جدّدت، أمس، وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي، التأكيد على أنّ صالون الجزائر الدولي للكتاب الذي يبلغ هذا العام دورته السادسة عشر، شأنه شأن جميع الصالونات العالمية للكتاب يسير وفق قانون داخلي يجنّبه التحوّل إلى ''بازار''، وذلك في إشارة منها إلى منع 500 عنوان من العرض في الصالون، موضّحة أنّ الجزائر لها قوانينها والجميع ملزم بها. وفي هذا السياق، أشارت السيدة تومي خلال الندوة الصحفية التي أعقبت افتتاح الصالون الدولي للكتاب إلى أنّ تبجيل الاستعمار، تمجيد العنصرية، الثورة الجزائرية المباركة، الإباحية والدعوة إلى الإرهاب وتمجيده، إضافة إلى المسّ بالمرجعية الدينية السنية للجزائر وبأمنها الفكري، وبعث الحساسية المذهبية والعرقية في ثنايا التاريخ الجزائري، خطوط حمراء لا يجوز تجاوزها. وعن ضوابط النشر في الجزائر، أوضحت المسؤولة الأولى عن قطاع الثقافة في الجزائر خلال هذه الندوة التي نشّطتها رفقة وزير الثقافة اللبناني السيد غابي ليّون، أنّ سياسة الكتاب المنتهجة في بلادنا تسير وفق أهداف واضحة المعالم، إمكانيات مادية وترسانة قانونية تسمح لها بدعم الكتاب الجزائري ومنه دور النشر الجزائرية، مضيفة أنّ التعاون البيني في مجال الكتاب لا بدّ أن يخضع لهذه الضوابط التي تحكم صناعة خير جليس في الأنام، وقالت أنّه في إطار دعم الكتاب ونشره، تمّ استحداث ما يسمى ''صندوق دعم الكتاب'' المدرج في قانون المالية التكميلي، وبالتالي فإنّ ''الدعم يستفيد منه الناشر الجزائري لا الأجنبي، مقترحة في هذا الشأن تعميم ''النشر المشترك''. الندوة الصحفية هذه كانت مناسبة لتذكّر فيها وزيرة الثقافة بجهود الدولة في مجال صناعة الكتاب ودعم المقروئية والمطالعة العمومية من خلال تأسيس هيئات تعنى بهذا الشأن على غرار المرصد الوطني للكتاب، تظاهرة ''القراءة في احتفال'' التي شملت هذا العام 22 ولاية، تعميم المكتبات المتنقلة إلى جانب إنشاء الصناديق المتخصّصة ووضع شتى الإجراءات المشجّعة، لكن -تضيف تومي- رغم كلّ هذه المجهودات هناك حلقة ناقصة في سلسلة صناعة الكتاب تتعلّق بالتوزيع، وهي الحلقة التي لا تعني فقط وزارة الثقافة بل تتعدى إلى قطاعات أخرى. من جانبه، توقّف وزير الثقافة اللبناني السيد غابي ليّون عند سبل التعاون الثقافي بين الجزائر ولبنان، خاصة فيما يتعلّق بتطوير الكتاب، وقال ''لبنان بلد رائد في مجال نشر الكتاب والجزائر في طور النمو فيه، لذا نرحّب بكلّ المبادرات التي من شأنها تعزيز العلاقة الثقافية البينية''، مشيرا في هذا الإطار إلى وجود تراجع لمكانة الكتاب في العالم العربي لفائدة وسائط جديدة معرفية وإلكترونية، لكن هذا لا يعني بالنسبة للوزير اللبناني أنّ الكتاب زال بل تمنى أن يكون ما نعيشه حاليا من تغيّرات دافعا نحو الأفضل مع فتح مجالات الاختيار الفكري والمعرفي. وعما يجري من ثورات وتغيّرات في الوطن العربي وما اصطلح على تسميته ب''الربيع العربي''، جدّد السيد ليّون موقف الجمهورية اللبنانية من الأحداث التي تجري ببعض الدول العربية، وأكّد أنّ ما حدث في تونس ومصر وما يحدث حاليا في ليبيا متعدّد الأوجه، فلكلّ بلد خصوصيته،، وبالتالي -يضيف الوزير- لا بدّ للشعوب أن تتطوّر داخليا بعيدا عن أيّ ضغط خارجي، رافضا أيّ نوع من التدخّل الأجنبي في الشؤون الداخلية للدول التي تعيش حالة غليان، سواء كان عسكريا أو ماليا. وتحدّث السيد غابي ليّون عن الجزائر بكلّ حبّ وفخر، إذ أكّد أنّ بلد المليون ونصف المليون شهيد يحمل الكثير من أوجه الشبه مع لبنان، ''حيث تنبع الحرية من ذاتهما، والاستقلال من أفكارهما، محقّقين بذلك وعيا وإرادة لا تقوى عليها سلطة ولا جبروت مهما كان نوعه''، وأضاف ''دفعت الجزائر مليون ونصف مليون شهيد في مقاومة الظلم والاحتلال، وللأسباب عينها دفع اللبنانيون أثمانا باهظة في الحرب اللبنانية، لينتصروا على أعتى آلة فتك وقتل ودمار في الشرق، وذلك في وجه الاحتلال الإسرائيلي الغاشم على أرضهم''. وفي الأخير، تمنى ضيف الجزائر أن يكون صالون الجزائر الدولي للكتاب ''حلقة تواصل وتفاعل روحي وفكري وثمرة جذب ثقافي لكلّ أشقائنا العرب، مع تكريس أهمية الكتاب في زمن الأسماء والأضواء الخاطفة''، وأضاف ''فالحرف وحده ينقش في صخر المعرفة الذي هو العقل، وعليه نبني مداميك الجمال والفرادة، على أنّ مصالحنا تكون في الحفاظ على مستوى قدرات شعبينا في الحلم والتقدّم والازدهار نحو عالم يسعى إلى الحرية والإبداع''.