رئيس الجمهورية يتكفل بمراسيم الجنازة ويامر بدفنه في مربع الشهداء انتقل، عصر أمس، الأب الروحي للرواية الجزائرية، الطاهر وطار، إلى رحمة الله، عن عمر يناهز ال 74 سنة، بعد صراع طويل ومرير مع المرض، الذي ألزمه الفراش منذ سنتين قضاهما متنقلا بين الجزائروفرنسا، في رحلة علاجية مراطونية، وقد لفظ صاحب الشمعة والدهاليز أنفاسه الأخيرة بمصحة للأمراض القلبية ببئر مراد رايس بالعاصمة، عكس ما روجته بعض وسائل الإعلام مؤخرا بأنه غادر إلى فرنسا. * وكان المرض قد ألم بعمي "الطاهر" منذ قرابة السنتين، وحينها أمر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بالتكفل التام بعلاجه، حيث أوكل الأمر لوزارة الثقافة التي قامت بنقله إلى مستشفى سانت أنطوان بباريس، وهناك تابع حصصا في العلاج الكيماوي بمعدل حصة كل 15 يوما. * وعاد بعدها صاحب رائعة "اللاز" إلى أرض الوطن بعد رحلة علاج دامت قرابة الثلاثة أشهر فقط، وقال حينها "عمي الطاهر" ل"الشروق" التي كانت في استقباله في المطار: كاد المرض يدخل في دمي، وتوقفت عن الأكل، وزرت العديد من الأطباء هنا في الجزائر لكن دون جدوى، ولو بقيت على تلك الحال عشرة أيام أخرى، لكان وضعي مختلفا الآن"، ووجه الطاهر وطار حينها أسمى معاني الشكر والامتنان للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، قائلا في هذا السياق: "لن أنسى معروف بوتفليقة ما حييت"، وغادر "عمي الطاهر" بعدها إلى فرنسا لإتمام رحلة العلاج التي كان قد بدأها، وأصبح "عمي الطاهر" يتنقل بين الجزائروفرنسا طلبا للعلاج. * وفي الرابع من شهر أفريل الماضي عاد إلى أرض الوطن، لتشهد وضعيته الصحية منحى آخر بعدما تخلى عن الدواء الذي كان يتناوله بدافع السأم، وكانت "الشروق" سباقة إلى تناول خبر تواجده بعيادة الأمراض القلبية التي فارق فيها الحياة، وأشارت إلى الأسباب التي أدت إلى استياء حالته، أين وضع تحت رعاية طبية خاصة، وكانت وزيرة الثقافة خليدة تومي ولخضر بن تركي يزورانه يوميا للاطمئنان على حالته الصحية. * وكانت "الشروق" الجريدة الوحيدة التي بادرت بتكريم عمي الطاهر، أين تنقل وفد عن الجريدة إلى باريس لتكريمه، كما تشرفت بنشر آخر أعماله الروائية "قصيد في التذلل" خلال شهر رمضان الماضي، وتجدر الإشارة إلى أن صاحب "رائعة اللاز" الراحل من مواليد سنة 1936 بسوق بمداوروش بسوق اهراس، درس القرآن الكريم بمسقط رأسه والتحق بعدها بمدرسة جمعية العلماء المسلمين، حيث درس على شيوخها وترك للمكتبة الجزائرية إرثا أدبيا كثيفا متنوعا، بين الروايات والقصة والمسرحيات، فهو صاحب روائع "اللاز"، "الشمعة والدهاليز"" والعديد من الأعمال التي ترجمت إلى مختلف اللغات، كما قضى عشرين سنة بعد تقاعده من الإذاعة الوطنية التي شغل منصب مديرها العام، وكان له الفضل في تأسيس قناتي القرآن الكريم والثقافية في خدمة الثقافة الجزائرية بجمعية الجاحظية، التي حولها إلى ملتقى للمثقفين رغم الإمكانات البسيطة التي كانت متاحة له.