تحاول مجموعة من الرياضيين في بوفاريك إعادة المجد الضائع للملاكمة بمدينة البرتقال من خلال إنشائها لجمعية قدماء رياضة الفن النبيل، حيث تهدف هذه الجمعية من خلال نشاطاتها المتعددة إلى تقديم يد المساعدة لملاكمين قدامى، تركتهم الأقدار يتخبطون في وضعيات إجتماعية مزرية، فضلا عن محاولة إعطاء دفع جديد لهذه الرياضة التي عرفت في السنوات الأخيرة بعض الركود. ولمن لا يعرف تاريخ الملاكمة في مدينة بوفاريك، فإن هذه الأخيرة كانت حتى قبل عهد الإستقلال مشهورة بأبطالها في هذه الرياضة منهم محمد عابد، بطل شمال إفريقيا في الخمسينات، ومحمد ماموالذي اشتهر بطريقته في مواجهة منافسيه فوق الحلبة وساهم عند حلول الاستقلال في إنشاء أول مدرسة للفن النبيل بنادي اتحاد البناء، وأصبح فيما بعد من بين مدربي رياضييه، وأيضا الشيخ رزقي، الموجود على قيد الحياة، والمعروف عنه أنه مؤسس رياضة الملاكمة في مدينة البرتقال وضواحيها، حيث وظف خبرته الطويلة في الملاكمة لمساعدة بعض الرياضيين على شق طريقهم الرياضي . ولا زالت مدينة البرتقال تحوز على مدرستين فقط في رياضة الملاكمة وهما وداد بوفاريك والجمعية الرياضية لمدينة بوفاريك، إلا أن النادي الأول هوالذي كان له الفضل الكبير في تطوير هذه الرياضة، حيث اشتهر كمدرسة عريقة في تكوين الملاكمين الكبار، ونذكر على سبيل المثال عبد القادر ولد مخلوفي، بطل إفريقيا سابقا في الوزن الخفيف والذي نافس على اللقب العالمي في طوكيو، حيث انهزم أمام صاحب اللقب من اليابان، وأيضا محمد بن قاسمية، صاحب السجل الرياضي الثري ضمن الجمعية العالمية للملاكمة، ولا زال يمارس هذه الرياضة إلى اليوم، وأيضا البطل الشهير قدورعليان، صاحب الوزن الثقيل والقامة الطويلة، حيث سجل قدور اسمه بأحرف من ذهب في الملاكمة الجزائرية بعدما قضى سنوات طويلة ضمن المنتخب الوطني رفقة بلهواري وبنور وغيرهم من الملاكمين الذين تركوا بصماتهم في الفن النبيل بالجزائر، إلى جانب حمود قبطان الذي شكل مع زملائه في الفريق الوطني رحماني والإخوة بنور وبوخاتم وميسوم وقاصد وفيلالي ولبيوض وكازيطاني ولوناس والعطباوي وبن أحمد وسبان ولارتيغ وسالمي، جيلا رائعا من الملاكمين الذين نالوا ألقابا كثيرة في دورات دولية وإفريقية عدة، وقد تحول حمود قبطان فيما بعد إلى مجال التدريب، حيث أشرف على نادي مستشفى مصطفى باشا وكون عدة ملاكمين بارزين أمثال زنقلي وقويدر اللذين استدعيا إلى المنتخب الوطني في الثمانينات. رئيس الجمعية حمود قبطان: ''تعطل نشاطنا لأسباب مادية'' وقد أصبح حمود قبطان رئيسا لجمعية الفن النبيل بمدينة بوفاريك، حيث يقول عن الغرض من إنشاء هذه الجمعية : '' لقد أنشأنا هذه الجمعية منذ أربع سنوات وتعطل نشاطها لاعتبارات مادية بشكل خاص، غير أن الأمور تغيرت اليوم وأصبحنا نشعر بوجود بعض الإهتمام من السلطات المحلية لتشجيعنا على الإنطلاق في النشاط، فضلا عن وجود استعداد لدى أطراف ممولة تريد مساعدتنا في مهمتنا النبيلة، فنحن نريد بالدرجة الأولى تقديم يد المساعدة للملاكمين القدامى الموجودين في حاجة إلى مساعدة مادية، منهم الذين لم يتوصلوا إلى التكفل كما ينبغي بعائلاتهم ومثل هذه الحالات كثيرة في بوفاريك، وأذكر على سبيل المثال إسماعيل بونابي (68 سنة) الذي يعاني من الشلل على مستوى يديه ورجليه، حيث كان ضحية ارتفاع ضغط الدم، وبطل شمال إفريقيا في الخمسينات الشيخ أرزقي الذي يعاني في صمت من إعاقة كبيرة، وهناك أيضا الملاكم رضا قبطان، وهوبطل ولائي في سنة 84 ويعد من بين تلاميذ عبد القادر ولد مخلوفي، حيث كان عرضة لحادث خطير على الحلبة تسبب له في عاهة على مستوى الوجه، ولا يرى النور الآن سوى بعين واحدة. لقد أودع ملفا طبيا في الجهات المختصة لكنه لم يتلق أي رد إيجابي واضطر إلى رفع قضيته إلى المحكمة الرياضية''. وفضلا عن القيام بهذا العمل الإنساني البحت، ستبادر الجمعية بتنظيم دورات في رياضة الفن النبيل من أجل تخليد الملاكمين الذين وافتهم المنية، ويوجد من بينهم أول مدرب في الملاكمة ببوفاريك المرحوم محمد شايب ومساعده زيدون والملاكمين الآخرين الذين مارسوا هذه الرياضة منذ الإستقلال إلى غاية نهاية السبعينات، مثل الأخوين مرالي خليل ومرالي مصطفى . وقد تحدثنا في الموضوع مع نائب رئيس هذه الجمعية، السيد ابراهيمي علي، وهوملاكم سابق في الخمسينات والستينات، حيث يجر وراءه سجلا رياضيا حافلا بالألقاب وقد أكد على أهمية إنشاء هذه الجمعية بالقول: ''بالإضافة إلى كل الخطوات التي ذكرها زميلي حمود قبطان، فإننا مصممون من جهة أخرى على إعادة بعث الملاكمة في مدينة بوفاريك، من خلال الوقوف إلى جانب النوادي التي تعمل في هذا الإتجاه بتقديم النصائح أومساعدتها في الحصول على كل ما تحتاجه في مجال العتاد، ونشعر حاليا أن الملاكمة في بوفاريك تراجع مستواها بدليل أن لا أحد من ملاكميها يتواجد ضمن المنتخب الوطني للأكابر''. وأضاف محدثنا أن نشاط الجمعية لن يقتصر فقط على ملاكمي مدينة البرتقال بل سيتعدى هذا الإطار، حيث تنوي الجمعية نفض الغبار على المسار الرياضي للملاكمين القدامى في مدينة البليدة، منهم مراكش ومراح وبن ميلود والشهيد عمر دايدي ومحمدي وترقاوي. كما للجمعية مشروع آخر يتمثل في تنظيم دورة رياضية كبيرة تخليدا لبطل معركة الجزائر الشهيد علي عمار المدعو''علي لابوانت''، والذي كان ملاكما قبل أن يدخل صفوف الثورة، حيث قامت جمعية الفن النبيل بالإتصال بجمعية أولاد القصبة من أجل التنسيق بينهما في تأطير هذه التظاهرة الرياضية الكبيرة. وتمنى كل من حمود قبطان وعلي إبراهيمي في الأخيرأن تتوصل جمعية الفن النبيل إلى القيام بمهمتها على أحسن وجه .