نفد صبر الرئيس الجنوب إفريقي جاكوب زوما، أمس، إزاء التدخل العسكري لحلف ''الناتو'' في ليبيا ولم يتمكن من كتم تذمره عندما أكد أن الأممالمتحدة لم تخول الحلف القيام بعمليات عسكرية ذات أبعاد سياسية لاغتيال العقيد الليبي معمر القذافي. وجاءت تصريحات الرئيس الجنوب إفريقي خلال اجتماع لجنة الوساطة للاتحاد الإفريقي بمدينة بريتوريا والتي تضم أيضا رؤوساء الكونغو ومالي وموريتانيا وأوغندا الذين التقوا من أجل تقييم آخر تطورات الوضع في ليبيا ومدى إمكانية التوصل إلى تسوية سياسة له. ولم يخف الرئيس جاكوب زوما انشغال لجنة الوساطة والاتحاد الإفريقي من تكثيف الحلف الأطلسي لغاراته الجوية ضد الأهداف المدنية في العاصمة الليبية طرابلس بهدف قتل العقيد الليبي. وقال إن لائحة مجلس الأمن 1973 التي فرضت بمقتضاها منطقة الحظر الجوي على ليبيا نصت فقط على حماية المدنيين الليبيين وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إليهم. وأضاف أن الغاية منها لم تكن أبدا تغيير النظام السياسي في ليبيا أو القيام بعمليات اغتيال سياسية في إشارة إلى محاولة حلف الناتو استهداف شخص العقيد الليبي لتسهيل الإطاحة بنظامه من خلال قصف قصر العزيزية الذي تقطنه عائلة القذافي. وجاءت تصريحات الرئيس الجنوب إفريقي في نفس اليوم الذي أكد فيه المجلس الوطني الانتقالي المعارض في ليبيا انه ينتظر عرضا من العقيد الليبي من اجل وضع حد للنزاع الذي تجاوز عتبة الأربعة أشهر دون وجود أية مؤشرات لنهايته. وربط المجلس الانتقالي تكهناته بمبرر أن ذلك سيتزامن مع انعقاد القمة السابعة عشرة للاتحاد الإفريقي بملابو عاصمة دولة غينيا الاستوائية يوم 30 جوان الجاري. ولم ينتظر موسى إبراهيم الناطق باسم السلطات الليبية طويلا للرد على هذه التكهنات وأكد أن العقيد القذافي لن يغادر السلطة ولا ليبيا. وقال إن القذافي مازال هنا وسيبقى وهو الذي يقود البلاد ولن يغادرها كما أنه لن يستقبل لأنه لا يشغل أي منصب سياسي. وأضاف إبراهيم أن هذا بلدنا ولن نتركه لجماعات لصوص ومجرمين تحكموا في مدننا وجعلوا سكانها رهائن لديهم وقال إن الجميع سيواصل الحرب في كل شارع وبيت. يذكر أن الاتحاد الإفريقي سبق له أن عرض خطة ''خارطة طريق'' على الفرقاء الليبيين كمخرج سلمي لأزمتهم قبلها العقيد الليبي ورفضتها المعارضة المسلحة بعد أن اشترطت رحيلا نهائيا لهذا الأخير من السلطة والبلاد. ونصت خطة الطريق الإفريقية وقفا لإطلاق النار وتحديد فترة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات ديمقراطية إلا أن تصلب المواقف حال دون التمكن من تجسيد بنودها. ولكن هذا الاحتقان لم يثن رؤوساء الدول الأعضاء في لجنة الوساطة الإفريقية في اجتماعهم أمس في جنوب إفريقيا على مواصلة مساعيهم بقناعة صواب خطتهم والعمل من اجل تذليل آخر العقبات التي تعترض الحل السلمي لهذه الحرب. واستعرض أعضاء اللجنة خلال اللقاء إمكانية التوصل إلى هدنة بين الفرقاء تمكن من إيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين وتسمح بخلق جو من الثقة لضمان إيجاد حل دائم يمكن من عودة الأمن والاستقرار إلى هذا البلد الإفريقي. وينتظر أن يستمع المشاركون في الاجتماع إلى تقرير لمفوض السلم والأمن رمضان لعمامرة حول آخر تطورات الأزمة الليبية ونتائج مشاورات المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالملف واجتماعاتها الأخيرة في نيويورك والقاهرة. وأكدت أوساط افريقية أن ''خارطة الطريق'' المقترحة من طرف الاتحاد الإفريقي في مارس الماضي ''لازالت قائمة'' بقناعة أن الجميع متفق على ضرورة التفاوض للتوصل إلى حل سياسي. ويصر المجلس الذي أسسه المتمردون في مدينة بنغازي في شرق البلاد على ضرورة أن يتضمن أي عرض لحل الأزمة رحيل القذافي وعائلته من السلطة في ليبيا ومن الحياة السياسية فيما يدعو الزعيم الليبي إلى وقف الهجوم الذي يشنه حلف شمال الأطلسي على بلاده واحتواء الأزمة من خلال الجهود الدبلوماسية بما فيها خارطة الطريق التي اقترحها الاتحاد الإفريقي ووافق عليها القذافي. وعلى صعيد عسكري كثفت طائرات حلف الناتو قصفها للعاصمة الليبية طرابلس وضواحيها فيما تدور معارك طاحنة وعمليات كر وفر بين قوات النظامية الموالية للعقيد الليبي وقوات المعارضة على مشارف العاصمة طرابلس. وأكد حلف الأطلسي أن صواريخ طائراته أصابت موقعا في ليبيا تستخدمه القوات الموالية للنظام الليبي في تخزين إمدادات وعربات عسكرية وهو ما دحضته السلطات الليبية التي أكدت أن القصف استهدف مخبزة ومطعما مما أدى الى مقتل 15 شخصا وإصابة 20 آخرين. وهي ثاني عملية من هذا النوع راح ضحيتها مدنيون أبرياء عندما قصفت طائرات حربية أطلسية الأسبوع الماضي مسكن القيادي الليبي السابق حميدي الخويلدي وقتلت تسعة من أفراد عائلته بينهم أطفال ونساء.