يعكس مشروع القانون المعدل والمتمم للقانون رقم 06-01 المؤرخ في 20 فيفري 2006 المتعلق بالوقاية من الفساد، الإرادة السياسية التي تضمنها برنامج رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي التزم مرارا بتعزيز دعائم دولة القانون وخلق المناخ الملائم لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. ويرمي مشروع القانون الذي سجل مكتب المجلس الشعبي الوطني إيداعه أول أمس وأحاله على اللجنة المختصة لإعداد تقريرها التمهيدي بشأنه، إلى رفع بعض الأحكام القانونية سارية المفعول والمطبقة في المجال الاقتصادي، لا سيما ذات الصلة بفعل التسيير والتي أضحت تشكل ''عائقا أمام المسيرين''، كما يقترح مشروع هذا النص تعديل المادة 26 التي تقضي بمعاقبة ''كل موظف عمومي يقوم بإبرام عقد أو يؤشر أو يراجع عقدا أو اتفاقية أو صفقة أو ملحقا مخالفا بذلك الأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل بغرض إعطاء امتيازات غير مبررة للغير''. وكان رئيس الجمهورية قد أكد خلال افتتاحه للسنة القضائية (2010-2011) وفي عدة مناسبات أخرى، عزم الدولة على وضع الميكانيزمات الضرورية لحماية الاقتصاد الوطني، آخرها في الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات، حيث شدد الرئيس على مواصلة الدولة لجهودها في محاربة كل أشكال الفساد في إطار القانون المستمد من وحي المعاهدات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، والتي كانت الجزائر من أوائل الدول المصادقة عليها. موضحا أيضا بأن ''محاربة الفساد التي هي من صميم عمل الدولة، يبدأ بدعم هيئات الرقابة على مختلف المستويات وفي مختلف الميادين''. كما جدد رئيس الدولة خلال أحد اجتماعات مجلس الوزراء، عزم وحرص الدولة على التصدي لهذه الظاهرة حتى يتم استئصال جذورها بصورة نهائية من المجتمع الجزائري، وهو إصرار يتجلى من خلال تطبيق مختلف القوانين المصادق عليها ميدانيا لمواجهة هذه الظاهرة، وكذا توسيع مهام وصلاحيات الهياكل الأخرى المعنية بمحاربة هذه الآفة، علما أنه وقصد مواجهة حدة هذه الآفة، تم وضع آليات وميكانيزمات فعالة للوقاية من هذه الانحرافات، على غرار مجلس المحاسبة الذي وسعت صلاحياته لتشمل الإدارات والشركات العمومية. واعتبر رئيس الجمهورية بأن القوانين والتشريعات المصادق عليها من قبل البرلمان الجزائري في مجال مكافحة الرشوة والفساد ''من أقصى التشريعات، والدليل على ذلك هو أن الفساد يعتبر في نظر القانون جنحة لا يسري عليها التقادم''، و في هذا الإطار تبنت الجزائر عدة خطوات في مسار تصديها للفساد، حيث منحت الأولوية لوضع النصوص القانونية والتنظيمية المحددة للإطار العام لسياسة مكافحة الفساد، والتي توجت بصدور قانون 2006 الذي ضم كل الجوانب المنصوص عليها في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، بما في ذلك القواعد المتعلقة بالتعاون الدولي من أجل مصادرة الموجودات واستردادها. كما جرى تكييف النظام القضائي والقواعد الإجرائية لمواجهة كل أشكال الجريمة المنظمة بما فيها الفساد، حيث تم إنشاء أقطاب جزائية متخصصة والتنصيص على أساليب خاصة للتحري، كما أعطيت عناية خاصة لتكوين القضاة والموظفين المكلفين بتنفيذ القوانين ومساعدي القضاء في المدارس والمعاهد الوطنية ضمن برنامج التعاون الدولي الثنائي ومتعدد الأطراف. ولإضفاء المزيد من الفعالية في قمع هذه الآفة، قامت الجزائر باستحداث عدة آليات، أهمها الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، والمنصوص عليها في القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته لسنة 2006 بغرض تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لمواجهة الفساد، وستقوم هذه الهيئة بتقديم تقرير سنوي لرئيس الجمهورية حول ''حالة الوقاية من الفساد والرشوة في البلاد''، كما ستعمل على ''وضع السياسات اللازمة للتقليص من حالات الفساد في البلاد''. وتم إلى جانب ذلك الإعلان عن إنشاء هيئات أخرى على غرار الديوان المركزي لقمع الفساد، الذي سيضطلع بمهمة البحث والتحري عن جرائم الفساد، ومرصد مكافحة الرشوة والفساد الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية خلال افتتاحه للسنة القضائية (2010-2011) والذي ستوكل له مهمة الوقاية والمراقبة.