يشير خبراء حكوميون مختصون في التطورات المناخية إلى أن إفريقيا الشمالية تعد ثاني منطقة مهددة بالمخاطر المناخية على المستوى العالمي، وهي المعطيات التي نشرها البنك العالمي بداية الصائفة الجارية في شكل دراسة حول التأقلم مع التغيرات المناخية والقدرة على مقاومة تبعاتها الكارثية بالمدن الساحلية لإفريقيا الشمالية والتي تم تقديمها في إطار برامج مركز مرسيليا للتكامل المتوسطي، ولم يتطرق التقرير إلى أي تهديد قد يعترض الجزائر على خلاف مصر وتونس والمغرب. وعبر التقرير العلمي الذي أعد تحت إشراف البنك الدولي وحرر من قبل الخبير الدولي في العمران ''أنتوني بيجيو'' عن قلق البنك الدولي الشديد من المخاطر التي تهدد شمال إفريقيا وتحوم حول التغيرات المناخية بدول الضفة الجنوبية للبحر المتوسط، بحيث شرح الخبير أن الكوارث الطبيعية كالفيضانات والتآكلات الساحلية لها عواقب تدميرية خاصة بالمدن التي تعرف ارتفاعا ديمغرافيا كبيرا مما يجعلها عرضة لمخاطر جدية. ويشير التقرير إلى تفاقم المخاطر بهذه المدن في العشر سنوات القادمة، علما أن منطقة ''مينا'' التي تمثل دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط تعاني من ارتفاع في الكوارث الطبيعية التي انتقلت من ثلاث كوارث سنوية خلال 1980 إلى 15 كارثة في السنة خلال 2006 علما أنه من بين 276 كارثة طبيعية تم تسجيلها وإحصاؤها في الخمسة والعشرين سنة الماضية بالمنطقة، 120 منها سجلت في الخمسة عشرة سنة الماضية. وقد شملت الدراسة ثلاث مدن رئيسية: الإسكندرية (مصر) والدار البيضاء (المغرب) وتونس العاصمة (تونس) بالإضافة إلى وادي بورقرق بالمغرب والواقع على ضفاف منطقة الرباط التي حظيت باهتمام واسع من قبل معدي التقرير لما تواجهه من خطر كبير، وقد تم تحليل وضعية المناطق الأربع سالفة الذكر مع وضع جدول حول وضعيتها الحالية والمستقبلية (آفاق 2030) من خلال تحليل درجة تعرضها للكوارث الطبيعية الناجمة عن التغيرات المناخية. ولم يرد في التقرير أي خطر يتهدد الجزائر التي تبنت منذ 2001 مخططا معماريا هاما يقضي أولا باتباع قوانين عمرانية صارمة مقاومة للزلازل من جهة وكذا سياسة تهدف إلى حماية المدينة من التوسع العشوائي للسكان والبناءات التي منع إنجازها على مستوى الشريط الساحلي بموجب قانون خاص، إلى جانب سعي السلطات إلى تفكيك الخناق عن كبرى المدن الساحلية من خلال إنجاز مدن جديدة تتوفر على جميع المرافق القاعدية والأساسية. وتواجه المناطق المشار إليها في التقرير خطر مد بحري كبير وهي الصورة التي رسمت للعديد من دول جنوب المتوسط في حال تسجيل تمركز عقاري كبير، علما أنه تم في عام 2010 إحصاء تمركز سكاني بالمدن الساحلية لدول شمال إفريقيا يقارب ال60 مليون نسمة ومن المتوقع أن يتجاوز ال100 مليون في حدود العام 2030 مع توقع ارتفاع المخاطر على السكان والأنشطة الاقتصادية، وفيما يتعلق بمدن الإسكندريةوتونس والدار البيضاء فإن النسبة الساكنة فيها قاربت ال10 ملايين نسمة سنة 2010 مع توقع استقبالها ل15 مليونا مقيما جديدا وارتفاع منسوب المياه بها ب10 سنتيمترا في آفاق 2030 مرفوقة بموجات أعاصير قوية تكلف كل مدينة نحو مليار دولار من الخسائر السنوية. وعلى مدار سنتين كاملتين من العمل لإعداد التقرير، تم تقديم تقييم أولي للمخاطر وتكاليف الخسائر المتوقعة مع إرفاق التقرير بجملة من التوصيات والإصلاحات الواجب اتباعها على أرض الواقع وكذا الاستثمارات الواجب إنجازها لتمكين هذه المدن من حماية ساكنيها من خلال تبني أنظمة وقوانين معمارية تأخذ بعين الاعتبار التطور السكاني والمخاطر المتوقعة، مع ضرورة تحكم الدول بمساحاتها المعمارية ومعاقبة كل العابثين بها. وأشار التقرير إلى تحديات أخرى أمام الدول والحكومات التي شملها التقرير عليها اتباعها كضرورة توفير الهياكل القاعدية الخاصة بالنقل وتحويلها من المناطق الخطرة وذات التهديد الكبير إلى مناطق أخرى أكثر أمنا مع ضرورة تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الخاصة في توزيع المشاريع الكبرى بالمدن وهو ما لم يتم أخذه بعين الاعتبار في المدن سالفة الذكر بحيث لم تتم استشارة أو إشراك المعماريين المحليين في العديد من المشاريع الذين كان سيكون لهم فيها رأي مخالف حسبما جاء في التقرير.