ووري جثمان الكاتب والروائي الكبير الطاهر وطار ، أمس الثرى بمقبرة العاليةبالجزائر العاصمة، بعدما وفاه الأجل أول أمس الخميس عن عمر يناهز ال 74 سنة. وسط حضور لافت لشخصيات سياسية وثقافية، نقل جثمان فقيد الجزائر بعد صلاة الجمعة إلى مقبرة العالية، بعد إلقاء النظرة الأخيرة عليه بقصر الثقافة مفدي زكريا حيث قرأ وزير الشؤون الدينية والأوقاف كلمة تأبينية تطرق فيها إلى خصال الفقيد وإنجازاته وأعماله التي خصصها كلها إلى الجزائر. تحدث وزير الشؤرن الدينية والأوقاف أبو عبد الله غلام الله، عن الصرامة التي ميزت فكر الطاهر وطار الذي اجتهد حتى آخر لحظات حياته في سبيل خدمة الوطن، واعتبر الوزير أن غلام الله كان من أعلام الجزائر ومجاهديها، " ولم يعرف الطاهر وطار إلا باجتهاده؛ يضيف غلام الله الذي قال بأنه عرف الفقيد في جريدة المنار التونسية قبل أن يلتحق بجيش التحرير الوطني. وكان قد توفي أول أمس، الكاتب والروائي الجزائري الكبير الطاهر وطار بالجزائر العاصمة، متأثرا بمرض عضال لازمه منذ سنتين، وبرحيل صاحب رائعة " الشهداء يعودون هذا الأسبوع "، تكون الجزائر قد فقدت قمة ثقافية من طراز خاص. ويعتبر الطاهر وطار من الكتاب والروائيين الذي قدموا للساحة الثقافية الجزائرية الكثير حيث لم ينقطع عن العطاء حتى وهو في أحد المستشفيات الفرنسية يتلقى العلاج، بعد أن زين المشهد الثقافي الوطني طيلة أربعة عقود من الزمن وانفرد عمي الطاهر بنوع خاص من الكتابة تميز بالصراحة تارة وبالتمرد تارة أخرى. ولد الطاهر وطار يوم 15 أوت سنة 1936 بمدينة سدراتة ولاية سوق أهراس، وتلقى نصيبا من التعليم الابتدائي والثانوي بمدرسة مداوروش التابعة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي فتحت في 1950 فكان من ضمن تلاميذها النجباء. أرسله أبوه إلى قسنطينة ليتفقه في معهد الإمام عبد الحميد بن باديس في 1952. انتبه إلى أن هناك ثقافة أخرى موازية للفقه ولعلوم الشريعة, هي الأدب, فالتهم في أقل من سنة ما وصله من كتب جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة, وزكي مبارك وطه حسين والرافعي وألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة. يقول الطاهر وطار في هذا الصدد " الحداثة كانت قدري ولم يملها عليّ أحد". راسل مدارس في مصر فتعلم الصحافة والسينما, في مطلع الخمسينات. التحق بتونس في مغامرة شخصية في 1954 حيث درس قليلا في جامع الزيتونة. في 1956 انضم إلى جبهة التحرير الوطني وظل يعمل في صفوفها حتى 1984. تعرف عام 1955على أدب جديد هو أدب السرد الملحمي, فالتهم الروايات والقصص والمسرحيات العربية والعالمية المترجمة, فنشر القصص في جريدة الصباح وجريدة العمل وفي أسبوعية لواء البرلمان التونسي وأسبوعية النداء ومجلة الفكر التونسية. استهواه الفكر الماركسي فاعتنقه, وظل يخفيه عن جبهة التحرير الوطني, رغم أنه يكتب في إطاره. واشتغل الطاهر وطار في الصحافة التي كانت معبرا لإبداعاته حيث عمل في الصحافة التونسية لواء البرلمان التونسي والنداء التي شارك في تأسيسها، كما عمل في يومية الصباح وتعلم بها فن الطباعة، ليؤسس في سنة 1962 أسبوعية الأحرار بمدينة قسنطينة وهي أول أسبوعية في الجزائر المستقلة، وفي سنة 1963 أسس أسبوعية الجماهير بالجزائر العاصمة، وواصل نضاله الصحفي رغم توقيف السلطات " لأسبوعية الأحرار" حيث قام في سنة 1973 أسس أسبوعية الشعب الثقافي وهي تابعة لجريدة الشعب والتي أوقفتها السلطات هي الأخرى في سنة 1974 حيث حاول أن يجعلها منبرا للمثقفين اليساريين. وفي الميدان السياسي عمل من 1963 إلى 1984 بحزب جبهة التحرير الوطني عضوا في اللجنة الوطنية للإعلام مع شخصيات مثل محمد حربي, ثم مراقبا وطنيا حتى أحيل على التقاعد وهو في سن 47. شغل منصب مدير عام للإذاعة الجزائرية عامي 91 و1992 ويسير الجمعية الثقافية الجاحظية منذ 1989 وقبلها كان حول بيته إلى منتدى يلتقي فيه المثقفون كل شهر. وألف السي الطاهر العديد من المجموعات القصصية والنصوص المسرحية والروائية منها " دخان من قلبي"، " الطعنات"، الشهداء يعودون هذا الأسبوع"، مسرحية الضفة الأخرى" و"الهارب"، إضافة إلى نصوص روائية خالدة على غرار" اللاز، الزلزال، الحوات، والقصر"، عرس بغل، العشق والموت في الزمن الحراشي، تجربة في العشق، رمانة، الشمعة والدهاليز، الولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي، الولي الطاهر يرفع يديه بالدعاء".