انطلاق أشغال الندوة الدولية العمالية الثامنة للتضامن مع الشعب الصحراوي    رئيس الاتحادية الجزائرية للفروسية يفوز بعضوية مجلس إدارة الاتحاد العربي للفروسية    وزير الاتصال يؤكد على أهمية تكوين صحافيين ملتزمين بالدفاع عن مصالح الوطن والمجتمع    أمطار رعدية مرتقبة بعدة ولايات من البلاد ابتداء من مساء اليوم السبت    سوناطراك تستكشف الوسائل اللوجيستية والبنى التحتية ل "شيفرون" الأمريكية    الفريق أول شنقريحة ينصب العميد سيد أحمد بورمانة قائدا للدرك الوطني بالنيابة    إفتتاح شهر التراث: ملتقى دولي حول التراث الثقافي والذكاء الإصطناعي بالجزائر العاصمة    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51157 شهيدا و116724 جريحا    لقاء حول آليات حماية التراث المعماري والحضري    فلسطينيون يشكرون الجزائر وتبّون    سعيود يسلط الضوء على الأثر الإيجابي لتيليفيريك قسنطينة    محرز يحب المزاح    هذا جديد مديرية الضرائب    البكالوريا المهنية في 13 ولاية    مدير الأمن الوطني يستقبل نظيره الإيطالي    الرئيس يتلقّى رسالة من السيسي    عودة لانسبيكتور    شركة موبيليس تجري تجارب ناجحة على الجيل الخامس    الاحتلال الصهيوني يعتقل أكثر من 4000 فلسطيني    العاصمة : توقيف 3 أشخاص وحجز قرابة 5000 قرص مؤثر عقلي    مقتل 7 أشخاص وجرح 178 آخرين    باتنة : وفاة شخص وإصابة آخرين بصدمة    الأورنوا: لم تدخل أية مساعدات إلى قطاع غزة    نثمن "عاليا" دور الجيش الوطني الشعبي في تأمين حدود الوطن    بناء الإجماع الوطني وتوحيد المواقف" مطلبان حيويان"    مهرجان الشعر النسوي يعود في طبعته 14 بقسنطينة    سايحي: "تطوير مصالح الاستعجالات " أولوية قصوى"    الرابطة الأولى: وفاق سطيف يرتقي للصف الرابع, و نجم مقرة يتنفس الصعداء    بناء جزائر قوية تعتزّ بسياساتها في تكريس مجانية التعليم    أمراض فطرية تصيب المحاصيل الزراعية    نحو شراكة جزائرية بيلاروسية واعدة ومتنوعة    استحضارٌ لمناقب رجل دولة    الحصار الراهن على قطاع غزّة الأشد منذ بدء العدوان الصهيوني    هياكل جديدة تعزّز الخريطة الصحية بتيارت    مترو الجزائر يُطلق استبيانًا لتقييم رضا المسافرين    دور ريادي للجزائر في تطوير المشاريع الطاقوية إفريقيا    تشجيع الجالية على اغتنام الفرص الاستثمارية المتاحة بالجزائر    بناء مدرسة جزائرية عصرية وتشجيع التلاميذ على الابتكار    بطولة افريقيا للجيدو فردي: الجزائر تشارك ب 17 مصارعا في موعد ابيدجان    تسهيل وتبسيط الإجراءات أمام الحجّاج الميامين    الشباب القسنطيني يدخل أجواء لقاء نهضة بركان    نملك خزانا بشريا نوعيا وفخورون بحصاد مصارعينا في الأردن    سد بن خدة تلقّى 200 ألف متر مكعب من الماء    الموسيقى الجزائرية قادرة على دخول سجل السيمفونيات العالمية    لقاء إبداعي بامتياز    المسرح المدرسي.. وسيلة فعّالة لتنمية شخصية الطفل    انشغالات المواطنين أولوية المجالس المحلية    مولودية الجزائر تطعن في عقوبات "الكاف" وتردّ ببيان    أوبرا الجزائر: افتتاح المهرجان الدولي ال14 للموسيقى السيمفونية    تقييم أداء مصالح الاستعجالات الطبية: سايحي يعقد اجتماعا مع إطارات الإدارة المركزية    حج 2025: اجتماع اللجنة الدائمة المشتركة متعددة القطاعات    اتحاد الجزائر وشباب بلوزداد وجهاً لوجه    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    التنفيذ الصارم لمخطط عمل المريض    ما هو العذاب الهون؟    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هواة الصور التاريخية
عش نوفمبر في شارع بن مهيدي
نشر في المساء يوم 31 - 10 - 2011

تعد الصورة الفوتوغرافية وقفة تاريخية هامة في حياة المجتمعات البشرية، لاسيما عندما يتعلق الأمر بتلك الوقفات البطولية التي تصنعها التضحيات في ساحة الوغى، شهادات حية لا تعتريها اضطرابات الذاكرة مهما طال بها الزمن، لتنقل وقائع لا يشوبها التزييف ولا التمثيل إلى الأجيال.. وفي الجزائر مازال وقع الرصاصات النوفمبرية الأولى يخترق الآذان، ويسرد للأبناء منذ قرابة نصف قرن قصة كفاح شعب وحَده حب الوطن وواجب الدفاع عنه في زمن ما قبل الثورة الإتصالية.
ازدادت أهمية الصورة في كافة المجالات لاسيما بعد استفادتها من التقنية الرقمية، ومع ذلك يبقى للصورة التقليدية ذات اللونين الأبيض والأسود وقعها التاريخي على النفوس، وتراها تحاول توقيف عجلة الزمن عند أحداث لا يمكن مشاهدتها على أرض الواقع مجددا.
وفي هذا الصدد، ما زالت أحداث الثورة التحريرية الجزائرية تسيّل حبر أقلام المؤرخين المجاهدين والصحفيين، لتظل راسخة في الذاكرة الجماعية للأجيال الصاعدة، ووسط ذلك الزخم من المعلومات التاريخية، كثيرا ما تحضر الصورة الفوتوغرافية لتختصره بكل شفافية، لأنها تلك الملاحظة المباشرة الماضية التي تغني عن الكلام والوصف في إبراز معاناة شعب مع مستدمر أسلوبه ''التجويع''، ''الحرق'' و''الإبادة الجماعية''.
وإيمانا بفكرة أن الصورة الفوتوغرافية سجل تاريخي دقيق لنقل قيم البطولة والتضحية وسط النشىء، مازال بعض الهواة ممن يستهويهم جمع كل ما له صلة بالماضي حريصين منذ عدة عقود على جمع الصور التاريخية وعرضها أمام الراغبين في العودة إلى أيام الحقبة الاستعمارية بكل ما تحمله من مشاهد الظلم والقهر، وما يقابلها من نضال سياسي ومقاومة ميدانية لونتها الدماء.
وفي شارع العربي بن مهيدي، يسجل هواة الماضي وجزائر الأمس حضورهم على الدوام بعد الحصول على ترخيص من بلدية الجزائر الوسطى سنة,1986 ففي هذا الشارع الذي يحمل إسم أحد أبطال الثورة التحريرية، تروي الصور تلقائيا الوقائع التاريخية للمارة.. صور متنوعة لشخصيات تاريخية بارزة، لأماكن مقدسة، لمواقع أثرية وأحياء سكنية شعبية، على غرار القصبة العيتقة التي ترتسم معالم الحياة التقليدية بأدواتها ولباسها وطرق العيش المنتهجة أنذاك.
تلك الصور التي تذكر بالماضي تشكل معرضا تاريخية في الهواء الطلق، الدعوة مفتوحة للجميع وبالمجان لكل من يريد الزيارة، للوقوف على لقطات اِلتقطتها الآلة لتوثق حياة أهل السكان المحتلين قديما في جزائر القرنين التاسع عشر والعشرين، وسبل عيشهم والبيئة البرية والبحرية والنسيج المعماري، وعادات المجتمع.. هي كنز كبير لأبناء الجزائر الحرة، ما يدعو للحفاظ على أرشيف خاص من الصور القديمة المتعلقة سواء بالتراث أو بالجوانب التاريخية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
السيد فاروق عزو، أحد هواة جمع الصور، الطوابع والعملات النقدية القلائل.. منذ ربع قرن ترافقه هواية توارثها أبا عن جد، حيث أصبح جمع الشواهد التاريخية جزءا لا يتجزأ من حياته منذ .1986
منذ هذا التاريخ، يعرض تلك الشواهد التي تحاول توقيف التاريخ في أمكنة وأزمنة محددة!.. ودافعه في ذلك حب اللقطات التاريخية وحب الجزائر التي يمكن التفسح في ظرف قصير عبر مختلف مدنها القديمة، والتوقف عند محطات مصيرية مر بها الجزائريون بالأمس الاستعماري، منها محطة الثورة النوفمبرية المغمسة بالروح الاستشهادية، صور هذا الحدث التاريخي المصيري لشعب اغتصبت أرضه منذ ,1830 تفترش رقعة جغرافية في شارع العربي بن مهيدي منذ 25سنة، تتحدث بدون كلمات عن تضحيات صنعتها شخصيات أبت إلا أن ترفع غبار الاحتلال الفرنسي عن جزائر جزائرية، يقول صاحب المعرض: ''هذه وسيلة اتصال تحكي التاريخ منذ 50 سنة للأجيال، وهي تستقطب الكثيرين ممن يستهويهم التنقيب عن تفاصيل الجزائر المحتلة، وما أكثرهم من طلاب المدارس والجامعات، المختصون في التاريخ، مؤلفي الكتب، ومواطنين يبحثون عن ذاكرة الجزائر القديمة وشخصيات بارزة في ساحة التحرير''، ويستطرد: ''الرئيس الراحل هواري بومدين، مجموعة الستة، الشهيد العربي بن مهيدي، والعديد ممن صنعوا بطولة الجزائر النوفمبرية.. وصور نادرة منها صورة الرئيس الحالي بوتفليقة رفقة فرنس فانون، هي أكثر الصور طلبا من طرف الزبائن، ما يدل على اهتمام جيل اليوم بالتاريخ الذي صنعه الثوار بجهادهم ودمائهم''.
ومن خلال الحديث مع ''المساء''، بدا أنه معتزٌ بهذه الهواية التي يعد أصحابها على الأصابع، ومصدر اعتزازه هو مساهمته في نشر حقائق تاريخية عبر الصورة في الوطن وخارج الوطن، حيث كانت له الفرصة للمشاركة في عدة معارض عربية ودولية، فضلا عن إجراء حوارات صحفية معه.
عدة مقالات يضمها ألبومه، حيث أن اهتمامه بالتاريخ الجزائري أسال حبر عدة أقلام صحفية كان لزاما عليها أن تتوقف أمام لقطات تاريخية تشرح نفسها بنفسها، لتقدم للدارسين ما يغنيهم عن عشرات الكتب.. وأمام مصدر يؤرخ لحقب مهمة من تاريخ الثورة الجزائرية، والتي ينبغي على كل مواطن أن يعرفه ليقدر حجم التضحيات التي قدمها مجاهدو الأمس فداء للوطن.. وليعيش لحظات حقيقية في جو التلاحم بين أفراد شعب مضطهد.
لاشك في أن تلك الصور المعروضة على قارعة الطريق بمثابة ثروة تاريخية في فائدة المواطنين والدارسين، ما يدعو إلى ضرورة البحث باستمرار عن كل ما يوثق تاريخ الوطن بلقطة واحدة تختزل الحقائق والأحداث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.