مازالت الخلافات على الساحة السياسية الليبية قائمة بنفس حدة الأسابيع الماضية حول تشكيل الحكومة الانتقالية، بسبب خلافات حادة حول توزيع الحقائب الوزارية الحساسة، والذي حال إلى حد الآن دون التوصل إلى صيغة توافقية لإرضاء كل التيارات والحساسيات التي يتشكل منها المجلس الوطني الانتقالي والتي شكلت جبهة موحدة إلى حد الآن من أجل الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي. وبلغت حدة الخلافات، نهاية الأسبوع، إلى حد إعلان رئيس المكتب التنفيذي للمجلس الانتقالي محمود جبريل بأنه لن يكون ضمن تركيبة الطاقم الحكومي القادم في تحول يحمل الكثير من الدلالات السياسية في ساحة تعيش على وقع غليان وعدم استقرار أمني وسياسي كبيرين. وجاء إعلان جبريل انسحابه من كل الحسابات السياسية رغم أنه كان يشكل الرقم الثاني في هرم السلطة الليبية لما بعد القذافي مباشرة بعد مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي وكانت كل التكهنات ترشحه لشغل منصب الوزير الأول في الحكومة الانتقالية القادمة. وذهبت هذه المصادر إلى حد التأكيد أنه يحظى بدعم فرنسي أمريكي بريطاني لشغل مثل هذا المنصب الحساس على اعتبار انه من السياسيين الليبراليين الذين بإمكانهم ضمان إقامة دولة ديمقراطية بعيدا عن تأثير وسيطرة الإسلاميين الذين يبقون في نظر الدول الغربية الخطر القادم على ليبيا. وذهب علي الصلابي الوجه البارز في المعارضة الإسلامية الليبية إلى حد المطالبة مؤخرا برحيل محمود جبريل من السلطة الحالية وترك المجال لتشكيل حكومة تضم كل الفعاليات والحساسيات. بينما حذر الحاكم العسكري للعاصمة طرابلس عبد الحكيم بلحاج والعضو القيادي السابق في الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة كل من يعتقد أنه بإمكانه إبعاد الإسلاميين من المشهد السياسي الليبي وقال إن ذلك سيكلف غاليا. وتؤشر هذه التطورات على استمرار الاحتقان في مواقف مختلف التيارات قصد التوصل إلى حل لمعضلة تشكيل الحكومة وبما يرشح تأجيل الإعلان عنها مرة أخرى رغم أن مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الانتقالي أكد قبل أيام أن الإعلان عنها سيكون هذا الأسبوع. ويكون محمود جبريل قد أعلن عدم ترشحه بعد أن اقتنع أنه العقبة التي حالت دون ذلك إلى حد الآن وفضل الانسحاب لتسهيل مهمة تشكيل أول حكومة تعددية لما بعد النظام الفردي للعقيد معمر القذافي. ويستمر مثل هذا الغموض تماما كما هو الشأن بالنسبة لمصير موسى إبراهيم الناطق الرسمي باسم نظام العقيد الليبي المطاح به بعد أن أكدت مصادر موالية لهذا الأخير أنه مازال حرا طليقا تفنيدا لمعلومات سبق للمجلس الوطني الانتقالي أن أكد بأنه وقع في أسر مقاتليه في مدينة سرت على بعد 360 كلم شرق العاصمة طرابلس. وأكد موقع الفضائية الليبية التي توقفت عن البث على شبكة الانترنيت الليبي أن ''موسى لم يعتقل وأن نشر خبر أسره مجرد إشاعة لا أساس لها من الصحة والهدف منها تحويل الأنظار عن الفشل الذي مني به المسلحون أمام قوة المقاومة في مدينة سرت''. وجاءت هذه التأكيدات لتفنيد التصريحات التي أدلى بها مصطفى بن دردف قائد وحدات مقاتلي المجلس الانتقالي في مدينة الزنتان الذي شدد التأكيد على أن مقاتلي مدينة مصراتة ''أكدوا لنا أن موسى إبراهيم قد وقع في الأسر''. وهو الخبر الذي أكده محمد المرميمي قائد وحدة أخرى مناهضة لنظام العقيد القذافي والذي أكد من جهته أن موسى إبراهيم ''ألقي عليه القبض من طرف مقاتلي مدينة مصراتة عندما غادر مدينة سرت متخفيا في لباس امرأة على متن سيارته''.