أكد وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات السيد جمال ولد عباس أن القطاع دخل ''مرحلة جديدة'' أهم ملامحها ''الاستقرار'' الذي يشهده القطاع بعد إصدار 15 مرسوما يخص النظام التعويضي للأسلاك الطبية وشبه الطبية، معلنا الشروع في تحضير القانون الجديد للصحة الذي سيشارك في إعداده كل المهنيين. لكنه اعترف بالمقابل أن قطاع الصحة بالجزائر يعرف ''اختلالات'' جاءت الندوة الوطنية حول إصلاح المنظومة الاستشفائية لتحدد سبل معالجتها سعيا لتحسين وتطوير المنظومة بأكملها. انطلقت أمس بقصر الأمم في نادي الصنوبر أول ندوة حول المنظومة الاستشفائية في الجزائر بحضور رؤساء مصالح المراكز الاستشفائية الجامعية، في وقت يعرف فيه القطاع غليانا واحتجاجات مستمرة متعددة المطالب. وزير الصحة جمال ولد عباس ألح على القول في بداية الجلسة الافتتاحية ان صفحة ''المرحلة الأولى'' قد طويت بما تميزت به من ''راتب غير مشرف لكل السلك الطبي وغياب تام للقاعدة التشريعية وماخلفته من احتجاجات'' وان القطاع الآن يعيش ''استقرارا'' بعد الإجراءات المتخذة مؤخرا لفائدة الأسلاك الطبية المختلفة. واعتبر ان الندوة المنظمة هي انطلاقة المرحلة الثانية بما ستقدمه من آراء ومقترحات وتوصيات ستكون ''الأساس الذي سيعد عليه مشروع قانون الصحة الجديد ولب التقرير الذي سأقدمه الى رئيس الجمهورية في رمضان المقبل''، ولهذا خاطب الحاضرين قائلا ''ندوة اليوم ليست لقاء نقابيا أو حفلة إنها ندوة عمل جمعنا فيها كل رؤساء المصالح بالمراكز الاستشفائية الجامعية لتقديم اقتراحات تسمح بتجاوز النقائص المسجلة والبحث في طرق وسبل تطوير المنظومة الصحية الجزائرية''. وبالفعل فقد اعترف ولد عباس بأنه رغم كل الانجازات التي عرفها قطاع الصحة منذ الاستقلال وأهمها فتح 11 كلية طب، ووجود 15 مركزا استشفائيا جامعيا و32 مركزا استشفائيا للصحة العمومية و9387 هيكل صحي بكل الأنواع. مع تسجيل عدة مشاريع هي حاليا طور الانجاز منها 187 مستشفى جديدا، و411 عيادة متعددة الخدمات و92 مركزا استشفائيا تخصصيا، إضافة الى موارد بشرية بعضها أصبح فخرا للمستشفيات في الخارج لاسيما بكندا وألمانيا وفرنسا، فإن هناك ''اختلالات'' ناتجة حسبه عن جملة من العوامل على رأسها: التكوين غير المتوافق مع الحاجيات، التمييز في توفير الإمكانيات بين مركز تكويني وآخر في نفس الاختصاص، ولهذا طالب الوزير بإعادة إحياء اللجنة الاستشارية الاستشفائية الجامعية الوطنية ومثيلاتها المحلية. كما تحدث عن الاختلال الواقع في فروع التكوين لاسيما في الصناعة الصيدلانية التي تحتاج الى اختصاصيين، وقال ''نريد ان يتجاوز الصيادلة الاستشفائيون مرحلة تسيير الطلبات والمخزون والتوزيع''. وتحدث عن ضرورة استحداث تكوينات تستجيب للتخصصات الجديدة في ميدان شبه الطبي. ودعا في السياق رؤساء المصالح الاستشفائية الى المشاركة في تكوين منتسبي هذا السلك. ولأن التكوين هو لب المحاور التي تناقش في الندوة ليومين ضمن الورشات الست المشكلة، فإن وزير التعليم العالي والبحث العلمي الذي اشرف قطاعه كذلك على التحضير للندوة منذ سنة، ركز في تدخله على هذه المسألة، مطالبا المشاركين ''باعتبارهم مكونين كذلك'' بأن يردوا بوضوح على الانتقادات الموجهة للسلك الطبي. السيد رشيد حراوبية أبدى انزعاجه الشديد من الانتقادات الموجهة للموارد البشرية في القطاع الصحي وقال انه لايمكنه السكوت عنها. وأوضح ''انا اليوم امام خيرة ابناء القطاع أي النخبة، أتحدث إليكم بمرارة لأنني عندما استمع لتعليقات واقرأ أشياء في مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والتويتر تطعن في الموارد البشرية لايمكنني عدم الرد...يقول البعض ان التكوين المتلقى عفى عنه الزمن، وان التأطير غائب...إنكم القمة، واذاكانت القمة مطعون فيها فلا يمكن الحديث عن القاعدة.. كما يقول آخرون ان مواردنا البشرية ليست في مستوى تلك الموجودة في البلدان المجاورة أريد ان اسمع منكم كلاما واضحا حول كفاءة الأطباء الجزائريين... يمكن القول أن هناك نقصا في التنظيم أو جوانب أخرى لكن عندما نطعن في الموارد البشرية لايمكننا السكوت''. ولهذا اعتبر حراوبية ان هذا اللقاء فرصة لايجاد الحلول، والنظر في طبيعة الاختصاصات القائمة وتلك التي يمكن استحداثها، والبحث في الخدمات الصحية وكل مراحلها بمايرقى بها الى مصاف النوعية والجودة. إضافة الى تشخيص نقاط الضعف وبلورة مقترحات عملية لتحسين منظومة التكوين، معربا عن انفتاحه امام كل الاقتراحات بدون استثناء، والإجابة عن سؤال ''أين نذهب بالعلوم الطبية؟ هل نعيد النظر تماما في كل البرنامج أم في تكوين المتخصصين''؟ وأكد الوزير استعداه التام لوضع كل المقترحات التي من شأنها تحقيق تحسين شروط التكوين والتأطير والبحث حيز التنفيذ، وعزم إدارته على التعاون مع الأسرة العلمية لتطوير برامج تتماشى مع الواقع. للإشارة تستمر اليوم أشغال الندوة في ست ورشات، خمس تمت برمجتها وتتعلق ب''التخصصات الطبية''، ''التخصصات الجراحية''، ''التخصصات في العلوم الأساسية''، ''تخصصات طب الأسنان''، ''التكوين حسب الحاجات الصحية للجنوب''. هذه الأخيرة اعتبرها وزير الصحة هامة جدا وطالب المشاركون في الورشة بالتطرق لكيفية تحقيق التغطية الصحية الجيدة لهذه المنطقة التي وصفها ب''الجيواستراتيجية'' بالنسبة لاستقرار البلاد، حيث دعاهم الى اقتراح سبل تجسيد تواجد طبي وصحي دائم بالجنوب. أما الورشة السادسة فقد برمجت بعد اقتراح من البروفيسور محمودي وتتعلق ب''تسيير المؤسسات الاستشفائية''، حيث أشار الى الصعوبات الكبيرة التي يواجهها المسيرون في الميدان قائلا: ''صحيح انتقلنا من المركزية الى اللامركزية لكن هذه الأخيرة مازالت تخضع لأوامر تتسبب في حدوث فوضى''.