رحل الروائي الجزائري الطاهر وطار عن عالمنا بعد صراع طويل ومرير مع المرض عن عمر يناهز 74 سنة يوم الخميس 12 أوت ,2010 مخلفا إرثا أدبيا كبيرا وغنيا، كرس حياته للعمل الثقافي التطوعي، ترأس الجمعية الثقافية الجاحظية منذ 1989 وقبلها حول بيته إلى منتدى ثقافي يلتقي فيه المثقفون كل شهر. سيخلد اسم عمي الطاهر في عالم الرواية العربية عامة والجزائر خاصة، وتتمثل في عشرات الروايات والقصص والأعمال المسرحية المترجمة لأكثر من 14 لغة، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ''الشهداء يعودون هذا الأسبوع''، ''رواية اللاز''، ''الشمعة والدهاليز''، ''الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي''، ''الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء''، أما آخر أعماله فهي رواية ''قصيد في التذلل'' التي كتبها عمي الطاهر وهو على فراش المرض بالجزائر ثم في المستشفى بباريس. ولد الطاهر وطار عام 1936 في بيئة ريفية بعرش الحراكتة مدينة عين البيضاء ولاية أم البواقي. ورث عمي الطاهر الكرم عن جده والزهد والقناعة والتواضع عن أبيه والطموح والحساسية المفرطة عن أمه. تنقل الطاهر وطار مع والده بحكم وظيفته البسيطة في عدة مناطق، حتى استقر به المقام بقرية مداوروش التي تبعد عن مسقط رأسه بعشرين كلم، وهناك اكتشف مجتمعا آخر، غريبا في لباسه وغريبا في لسانه وفي كل حياته، فاستغرق في التأمل وهو يتعلم القرآن الكريم، ثم التحق بمدرسة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 1950 فكان من ضمن التلاميذ النجباء فأرسله والده الى قسنطينة للدراسة بمعهد الإمام عبد الحميد بن باديس سنة ,1952 وقد انتبه أن هناك ثقافة أخرى موازية للفقه وعلوم الشريعة وهي الأدب، فالتهم في أقل من سنة ما وصله من كتب جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة وزكي مبارك وطه حسين والرافعي وألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة، التحق بتونس ليدرس في جامع الزيتونة وفي 1956 انضم الى جبهة التحرير الوطني وظل يعمل في صفوفها بعد الاستقلال حتى سنة ,1984 نشر القصص في جريدة الصباح وجريدة العمل وفي اسبوعية لواء البرلمان التونسي واسبوعية النداء ومجلة الفكر التونسية، كما عمل في الصحافة التونسية وتعلم فن الطباعة، أسس في عام 1962 أسبوعية الأحرار بقسنطينة وهي أول اسبوعية في الجزائر المستقلة كما أسس عام 1963 أسبوعية الجماهير، وفي سنة 1990 أسس مجلتي التبيين والقصيدة (تصدران حتى اليوم)، ومن 1963 الى 1984 عمل بحزب جبهة التحرير الوطني عضوا في اللجنة الوطنية للإعلام ثم مراقبا وطنيا، وقد أحيل على التقاعد قسرا وهو في سن 47 ثم شغل منصب المدير العام للإذاعية الوطنية الجزائرية عامي 91 و1992 وأنشأ قناة القرآن العظيم. من أقوال عمي الطاهر ''أنا مشرقي لي طقوسي في كل مجالات الحياة وأن معتقدات المؤمنين ينبغي أن تحترم''. وللإشارة، تحيي الجمعية الثقافية الجاحظية الذكرى الأولى لرحيل عمي الطاهر سهرة اليوم بالمركز الثقافي عز الدين مجوبي ببلدية سيدي امحمد بالجزائر العاصمة.