يحتفل الشعب الجزائري هذه السنة بعيد الاستقلال والشباب المصادف للخامس جويلية، في ظرف استثنائي وغير مسبوق يشهده العالم العربي، برز من خلاله تكالب القوى العظمى المتزايد من أجل الهيمنة على ثروات الشعوب وخيراتها وهي تستعمل لتحقيق ذلك أساليب وشعارات مزيفة توهم جميعها بالدفاع عن حقوق الإنسان والمدنيين ومبادئ الديموقراطية. إن الحقيقة التي لا شك أن الشعوب أدركتها بدرجة أكثر، هي ضرورة الالتفاف حول الوطن والدفاع عن سيادته وكرامته مع التحلي بالحذر واليقظة لإحباط المخططات التي رسمت لها هدفا واحدا وهو السيطرة على الثروات والهيمنة على الشعوب مهما كلف مخططيها من أموال. ولأن الجزائريين سبق وأن دفعوا فاتورة عشرية كاملة من المعاناة، اكتفى خلالها العالم بالتفرج من بعيد، خلفت أرواحا وخسائر مادية جسيمة وضياع سنوات من الإنجازات، فإنهم اليوم يعون كل الوعي معنى الوطن ووحدته وكرامة الإنسان والبلاد. ويتجلى ذلك من خلال تأكدهم بأن التغيير الذي لا يمكن أن ينكره أحد أنه أصبح أمرا ضروريا، لن يكون إلا بالطرق السلمية والحفاظ على وحدة واستقرار البلاد وبالعمل أكثر على تعزيز استقلالنا السياسي باستقلال اقتصادي يكون بتحقيق الاكتفاء الذاتي والتخلص من التبعية التي تكلفنا مليارات الدولارات سنويا. وتأتي مناسبة عيد الاستقلال والشباب في كل مرة لتعطي الطاقات الشابة والحية في بلد المليون ونصف المليون شهيد، دفعة قوية نحو المزيد من المثابرة والابتعاد عن روح الاتكالية وتثمين ما تتوفر عليه البلاد من ثروات بشرية ومادية وما يبذل من جهود كفيلة بأن تجعل من الجزائر دولة في مصاف الدول الكبرى لامتلاكها كل ما يتطلب لتصبح كذلك. وبإمكان الجزائريين أحفاد بن بولعيد وعميروش وحسيبة بن بوعلي أن يحملوا وطنهم على أكتافهم كما فعل أسلافهم من أجل الاستقلال، في هذا الظرف الذي تمر به الدول العربية على الخصوص، كيف لا وهم الذين يحملونه في قلوبهم وعقولهم وقد أظهروا ذلك بقوة العديد من المناسبات التي أبهرت العالم.