على من يريد نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني الضحك بعد تصريحاته التي أدلى بها أمس بمدينة رام الله، عندما أكد أن الدولة الفلسطينية كان يجب أن تقام منذ مدة طويلة؟ وأدلى تشيني بهذا التصريح في ندوة صحفية عقدها رفقة الرئيس محمود عباس بعد محادثات أجرياها بمقر الرئاسة الفلسطينية بالضفة الغربية· ولكن الرقم الثاني في الادارة الأمريكية لم يوضح صفة كلامه وماهي الدوافع التي حالت دون تحقيق هذا الهدف الذي يراهن عليه الفلسطينيون منذ الراحل ياسر عرفات ولكنهم فشلوا في تحقيقه رغم الوعود الأمريكية، واكتفى بالقول أن الشعب الفلسطيني يستحق ذلك· والواقع أن ديك تشيني لم يكشف جديدا من منطلق أنه لايوجد أي شعب في العالم لايتوق لأن تكون له دولة مستقلة· ولكنه لم تكن له الشجاعة الكافية للقول أن ادارة الاحتلال الاسرائيلي تبقى السبب المباشر في عرقلة كل المساعي الدولية لتحقيق الرغبة الفلسطينية من أجل هذا الغرض ولكنها كانت تصطدم في كل مرة بالتعنت الاسرائيلي الرافض· والواقع أن اسرائيل ماكان لها أن تتعنت وتتحدى كل المجموعة الدولية لولا وقوف الولاياتالمتحدة الى جانبها في كل مرة بمن فيهم ديك تشيني نفسه الذي يحظى بدور مهم في صياغة اتخاذ القرارات الأمريكية· ولم تكن تصريحاته أمس إلا دليلا على هذا التعنت عندما حاول إيهام الرأي العام الدولي بأن الفلسطينيين هم السبب في الوضع الحالي بسبب استمرار ضرب الأهداف الاسرائيلية· وقال تشيني أن هناك حقيقة لايمكن تجاهلها ويجب التأكيد عليها وهو أن ماسماه بالارهاب وقذائف الصواريخ لاتقتل المدنيين الأبرياء فقط ولكن أيضا الآمال المشروعة للشعب الفلسطيني"· ويكون المسؤول الأمريكي بذلك قد تناسى متعمدا المجازر الاسرائيلية ضد الفلسطينيين، بل أنه جعل الاسرائيليين هم الضحية ومجازرهم دفاعا عن النفس"· وبدلا من أن يدلي بتصريحات متوازنة راح ديك تشيني يطمئن ادارة الاحتلال بدعم واشنطن الدائم لها والتأكيد على حقها في رفض السلام اذا رأت أن أمنها مهدد ويجهر بذلك أيضا فوق الأرض الفلسطينية واظهار اسرائيل أنها الطرف الضعيف والمستهدف والواجب الدفاع عنه من قذائف صواريخ القسام! وذاك هو المنطق الأمريكي الذي تعاملت وفقه كل الادارات الأمريكية مع الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وكان ذلك سببا مباشراً في بقاء الأوضاع على حالها دون حراك بل أنها تتقدم خطوة وتتراجع خطوتين ولكن على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة· وعلى النقيض من ذلك فإن ديك تشيني لم يتفوه بكلمة واحدة حول عمليات الاستيطان التي شرعت فيها ادارة الاحتلال رغم علمه أن هذا الاستيطان شكل ومازال عقبة رئيسية في طريق إقامة السلام· بل انها قضية محورية نص عليها مؤتمر أنابوليس نهاية نوفمبر الماضي ويصر الفلسطينيون على ايجاد حل لها قبل الحديث عن تسوية نهائية· ويبدو أنه يتعين على الفلسطينيين الانتظار طويلا قبل أن تلبي الادارة الأمريكية هذا المطلب المشروع وهو الانتظار الذي سيطول أكثر لرؤية الدولة الفلسطينية حقيقة قائمة·