حدد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة رؤية الجزائر في مجال التعاطي مع سوق الغاز أو النفط العالميين من خلال التأكيد على تقيدها على الدوام بالتزاماتها إزاء شركائها مما منحها مصداقية على الصعيد الدولي. وأشار الى ان الجزائر ''لن تحيد عن هذا النهج فيما يخص تلبية طلب البلدان المستهلكة''. وأوضح رئيس الجمهورية في خطابه خلال القمة الاولى لمنتدى البلدان المصدرة للغاز التي اختتمت أمس بالعاصمة القطرية الدوحة ان هذا الموقف هو'' ثمن صدقيتها التي لم يطعن فيها أبدا والذي دفعناه باهضا في بعض الاحيان''. ومن باب التذكير بأطر التعاون التي ينبغي أن ترتسم في العلاقات بين الدول المصدرة والمستهلكة فقد اشار الرئيس بوتفليقة الى أن رؤوس الاموال التي يتعين استثمارها في تطوير الصناعة الغازية هي ''من الجسامة بحيث لا يمكن التصور بأنها تبقى من مسؤولية البلد المنتج المصدر وحده''. وربط رئيس الدولة عملية تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية باستقرار المداخيل المحصلة من المحروقات واستقرار القدرة الشرائية على ''الا يعرضا بصفة منهجية لمخاطر التقلبات الظرفية''. وعلى ضوء تحديد الخبراء للاستراتيجيات الغازية وبآجال الاستيفاء الطويلة والمسائل المترتبة عن الابقاء على العقود الطويلة المدى في تجارة الغاز، اشار رئيس الدولة الى ان هذا النقاش ''تفرضه ضرورة تأمين الشروط لتقاسم الاخطار بين البلدان المنتجة المصدرة والبلدان المستهلكة بالانصاف بما يشجع على اقامة مشاريع غازية جديدة''. وبخصوص الصناعة الغازية اوضح رئيس الجمهورية ان من بين ''احدى اوائل انشغالاتنا'' الخروج بقرارات ''ملموسة للحفاظ على استقرارها وتأمين التقدم الذي تستحقه وهذا ينطبق خاصة على مناهج التكيف الامثل من اجل تجنب الصدمات المضرة بمداخيلنا وتحقيق الاستقرار لسوق الغاز مع ضمان تموين البلدان المستهلكة'' مبرزا ان ذلك هو الذي ''ما فتئت الجزائر تدعو إليه على الدوام''. واستند تحليل رئيس الجمهورية الى المعطيات التي ميزت سوق الغاز خلال السنوات الاخيرة، مشيرا الى ان تطور الصناعة الغازية الى غاية سنة 2008 بعيدا نسبيا عن اضطرابات الاقتصاد العالمي لم يمنع انخفاض الطلب المسجل ابتداء من 2009 خاصة في كبريات البلدان المستهلكة جراء انكماش اقتصاداتها، مما ''يستوقفنا عند المخاطر التي تحيق بالاسواق الغازية والضرر الذي تلحقه من حيث طبيعتها بالتطور الثابت والمنتظم لكافة اقسام الصناعة الغازية الذي يتوق إليه المنتجون والمستهلكون''. ومن هذا المنطلق ابرز رئيس الدولة اهمية الظرف الذي تنعقد فيه هذه القمة في ظل مخاوف من أن الارتياب بشأن الانتعاش السريع والمستدام للنمو في الدول المصنعة الواقعة تحت طائلة أزمة اقتصادية حادة ''يؤثر سلبا على المداخيل المستدرة من الغاز التي كان من المزمع أن نضعها في خدمة التنمية الاقتصادية لبلداننا''، حيث اوضح في هذا الصدد انه ''بالإمكان في هذه الحال أن نشهد عودة إشكالية أمن الإمدادات الطاقوية بالنسبة للبلدان المستهلكة وأمن الأسواق بالنسبة للبلدان المنتجة. وهل ستصمد العقود الطويلة المدى أمام القرارات السياسية القاضية بتفكيك قواعد الضبط والمتخذة أحاديا دون أدنى تشاور مع البلدان المنتجة المصدرة. وفي المقابل شدد الرئيس بوتفليقة على ضرورة ارساء التشاور وتغليب مختلف أشكال التعاون والشراكة بين سائر الأطراف الفاعلة في الصناعة العالمية والتجارة الدولية للغاز والطاقة من الفاعلين المؤسساتيين والمتعاملين الاقتصاديين، مع الدعوة الى التفكير في أدوات جديدة وتمهيد سبل جديدة في هذا الاتجاه. من جهة اخرى اشار البيان الختامي للقمة الذي تلاه الامين العام للمنتدى السيد ليونيد بوخانوفسكي الى اعتراف البلدان الاعضاء في المنتدى بأهمية العقود طويلة الامد بين منتجي ومستهلكي هذه المادة الحيوية باعتبارها ''الضامن الأساسي لاستقرار الاسواق واستمرار صناعة الغاز''. وفي كلمته الافتتاحية عند انطلاق القمة تطرق أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الى مزايا الغاز الطبيعي من حيث انه مصدر للطاقة النظيفة مبرزا انتشاره خلال السنوات الاخيرة. كما شدد أمير دولة قطر على ضرورة تكامل وتعاون اعضاء المنتدى لتحقيق اهدافه، مشيرا الى ان مصالح منتجي الغاز لن تكون على حساب مستهلكيه، داعيا الى الحوار والتعاون وتبادل المعلومات لمصلحة الجميع.