لم ييأس الاتحاد الإفريقي في البحث عن مخرج سياسي لإنهاء الحرب الأهلية في ليبيا بعد أربعة أشهر من اندلاعها رغم العراقيل التي لاقاها في مسعاه الذي بدأه بتنسيق مع هيئات ومنظمات إقليمية ودولية ولكنه اصطدم بواقع ميداني دام. وفي هذا الإطار وصل الرئيسان الموريتاني محمد ولد عبد العزيز والمالي امادو توماني توري، أمس، إلى جنوب إفريقيا، للمشاركة في اجتماع لجنة الوسطاء الأفارقة حول هذا النزاع أو ما يعرف باللجنة رفيعة المستوى للاتحاد الإفريقي حول الأزمة الليبية، حيث سيعكف رؤساء الدول المنضوية فيها على بحث آخر تطورات هذا الوضع ونتائج الاتصالات التي أجرتها اللجنة مؤخرا من أجل التوصل إلى حل تفاوضي لهذه الأزمة التي تعرف تشددا في مواقف أطرافها دون بريق أمل من أجل تسويتها بالطرق السلمية. يذكر أن لجنة المساعي الحميدة الإفريقية تضم بالإضافة إلى الرئيسين المالي والموريتاني رؤوساء جنوب إفريقيا جاكوب زوما والكونغو دونيس ساسو انغيسو وأوغندا يوويري موسيفيني. ويأتي هذا الاجتماع التنسيقي ثلاثة أيام فقط قبل انعقاد القمة ال17 للاتحاد الإفريقي في مالابو بدولة غينيا الاستوائية من 29 جوان الجاري إلى غاية الفاتح جويلية القادم والتي سيكون الوضع في ليبيا من بين أهم نقاط جدول أعمالها. وفي انتظار ما ستنتهي إليه لجنة رؤوساء الأفارقة فقد ألحقت غرفة النواب الأمريكيين، أمس، ضربة موجعة بالرئيس باراك أوباما عندما رفضت تمرير مشروع قرار يرخص للتدخل الأمريكي في ليبيا والذي يبقى أمرا أساسيا بالنسبة للرئيس الأمريكي من أجل التكفير عن خطئه عندما قفز على الكونغرس وانضم إلى التحالف الدولي ضد ليبيا دون توكيل مسبق من الكونغرس الأمريكي. ورفضت غرفة النواب هذا النص ب295 صوتا مقابل 123 صوتا مؤيدا. ولم يجد البيت الأبيض سوى التعبير عن أسفه لهذا التصويت حتى وإن كان ذلك ذا دلالات سياسية كونه لا يضع حدا للعمليات العسكرية في ليبيا والمتواصلة منذ أكثر من 90 يوما المدة التي حددتها اللائحة الأممية .1973 ولم يخف جاي كارني الناطق باسم البيت الأبيض خيبة الرئاسة الأمريكية من هذا التصويت الذي ''جاء في سياق زمني غير مناسب ويعطي رسالة غامضة حول حقيقة النوايا الأمريكية'' من وراء انسياقها وراء مشروع اللائحة الأممية التي بادرت بها فرنسا وبريطانيا لتشديد الخناق على نظام العقيد الليبي معمر القذافي تحت غطاء حماية المدنيين الليبيين. وقال جاي كارني إن مصير القذافي حسم ولذلك فإن هذا التصويت جاء في غير سياقه الزمني وفي وقت لا يجب الظهور فيه بمظهر المتخاذل''. وتعد هذه هي المرة الأولى منذ سنة 1999 التي يصوت فيها نواب أمريكيون ضد تدخل أمريكي في الخارج بعد أن رفض مجلس النواب للرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون التدخل عسكريا في كوسوفو. يذكر أن القانون الأمريكي يشترط على كل رئيس أن يطلب الضوء الأخضر من الكونغرس قبل القيام باي عمل عسكري خارج الحدود الأمريكية وهو ما لم تفعله إدارة الرئيس اوباما التي تذرعت بكونها قامت فقط بدعم عملية حلف الناتو بإقامة منطقة حظر جوي فوق الأجواء الليبية لمدة لن تتعدى ثلاثة أشهر وأن الأمر لا يتعلق بعملية عسكرية أمريكية في الخارج. ولكن الرئيس أوباما لم يقنع النواب الأمريكيين بهذا التبرير بمن فيهم نواب من حزبه الديمقراطي الذين صوت 70 منهم لصالح رفض الترخيص للرئيس الأمريكي من مواصلة العملية العسكرية ضد ليبيا. وقال النائب الديمقراطي دونيس كوسنيش إننا لسنا في حاجة إلى بؤرة توتر أخرى نقحم فيها أنفسنا وليس ذلك الذي ينقصنا ''في إشارة إلى التورط الأمريكي في أفغانستان والعراق.وأضاف أن الرئيس تصرف وكأنه ملك بصلاحيات مطلقة ويتعين علينا أن نضع حدا فوريا لهذا الأمر إذا كنا لا نريد أن نتحول إلى إمبراطورية منها إلى جمهورية.