دعا أمس، السيد علي هارون الرئيس الشرفي للجمعية الوطنية للشيخوخة المسعفة ''إحسان''، إلى إصدار النصوص التطبيقية لقانون حماية المسنين الصادر في 29 ديسمبر ,2010 مشيرا إلى أن هذا القانون جيد لكن الأهم هو تطبيقه، وقال ''أتمنى أن نلتقي العام المقبل لنتحدث عن تطبيق هذا القانون''. وعادت جمعية ''إحسان'' للحديث عن وضع فئة المسنين في الجزائر بمنتدى جريدة ''المجاهد'' عشية الاحتفال باليوم الوطني للمسنين المصادف ل27 أفريل من كل عام، حيث تم التطرق إلى أهمية التكفل بهذه الفئة عائليا واجتماعيا وصحيا، واعتبر المشاركون في المنتدى أن الاهتمام بهذه الفئة يعد ''انشغالا اجتماعيا وسياسيا كذلك'' لاسيما في ظل التغير الذي يعرفه الهرم السكاني ببلادنا. وهو ما أشار إليه السيد هارون الذي ذكر بالتحولات التي عرفتها العائلة الجزائرية من جهة والتركيبة السكانية بالجزائر من جهة أخرى، وهو ما توضحه الأرقام التي تشير إلى أن عدد المسنين غداة الاستقلال لم يكن يتجاوز ال600 ألف، بينما وصل في آخر إحصاء إلى أكثر من 7,2 مليون مسن. وهو الرقم الذي قد يصل إلى 5,3 مليون مسن (البالغين أكثر من 65 سنة) حسب البروفيسور عبيد المحاضر في كلية الطب الذي قدم مداخلة حول أعراض الشيخوخة وأمراضها وكيفية التكفل بالمريض المسن وكذا مفهوم أن يعيش الإنسان شيخوخته براحة وأن يحضر لهذه المرحلة من عمره، باعتبار أن جسم الإنسان يبدأ في الشيخوخة ابتداء من سن الثلاثين. ولعل أهم فكرة طرحها الدكتور عبيد هي ضرورة إحداث تخصص ''طب الشيخوخة'' في الدراسات الطبية بالجزائر، مثله مثل ''طب الأطفال''، وهو ماسيتم الشروع فيه ابتداء من العام المقبل. في السياق اعترف المتحدث المتخصص في علم الأورام بمستشفى مصطفى باشا أن هناك تمييزا في التعامل بمستشفياتنا يروح ضحيته المسنون. وأوضح قائلا ''عندما نستقبل شخصين يحملان نفس المرض، واحد مسن والآخر شاب، نولي كل اهتمامنا ورعايتنا، ونبذل كل مجهوداتنا من أجل علاج المريض الشاب، بينما لانفعل المثل مع المريض المسن، وكأن هذا الأخير بفعل عمره لايستحق مجهودا كبيرا لرعايته''، وهذا ربما مايفسر -حسبه- أن في ال8 بالمائة من مرضى السرطان الذين لايتعرف الأطباء على موضع سرطاناتهم أي على العضو المصاب بفعل نقص الأجهزة أو انتشار المرض في كامل الجسم، نجد أن 30 بالمائة منهم مسنون ''هذا أمر غير عادي...إننا نحكم بالإعدام على هؤلاء''. ولهذا اعتبر أن الشيخوخة هي مسألة ''صحة عمومية''، داعيا إلى مكافحة التمييز الذي تتعرض له هذه الفئة على المستوى الصحي. من جانبه قال الدكتور حفيز رئيس قسم جراحة الوجه والفكين ''إن الشيخوخة فترة من العمر يجب التحضير لها منذ الصغر، بالتغذية الجيدة وممارسة الرياضة والعمل، مع العناية الصحية اللازمة بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة''. وأكد على ضرورة عدم انعزال أو عزل المسن الذي من المفروض أن يواصل القيام بكل نشاطاته السابقة. وتطرقت السيدة نصيرة مراح وهي مختصة في علم الاجتماع إلى أهمية الحفاظ على كرامة المسن، بتوفير العناية اللائقة له ولوضعه، واعتبرت انه من الإجحاف أن تتكفل الدولة بالمسنين الذين ليست لهم عائلات فقط، مشيرة إلى أن المسن يعاني حتى وهو محاط بأسرته، بسبب المصاعب المالية التي تواجهها الكثير من العائلات لاسيما ضيق المسكن. ولم تتردد في القول ''إن بعض المسنين يتمنون الموت حتى يتركوا مكانهم في البيت لأولادهم''، ولهذا طالبت بتثمين بعض المهن التي تقدم خدمات للمسنين مثل ''المساعدة الطبية في المنازل'' و''المساعدة الاجتماعية''....إلخ وذلك لمساعدة الأسرة في العناية بالمسنين. أما السيدة وردية ايت مرار نائبة رئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية في المجلس الشعبي الوطني، فدافعت عن مضمون القانون المتعلق بحماية المسنين، مذكرة بما ورد فيه من مواد كان الهدف منها أولا ملء الفراغ القانوني المسجل في هذا المجال، إضافة إلى حماية الشخص المسن في محيطه الأسري، ونفت أن تكون اللجنة قد رفضت مادة حول إدراج تخصص ''طب الشيخوخة'' في المستشفيات لأنها ضد هذا التخصص، إذ أرجعت ذلك إلى نقص المتخصصين في هذا المجال وهو ما أكده جميع الأطباء الحاضرين في المنتدى، وأشارت إلى أن وزارة الصحة وعدت بإدراج هذا التخصص في كليات الطب من أجل توفير خدماته مستقبلا في مستشفياتنا. كما عبرت المتحدثة عن اقتناعها بأن التكفل بالمسنين -كما أورده ذلك القانون- هو قضية تتعلق أولا بالأسرة، ثم بالدولة، ثم الجماعات المحلية وأخيرا المجتمع المدني والمحسنين. وقالت إن تدخل الدولة لايتم إلا إذا كانت العائلة غير موجودة.