تقيم بدار العجزة، المتواجدة بحي السلام بوهران،67 مقيمة يمثلن مختلف الأعمار، منهن من جار عليها الدهر ومنهن من تنكر لهن الأولاد والأهل والخلان، فوجدن أنفسهن داخل دار تأويهن، لتمضية ما تبقي من أيام العمر. وللتقرب منهن والتعرف على يومياتهن بالدار خلال شهر رمضان، قمنا بزيارتهن ساعات قبل آذان الإفطار. دخلنا الدار، فوجدنا 13 مربية كل واحدة منشغلة في بالمقيمات من حيث الإهتمام بنظافتهن ومواعيد الدواء والأكل بالنسبة للمسنات اللواتي لايستطعن الصيام، وبقاعة الجلوس، وجدنا بعض السيدات المسنات يشاهدن التلفاز، اقتربنا من العجوز فاطمة ذات 80 سنة من حي الكمين العريق بوهران، والتي تقيم بالدار منذ 15 سنة، قالت لنا أنها جاءت لتقيم بالدار لأنها وحيدة لاأهل ولاولد يعيلها، وقد وجدت في الدار من العاملين بها والمحسننين ما يعوضها عن الحرمان الذي عرفته في حياتها. مسنة أخرى كانت إلى جانبها تبلغ من العمر 76 سنة، تعيش بالدار منذ سنوات هي وابنتها التي تزاول دراستها، بعد أن قام مدير الدار بتسجيلها والتكفل بها، هي راضية كثيرا بحياتها بالدار التي وفرت لها ولابنتها كل وسائل العيش والراحة، بعد أن اختارت العيش بها هروبا من المشاكل التي كانت تختلقها زوجة أخيها، المعيل الوحيد لها، أما الحاجة يمينة 70 سنة، صاحبة الجسم النحيل، قالت لنا بلهجتها التلمسانية ''أنا بخير لاينقصني شيئ بهذا المكان لا من حيث الأكل ولا الملبس وحتي الخرجات الترفيهية، في كل مرة فقط أتمني لو يتذكرني أهلي ويزورونني''. أما المربيات، فبالرغم من عدم تخصصهن في المجال، غير أن الخبرة التي اكتسبنها من خلال ممارستهن الطويلة واحتكاكهن بالمسنات، جعلتهن يمارسن عملهن بكل إتقان و مهارة، تقول السيدة سكينة أن لكل مربية دورها تقوم به داخل الدار، حيث يتقاسمن العمل، وخلال هذا الشهر الفضيل تتناوب المربيات للإشراف على المسنات الصائمات. أما المربية كلثوم، فهي تؤكد أنها كانت تتمنى أن تعمل في هذا المجال منذ الصغر، وهي سعيد جدا بخدمة مقيمات الدار، فحب المهنة وطلب الأجر من الله سبحلنه وتعالى قبل كل شيء حسبها يعطي المربيات دافعا أكبر للتكفل المعنوي والنفسي بهن، وتحاول هي وزميلاتها توفير الجو الحميمي أثناء ساعة الإفطار والسهرة، لأن في المناسبات الدينية أكثر ما يشعر فيها المرء بفقدان العائلة والأهل وحاجته إليهم. مدير الدار السيد ''سحالة عمر''، أكد أن الإدارة تسعى بكل جهدها لإرضاء تلك الفئة من المجتمع، ونوه بالمحسنين الذين يقدمون يد المساعدة في كل وقت، مشيرا أن هناك من المحسننين من يقوم في هذا الشهر الكريم بإستقبال المقيمات ببيوتهم لقضاء أيام من شهر الصيام، كل حسب قدرته، حتى تقضي المقيمات ولو أياما معدودة في وسط عائلي، كما أن التبرعات التي يغدق بها المحسنون على الدار ساهمت بشكل كبير في التكفل الجيد، فقد قدر السيد سحالة عمر الميزانية السنوية التي تخصصها الوزارة الوصية للدار بثلاثة ملايير ونصف، وتقدر ثمن الوجبة المخصصة للمقيمات ب70 دينار، بينما تقدر قيمتها بمساعدة المحسنين مثلا لإفطار الليلة أزيد من 500 دينار للوجبة الواحدة، غير أن الدار تفتقد لمطعم لأن مقر دار العجزة حاليا كان في السابق عبارة عن دار للطفولة المسعفة، لذلك لم ينجز بها مطعم والموجود حاليا مؤقت بأحد القاعات، في انتظار تكفل الوزارة الوصية بإنجاز مطعم جديد. أما عن الجانب الترفيهي للمقيمات خلال شهر رمضان، فقد أشار إلى برمجت العديد من النشاطات الترفيهية سواء من إعداد الطاقم البيداغوجي للدار أو من قبل مديرية الثقافة لولاية وهران، هذا إلى جانب دروس ومواعظ دينية يقدمها عدد من رجال الدين بالولاية. تركنا مقيمات دار العجزة بين إهتمام المدير والمربيات المنهمكات في تحضير مائدة الإفطار، تمنيا لهن صياما مقبولا وذنبا مغفورا وصحة دائمة للمقيمات اللائي تجاهلهن أقاربهن و لم يتذكروهن يوما لا بمعروف ولا بجميل .