يفتح السيد علي صاحب المقهى المعروف بمقهى "باريس الثانية" بالرحبة (المدينة القديمة) مقهاه عند الساعة الثالثة صباحا ويغلقها عند العاشرة مساء وهو المقهى الذي يقول عنه العديد أنه يستحق أن يدخل في كتاب غينس للأرقام القياسية· زارت "المساء" عمي علي بالرحبة أو المكان الذي بات يعرف ب"الدوزيام باريس" ذلك أن صورته سكنت بيوت الباريسيين، وعلقت الى جانب صور المدينة القديمة بالمدن الفرنسية وعندما يقصده المهاجرون يأخذون صورا تذكارية ويقولون له: إنك أحد أفراد العائلة: في عملي متعة
حدثني عن سبب كون المقهى كل شيء في حياته فذكر: "أجد متعة في عملي خاصة عند خدمة الآخرين كما تظهر حلاوة العمل خلال شهر رمضان فمثلا عند السهرة تفرش "الحصائر" كما يعانق صوت أم كلثوم عناق الأجواء!؟ ودحمان الحراشي الذي هو خال زوجة عمي وأعرفه قبل أن يبدأ في الغناء فهو أخ لذكرين وست بنات· لقد سكنت في 03 شارع الجزائر بالحراش وسكنت في شارع محمد الخامس وكنت أقطع مسافة 10 كلم سيرا على الأقدام وقد عملت في مقهى الحراش لمدة قصيرة جعلتني أحتك بالمجاهدين كما أضاف أنه قد اشتغل لحساب البوليس السري للثورة في مواجهة أحد الحركى والذي تم تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الثوار لكونه يقود شبكة تجسس لصالح العدو بقوام (300) فرد موزعة على الحراش في حين كان مركز القيادة بمحطة القطار· وقد مكّنته مهنته كقهواجي من رصد ومتابعة تحركات الشبكات العنكبوتية· وعندما عاد الى مسقط رأسه بأولاد جلال يذكر: "أنه كان يجلب الماء من البئر الذي كان يتوسط الرحبة والذي يصب بالقرب من المقهى (عنتر سابقا)· ويقول السيد علي الذي يعد أول من أدخل "آلة ضغط القهوة بالمنطقة" عن سرّ نجاحه انه يكمن في المعاملة وحتى تأتي أكلها يجب أن يتمتع الشخص بشيء من الفراسة·
بدأ العمل وعمره سبع سنوات
وعن المراحل التي قطعها ليصبح "ملكا للقهوة" يقول: "بدأ مشواري المهني حين كان عمري سبع سنوات بدأت أولا ببيع الزلابية لدى عبد الله في شارع سيدي عيسى بأولاد جلال وبمقهى بالحفناوي (العواد محمد) يذكر حينها كان (الفازوز) هو "السترو بالماء" والقهوة، والشاي، والخورجلان··· ويضيف كنا نحضّر القهوة على (الجدرة) إذ أن الموقد كان يشتعل بالحطب والمذياع يشتغل (بالبطارية) وكنا أكثر شوقا للاستماع الى صوت العرب وكان أحمد خليفي، ورحاب الطاهر هذا الأخير أصله من "ليوا" درس بالزاوية المختارية بأولاد جلال، وعلي خنشلي، عيسى الجرموني·· ملوك الأغنية الصحراوية· العمل عبادة لا يزال يحتفظ عمي علي القهواجي بذكريات الصبا خاصة عن أولئك الأشخاص الذين قدموا للوطن الغالي كمحمد خضر، عاشور زيان محمد لكحل الذين عملوا في البداية بالبساتين بعيدا عن أعين الاستعمار وكانوا ينظمون مسرحيات تحث على الاستعداد والجهاد··· أحبّ الناس فأحبّوه تركنا عمي علي مع زبائنه بمقهاه التي يتناول غذائه وعشائه فيها وأحيانا أخرى ينام بها وعلى الرغم من أن الوقوف قد أثر على ركبتيه وعلى الرغم من أن الأطباء قد نصحوه بوضع وسادة على رجليه··· وضرورة التداوي بالرمال إلا أنه لا يمل ولا يكل ولا يتأفف رغم تجاوزه سن التقاعد لأنه بكل بساطة جعل عمله عبادة كما تقصده ليلا جماعات من الشباب المقهور وفي حالة متقدمة من السكر وتأثير المخدرات··· إذ أن مقهاه تقع في مكان يعج بالذين يجدون نشوة في معاقرة الخمرة· الى جانب شم الأفيون ومع هذا يعتبرهم بمثابة أبناء فيعاملهم معاملة حسنة وبالمقابل يبادلونه الاحترام··· شأنهم شأن بعض المرضى وفاقدي الأهلية الذين يحبون عمي علي الذي يأتمنه الناس على مصالحهم ويودعون لديه الأمانات ليسلمها لأهلها، لذا يقولون عنه "أحبّ الناس فأحبّوه"·وعن هذا الحبّ يقول: "الصبر جميل، والتي يأتي بها اللّه والتي تأتي من عنده "مليحة"·