كشفت الشاعرة المغربية فاطمة بوهراكة، عما تسعى إليه جمعية ''دارة الشعر'' التي تترأسّها بالمغرب، من خلال تكريم الشاعرة الليبية عائشة إدريس المغربي خلال مهرجان فاس للإبداع الشعري في موسمه الثالث لعام ,2012 حيث سبق وأن احتفى المهرجان في دورتيه الفارطتين بالشاعرتين المغربية ملكية العاصمي والتونسية جميلة الماجري. - كيف هو عالم الشاعرة فاطمة بوهراكة الأدبي، وهل لديك طقوس في الكتابة؟ * ليست لدي طقوس خاصة للكتابة، لكن لديّ شعور موحّد للتعبير عن هذا الإبداع ألا وهو الشحن، فما ثبت أنّي كتبت نصا شعريا وأنا فرحة، نصوصي ككل كتبت تحت تأثير الحزن العميق الذي نحياه بشكل متكرّر، كما أنّي لا أعرف فكرة محدّدة عندما أخطّ أوّل سطر للنص الشعري لكنه يظهر بشكل عام عندما أضع له عنوان القصيدة الذي يبقى آخر ما أقوم به. - وما مدى تعاطي النقاد معك؟ * شخصيا لا أهتم بمسألة تعاطي أو عدم تعاطي النقّاد مع نصوصي الشعرية، فالأهم بالنسبة لي هو تجاوب الجمهور مع ما أكتب، لأنّ النقد العربي أصلا يعرف تراجعا كبيرا في مصداقيته وانتشاره بين المثقفين، فهو لم ينصف أحدا كما أنّه لم يحسّن من إيقاع أيّ مجال من المجالات سواء تعلّق الأمر بالمجال الأدبي أو الفني، طالما هناك بعض الأقلام النقدية التي تقبل على نفسها المساومة والبيع، فما يهمني أن أكتب لأن يقرأ لي جمهوري. - التاريخ كتب عن كثير من المبدعات كالخنساء، وكتب عن قصص الحب التي حصلت في السابق كبثينة وغيرها، غير أنّنا اليوم أو حتى في السابق نفتقد لشاعرات ينافسن الرجل فيما يقوله، بحكم أسس وضوابط معيّنة لا يجب المساس بها، وإذا ما حاولن فرض وجودهن في مجال الإبداع فسيجدن عراقيل، فهل يمكن أن نرى شاعرة تكتب عن شعورها ومكنوناتها في أيّة لحظة وتعبّر عما بخاطرها مثلما يفعل الفارس رغم وجود شاعرات كتب عنهن التاريخ كنازك الملائكة وغيرها؟ * المرأة ناضلت منذ القديم من أجل أن تترك بصمتها لكن التاريخ ذكوري البصمة والتأريخ، للأسف لم يحتفظ لنا إلاّ بالقلائل، وهذا الشيء لا يعني أنّ المرأة المبدعة كانت غائبة سابقا، فهذا الأمر غير قابل للتصديق، فلا يعقل أن تكون الخنساء وحدها شاعرة وسط العشرات من الشعراء الذكور، ربما لم تكن هناك مبدعة بمستواها فهذا يجوز، لكن لا يجوز ألاّ يتوفّر في سماء الإبداع النسائي وقتها إلاّ الخنساء. نفس الشيء حدث للنساء المبدعات في شتى المجالات تاريخيا، لذلك نرى بعض المبدعات العربيات من كتبن بأسماء مستعارة هدفهن من وراء ذلك هو إيصال مكنون هذه الأحاسيس إلى الواقع، هذه المرأة التي مرّرت خطاباتها بشكل متفاوت عبر الزمن، منذ أن خلق الله البشرية إلى يومنا هذا الذي عرف أصواتا نسائية متميّزة لم تسلم من الطعن في كتاباتها، كما حدث مع سعاد الصباح وأحلام مستغانمي وغيرهما كثيرات، والهدف الأكبر من خلال هذه الإشاعات هو ترسيخ ثقافة أنّ الرجل المبدع وحده فارس المجالات الإبداعية، أمّا المرأة فهي أمامه لا شيء وفي بعض الحالات الاستثنائية هي الثانية بعد هذا المبدع الرجل. - في رأيك ما الذي تضفيه الترجمة على الإبداع؟ * يقال أنّ الترجمة خيانة للنص الأصلي، لكنها تلعب دورا جميلا في فتح بوابة للمبدع تجاه باقي المجتمعات الأخرى الناطقة بغير اللغة الأم، فيتعرّف عليك أشخاص لا يتقنون لغتك التي تكتب بها، والترجمة هي النافذة التي توصل المبدع إلى أكثر الأشخاص بالعالم، ومن خلال هذه المزاوجة بين اللغات يتعرّف كلّ شعب على ثقافات وحضارات ومأساة الشعوب الأخرى التي يعبّر عنها مبدعوها. - على ماذا تقوم جمعية ''دارة الشعر المغربي'' التي ترأسينها، وحدّثينا عن موقع ''صدانا'' الثقافي، بالإضافة إلى مهرجان فاس للإبداع الشعري؟ * تأسّست جمعية ''دارة الشعر المغربي'' عام ,2007 والغاية منها هي تنظيم ملتقيات داخل وخارج المغرب، تكريم روّاد الإبداع الوطني والدولي، إنشاء صندوق الدعم الوطني للشاعر المغربي، طبع المنتوجات الشعرية ونشرها داخل وخارج المغرب حسب إمكانيات الجمعية، إلى جانب ربط علاقات التعاون بين الجمعية ووسائل الإعلام السمعية والمرئية والمكتوبة، ورفع كلّ أشكال الإقصاء والتهميش عن الشاعر المغربي، وكذا إنشاء علاقات التعاون بين الجمعية والمؤسّسات ذات الاهتمام المشترك وطنيا ودوليا وترجمة الأعمال الشعرية من وإلى اللغة العربية، وجمع أرشيفات خاصة بالشعراء، وغيرها. وقد استطعنا ولله الحمد، تحقيق بعض الأهداف المسطرة لهذه الجمعية الفتية، منها تكريم رواد الإبداع المغربي، حيث تمّ تكريم الشاعرة أمينة المريني والفنانة الملتزمة سعيدة فكري، علاوة على ترجمة الأعمال الشعرية من خلال ترجمة ديوان الشاعر السعودي علي الدرورة إلى اللغة الفرنسية، وديوان من ''مذكرات طفل حرب'' للأديبة العراقية وفاء عبد الرزاق إلى الإسبانية، وكذا توقيع اتفاقيات شراكة وتعاون مع عدّة جهات عربية. وقد مرّ مهرجان فاس للإبداع الشعري بدورتين : الأولى باسم الشاعرة المغربية ملكية العاصمي والثانية باسم الشاعرة التونسية جميلة الماجري، أمّا الثالثة التي ستكون نهاية شهر مارس ,2012 فقد اخترنا أن تكون باسم الشاعرة الليبية عائشة إدريس المغربي، هذا فيما يخصّ ''دارة الشعر المغربي'' التي تعاني كثيرا من غياب الدعم المالي لكنّنا نناضل رغم هذا التهميش، أمّا فيما يتعلق بشبكة ''صدانا'' الثقافية، فقد تأسّست عام 2008 وهي شبكة إماراتية ترأس مجلسها الإداري الشيخة أسماء صقر القاسمي، أمّا الإدارة فتتواجد بها عدّة جنسيات عربية تساهم جميعا في إغناء الشبكة ورقيها، وقد تمكّنا من تحقيق عدّة منجزات لهذا الشبكة منها جائزة ''صدانا'' للإبداع الشعري، وسام ''صدانا الذهبي'' للإبداع، جائزة ''صدانا'' لأفضل قصيدة في مدح خير البشرية، كما تمّ طباعة عدّة مؤلّفات ورقية أذكر منها ''بوتقة المسك'' و ''سير أدبية على أريج صدانا". - في رأيك ماذا تقدّم المشاركات للمبدع، وهل تقدّم له معالم جديدة، خصوصا وأنّك شاركت منذ سنة 1991 في ''أزيد من مائة ملتقى وأمسية ''، فضلا عن التكريم الذي حظيت به سنة .2010 * المشاركات الشعرية تقدّم الاحتكاك بالمشهد الشعري بشكل أكبر وتجعل المبدع يتواصل مع غيره من المبدعين، ليرى أين هو ضمن هذه الكوكبة التي تسير في نفس الركب، فمن هنا يمكن للشاعر بشكل خاص والمبدع بشكل عام أن يقيّم ذاته ومساره بشكل أكبر، فهذه العملية التواصلية بالآخر المبدع تفتح أمام الشاعر آفاقا أخرى للنضج والإبداع، وبين كلّ مشاركة ومشاركة تظهر لك أشياء لم تكن ظاهرة فيما قبل وتتعرّف على أسماء شعرية أخرى في فلك الإبداع، وتتعرّف عن قرب على تجارب شعرية أخرى قد يكون لها أثر كبير في عملية تطوير قلمك بشكل أو بآخر، وقد تقدّم لك فكرة أخرى كانت غائبة عنك وهكذا.. وبالفعل فقد تمّ تكريمي بمصر من قبل الاتحاد العربي للإعلاميين والكتّاب، كما كان لي تكريم آخر في الثامن من أكتوبر الفارط ببلدي المغرب احتفاء باليوم الوطني للمرأة. - كلمة أخيرة؟ * أشكر جريدة ''المساء''، كما أتمنى أن نلتقي على الأخوة التي تجمع الشعوب المغاربية، والعربية بوجه عام، في عالم يسوده المساواة والأمان