لا تزال مصالح الأمن تسجل العديد من النقائص وبعض التجاوزات عند متعاملي الهاتف النقال عن قصد أو غير قصد لرفع عدد المشتركين لديها والسبب يعود حسب التقارير الأمنية إلى وجود فراغات قانونية على مستوى سلطة الضبط المطالبة بفرض صرامة ورقابة أكثر على سوق النقال من خلال تبني إجراءات صارمة حيال المشتركين الجدد مع فرض مراقبة مستمرة على السجلات القديمة للمشتركين وتحيينها. ومن المنتظر أن ترفع المصالح الأمنية وعلى رأسها المديرية العامة للأمن الوطني خلال الأسابيع القادمة جملة من النقائص والمقترحات لسلطة الضبط للبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية المخولة بتنظيم سوق الهاتف النقال ببلادنا بغية فرض رقابة أكثر على عمليات اقتناء شرائح الهاتف النقال وبيعها التي تتم بطريقة تنقصها الصرامة، على الرغم من أنها تلتزم بعامل التعريف بأصحابها ومقتنيها بعدما كانت في السابق مجهولة الهوية. ويشير مصدر أمني إلى ضرورة فرض وثائق إضافية للراغبين في الحصول على شريحة هاتف نقال من نوع ''ج س م'' وعدم الاكتفاء بصورة عن بطاقة الهوية، على غرار بطاقة الإقامة للمشترك الجديد بعد أن تبين في العديد من التحقيقات إقبال عصابات على اقتناء شرائح من مناطق وولايات معينة واستغلالها في مناطق أخرى، كما تطالب مصالح الأمن بالتشغيل الفوري لشريحة الهاتف النقال مباشرة بعد شرائها دون الانتظار لفترة تزيد عن 48 ساعة. وتصطدم مصالح الشرطة والدرك الوطنيين أثناء أداء مهامها اليومية وتحقيقاتها الميدانية بعدة تعقيدات ومفاجآت فيما يخص الهاتف النقال الذي يعد أحد العوامل والخيوط الرئيسية التي تؤدي إلى إحباط أو ارتكاب العديد من الجرائم مما يوحي بعدم توصل المختصين إلى التحكم في السوق بشكل جيد خاصة أمام غياب التنسيق بين مصالح الأمن والمتعاملين الثلاثة للهاتف النقال في حال ضياع الشرائح أو تعرضها للسرقة، حيث لا تبلغ مصالح الأمن بالإشعارات بالضياع حتى يتمكن المتعاملون الثلاثة من اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع أي استغلال للشريحة المفقودة كما أن المتعاملين لا يطالبون بذلك. وفي سياق متصل كشفت مصالح أمن ولاية الجزائر عن نموذج لإحدى القضايا التي عالجتها المقاطعة الوسطى للشرطة القضائية شهر جويلية المنصرم والتي كادت أن تورط شخصين في تهمة لا يقل الحكم فيها عن ال20 سنة سجنا، حيث استغلت شبكة دولية مختصة في المتاجرة بالمخدرات شريحتي شخصين كانا قد فقداهما، أحدهما عن طريق السرقة والآخر عن طريق الضياع، وعلى الرغم من قيام هذا الأخير بتبليغ مصالح الأمن والمتعامل المشترك لديه عن الضياع إلا أن شريحتيهما ظلتا تحملان هويتيهما رغم مرور قرابة السنتين عن ضياعهما. وخلال التحريات التي تمت انطلاقا من ترقب هواتف أفراد الشبكة تم التوصل إلى صاحبي الشريحتين المستخدمتين واللتان تعودان إلى شخصين، أحدهما من بجاية والآخر من غرب البلاد، وأثناء التحقيق معهما اتضح أنهما لم يعودا يملكان ويستغلان هاتين الشريحتين منذ وقت بعيد على الرغم من أنهما لا تزالان مسجلتين باسميهما ليتم بذلك إنقاذهما من التورط في قضية قد يصل الحكم فيها إلى المؤبد. وأمام هذه الحالات وأخرى تدعو مصالح الأمن سلطة الضبط للبريد والاتصالات السلكية واللاسلكية ومن خلال تقرير سيتم رفعه لاحقا يضم عددا من النقاط التي اصطدمت بها مصالح الأمن خلال تحرياتها الميدانية، إلى فرض إجراءات جديدة تتماشى والمتغيرات الحاصلة في السوق وتضاف إلى تلك المطبقة منذ نهاية سنة 2008 والخاصة بإلغاء الشرائح مجهولة الهوية طبقا للمادة 0323 لدفتر الشروط والتي تنص على أن كل زبون مشترك أو مالك لشريحة هاتف نقال ملزم بتحديد هويته. للإشارة كانت سلطة الضبط قد اتخذت سنة 2008 قرارات صارمة بهدف التحكم في سوق الهاتف النقال بالجزائر من خلال إلزام المتعاملين الثلاثة في الهاتف النقال بالقيام بإحصاء شامل ودقيق لكل الشرائح المجهولة الهوية التي تم بيعها وتحديد هوية مستعمليها كما فرضت على المتعاملين الثلاثة تحديد نقاط بيع معتمدة لا يتجاوز عددها 6 آلاف نقطة مختصة في بيع الشرائح وفق القوانين المعمول بها والقائمة على توقيع عقد اكتتاب وصورة طبق الأصل لبطاقة الهوية الوطنية.