ثمن العديد من نواب المجلس الشعبي الوطني أمس التعديلات المتضمنة في مشروعي القانونين العضويين المتعلقين بالمحكمة العليا ومجلس الدولة، وأبرزوا أهميتها في مسايرة التطورات التي عرفتها المنظومة القانونية الجزائرية في الفترة الأخيرة، ولا سيما منها ما تعلق بتكريس مبدأ ازدواجية القضاء بين القضاء العادي والقضاء الإداري، فيما تركزت الانشغالات المعبر عنها خلال جلسة مناقشة المشروعين حول كيفيات تعيين القضاة المشكلين لهياكل المؤسستين القضائيتين المذكورتين، ومدى تعارضها مع مبدأ استقلالية القضاء وكذا حول تأخر آجال إصدار الأحكام القضائية. كما أشار بعض النواب المتدخلين في الجلسة العلنية المخصصة لنقاش مشروعي القانونين المذكورين والتي ترأسها السيد عبد العزيز زياري رئيس المجلس الشعبي الوطني، إلى استيائهم من حذف المادة 5 التي تنص على اعتماد اللغة العربية في مقررات المحكمة العليا، من مشروع القانون العضوي الخاص بهذه الهيئة بعد أن كانت مكرسة في القانون الساري المفعول والصادر في أوت ,1996 في حين اجتمعت مداخلات نواب حركة مجتمع السلم في اقتراح تأخير المصادقة على القانونين العضويين المتعلقين بالمحكمة العليا ومجلس الدولة إلى ما بعد تعديل الدستور. وشكلت مسألة تعيين قضاة ديوان رئيس المحكمة العليا الانشغال الذي التقت حوله الغالبية العظمى من المداخلات أثناء النقاش، لا سيما وأنها تشكل برأي المتدخلين تعارضا مع مبدأ استقلالية القضاء الذي تتمحور حوله كل الإصلاحات التي باشرتها الدولة في قطاع العدالة منذ نحو عقد من الزمن وتشكل الجوهر الأساسي للنظام الديمقراطي ولمسعى بناء دولة القانون، كما أن المداخلة التمهيدية لوزير العدل حافظ الأختام السيد الطيب بلعيز والتي تضمنت عرضا حول مضمون مشروع القانون العضوي الخاص بالمحكمة العليا أكدت على هذا المبدأ، وأشارت إلى أنه من بين مزايا هذا المشروع، تكريس مزيد من الاستقلالية في تسيير هذه الهيئة القضائية العليا. وأشار السيد بلعيز في عرضه لمشروعي القانونين إلى أن الهدف الأساسي المتوخى من التعديلات المدرجة على كل من مشروع القانون العضوي رقم 0196 المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله وكذا مشروع القانون العضوي الذي يحدد تنظيم المحكمة العليا وعملها واختصاصها، هي مسايرة للتطور الذي عرفته المنظومة التشريعية والقانونية في الجزائر، لا سيما في ظل التعديلات المدرجة على قانون الإجراءات المدنية والجزائية، وإعادة بناء المنظومة القضائية على أساس نظامين قضائيين مستقلين، يتمثل الأول في النظام القضائي العالي الذي ينتهي في أعلى هرمه بالمحكمة العليا، والنظام القضائي الإداري الذي ينتهي عند مجلس الدولة. ومن أهم ما يشمله مشروع القانون العضوي المحدد لتنظيم المحكمة العليا وعملها واختصاصها، مساوقة تنظيم المحكمة العليا مع الإطار المؤسساتي للهيئات القضائية، من خلال ضمان نطاق اختصاصها وتوحيد الاجتهاد القضائي واحترام القانون عبر كامل الجهات القضائية التابعة لها. وينص المشروع على ضمانات تعزيز استقلالية المحكمة العليا من خلال استقلالها المالي واستقلالها في التسيير وإحداث ديوان على مستوى الرئاسة الأولى للمحكمة العليا يتولى إدارتها قاض. ويلغي مشروع القانون العضوي الجديد مضمون المادة 11 المتعلق بتحديد عدد قضاة الحكم وكذا قضاة النيابة العامة، كما يقلص عدد الغرف من تسع إلى سبع غرف بعد إنشاء المحاكم الإدارية، وينص أن المحكمة العليا تفصل بتشكيلة جماعية من ثلاثة قضاة على الأقل وبقرارات تصدر عن إحدى غرفها أو الغرفة المختلطة أو الغرف المجتمعة. ومن جانبه يعتبر المشروع المعدل والمتمم للقانون العضوي المتعلق باختصاصات مجلس الدولة وتنظيمه وعمله، أن المهام الأساسية لهذا المجلس هي النظر في طعون الإلغاء وذلك بتأويل أو تقدير مطابقة الدعاوى المرفوعة ضد القرارات الإدارية الصادرة عن السلطات الإدارية والمؤسسات والمنظمات المهنية الوطنية، حيث يختص مجلس الدولة في استئناف الأحكام والأوامر الصادرة عن الجهات القضائية الإدارية وفي الطعون بالنقض في الأحكام الصادرة في آخر درجة عن الجهات القضائية الإدارية، كما يعد هيئة استشارية تعنى بالنظر في مشاريع القوانين التي تعدها الحكومة قبل عرضها على مجلس الوزراء.