدثة أن العائلات القبائلية سواء منها القاطنة بالريف أو المدن تسعى إلى الحفاظ على الأطباق التقليدية من خلال المداومة على تحضيرها لعائلتها بصفة مستمرة وتعليمها لبناتها لتضمن نقلها للأجيال الصاعدة، مشيرة إلى إنها تتلقى عدة طلبات لتحضير مأكولات تقليدية من أطباق وحلويات متنوعة في مختلف المناسبات، حيث أنها تتلقى نحو 20 طلب إعداد وجبة مختلفة يوميا، مؤكدة أنها لن تعجز عن القيام بذلك، حيث تجد راحة كبيرة في تحضيرها طالما أن منزلها لا يخلو وفي أي وقت من الأطباق التقليدية التي تحضرها لعائلتها، والتي تعطي خلالها الفرصة للزبائن الذين يختارون الأطباق التي تتفنن في تحضيرها جقجيقة بعد تذوقها. وما يميز الأطباق التي عرضتها السيدة بسعدي الأذواق اللذيذة التي يتميز بها كل طبق رغم أنها مستمدة من الطبيعة ومحضرة بأعشاب جمعتها من الحقول والجبال، إلا أن طريقة تحضيرها تختلف ومذاقها كذلك، ما جعلها تتميز في شكلها وفي رائحتها التي تجلب الزبائن إليها، وأشارت السيدة بسعدي إلى أنها تحضّر هذه الأطباق في مناسبات الزواج، والخطبة والختان كذلك، وهي تلقى رواجا وإقبالا كبيرين، وهذا ما جعلها تأبى أن يكون إعداد الأطباق التقليدية مقتصرا على إحياء الأعياد والمناسبات الدينية ورأس السنة فقط، وفي هذا الصدد تقول: يجب العمل على تعويد الأسر على تحضيرها طيلة أيام السنة، موضحة أنها تحاول ومن خلال مشاركتها في عدة تظاهرات لا سيما صالون فنون الطبخ التقليدي وغيرها من المناسبات تقديم أنواع مختلفة مع شرح أهميتها ودروها في مد الجسم بالقوة والصحة، وتؤكد السيدة جقجيقة أن هذه الطريقة تعد المثلى لدفع جيل اليوم إلى العودة إلى الأطباق التقليدية والعمل على تحضيرها.
الأطباق تقليدية غذاء ودواء في نفس الوقت وترى محدثتنا من جهة أخرى أن هناك أطباقا تقليدية تعتبر غذاء ودواء في نفس الوقت، مثل طبق ''تابزيث'' الذي يحضر باستعمال مختلف أنواع الأعشاب والتي تشمل ما يسمى ب(ازكضوف، اسموم بوزقر، مجير، زعتر، نعناع، فيفراس، ثيشرث، اشذلوح) وغيرها من المستحضرات التي يحتاجها هذا الطبق والذي يزين في الأخير برمان اسامام، مشيرة إلى أن العائلات في القديم كانت تحضر هذا الطبق كلما ولد عندها طفل لكونه يمثل ''لقاحا للأطفال''، مشيرة إلى أن هناك من الأعشاب غير المتوفرة على مدار أيام السنة والتي يمكن الاستغناء عن بعضها وتعويضها بأخرى حسب الفصول، فالنساء لديهن دراية كافية بفائدة ودور كل نوع من أنواع الأعشاب، وأكدت أن كل طفل يتناول هذا الطبق لن يصيبه أي مرض لا سيما الحمى التي أصبحت تصيب الأطفال اليوم بكثرة، وأنه اليوم لا يمكن لأي بيت يحوي أطفالا الاستغناء عن تحضير هذا الطبق، لأهميته الكبيرة كغيره من الأطباق التقليدية الأخرى التي تستمد العائلات منها صحتها، حيث أن تحضير الأطباق بأعشاب مختلفة له دور في معالجة هذا المرض أو ذاك، منها طبق ''ثابوبتاتس'' الذي يحوي ثارناست، ثخسيث ثازقغث، اولخلى اقذيم، لبصل، ثيشرث وغيرها من الأعشاب، ويستعمل هذا الطبق لمعالجة أمراض المعدة كالإسهال ومشكلة الهضم إضافة إلى طبق ''اركول'' الذي يحضر بطحين من الشعير اللين مع الزيت والسكر ويقدم للأطفال في مرحلة التسنين لكونه يساهم في تقليل الألم.
أطباق تحمي من العين وتزيد البشرة نظارة ولم يقف دور الأطباق التقليدية عن كونها تمثل غذاء وصحة فقط، بل إنها تحمي من العين كما -أضافت نا جقيقية - حيث في القديم كانت النساء تحضر كل سنة خاصة عند ازدياد طفل أو ولادة عجل أو خروف صغير لإبعاد العين عنهم جميعا طبقا يدعى'' توزيث ثوقليبت '' وآخر ''اريري اوزال'' والذي يضم خليطا من أنواع الأزهار التي منها اوزو، اذيوز باكلي وغيرها، والذي يوضع على جبهة الطفل والحيوان، وفي الصباح تغسل جبهة الطفل ويرمى الماء في حقل به أزهار لتزهر حياة الطفل بعيدا عن الأمراض والعين، إضافة إلى أطباق تعد لدعوة الله لإنزال المطر (حسب المعتقدات السائدة) والذي يحضر بعد جمع مستلزمات الطبق من كل منزل من القرية، حيث يقوم مجموعة من الشبان والشابات بطرق جميع أبواب منازل القرية تقوم كل عائلة بإعطائهم الخضر، والكسكس، والماء، والزيت، وغير ذلك لتحضير الطبق الذي يتناوله جميع سكان القرية دون استثناء، وكذا طبق ''ابازيث'' الذي يحضر باستعمال نبتة تسمى ''شيخ لبقول'' للذين يعانون من آلام الحنجرة والسعال، وأضافت أن هذه النبتة تستعمل حتى في إعداد مواد التجميل، ثم إن مستحضرات التجميل كذلك كانت تستمد من الطبيعة تجعل البشرة نقية وأكثر نظارة دون أية مشاكل، كما أن هناك عدة أنواع من الأعشاب التي تستعمل في حالة الإصابة بجروح وحروق.