يموت أزيد من 200 جزائري سنويا بسبب تلوث الهواء وتواجد نسبة عالية من الرصاص، علما أن غالبية المتوفين هم من فئة الأطفال، الذين لا يتعدى سنهم 5 سنوات، بعد تعرضهم لمشاكل تنفسية وأمراض صدرية خانقة وهي آخر الأرقام التي توصلت إليها المنظمة العالمية للصحة بخصوص الجزائر، المطالبة بتخفيض نسبة الانبعاثات والملوثات بالوقود إلى أزيد من 70 ميكروغرام في المتر المكعب عوض 20 ميكروغرام، المسجلة حاليا، وهو ما سيساهم في تخفيض نسبة الوفيات إلى ما يقارب 15 بالمائة. وكشف، أمس، المتدخلون في الورشة التقنية حول الوقود النقي، المنعقدة بفندق مزافران بزرالدة، أن الجزائر ورغم كونها منتجا رئيسيا للوقود والوقود النقي، إلا أن استعمالات هذا الوقود تبقى ضعيفة ومحدودة، حيث تمس -في الوقت الحالي- عددا من السيارات الجديدة لا غير، وحسب الأرقام فقط ما بين 30 و35 ألف سيارة تستعمل البنزين دون رصاص ومازوتا دون كبريت، بالإضافة إلى الغاز المميع النقي، في الوقت الذي تسجل فيه حظيرة السيارات ما يقارب خمسة ملايين سيارة. وحسب ممثلة برنامج الأممالمتحدة من أجل البيئة، السيدة جان اكومو فان، أزيد من 70 بالمائة من الرصاص المتواجد في الهواء نابع من وقود السيارات، خاصة بالنسبة للدول المتوسطية على غرار الجزائر، وهو ما يزيد من ظهور أمراض وتسجيل وفيات بالمنطقة والعالم ككل، علما أن أزيد من مليون و300 ألف شخص يموتون سنويا بسبب الهواء، كما أن معدل الحياة تراجع بسبب هذه الإشكالية بنسبة تتراوح ما بين 6 و5 سنوات لا سيما في إفريقيا وحتى أوروبا. وتشير مداخلة السيدة دحلب فازية خلال هذا اللقاء المنظم من طرف وزارة التهيئة العمرانية والبيئة بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة من أجل البيئة، إلى أن الإشكالية القائمة بالنسبة لبلادنا تكمن في العدد الكبير للسيارات التي يزيد عمرها عن عشر سنوات وصعوبة إقناع أصحابها بإعادة تهيئة السيارة وتزويدها بالتقنيات الجديدة واللازمة لتحويل استعمالها من الوقود الملوث إلى النقي على غرار تلك المتعلقة بالغاز المميع النقي والتي تتطلب تجهيزات تكلف نحو 50 ألف دج. وتضيف محدثتنا، وهي رئيسة مصلحة التأهيل البيئي للمؤسسات الصناعية على مستوى المركز الوطني لتكنولوجيات الإنتاج النظيف، أن الجزائر من أكبر الدول المنتجة للوقود النقي، إلا أن هواءها الأكثر تلوثا باعتبار أن استعمال الوقود النقي يبقى محدودا وهو ما يرهن إعادة تصنيف بلادنا ضمن الدول النظيفة، بالإضافة إلى أن أسعار الوقود النقي هي أقل ثلاث مرات مقارنة بالوقود الآخر، حيث حدد سعر البنزين دون رصاص ب 9 دنانير فيما بلغ سعر البنزين ب 23 دينار. ويقع الإشكال في كون غالبية المركبات غير مزودة بالأجهزة الخاصة باستعمال الوقود النقي والغاز المميع، كما أن تركيبها يكلف ''ثروة''، خاصة إذا قسنا العملية بعمر السيارة التي غالبا ما يتجاوز عشر سنوات، تضيف المتحدثة، التي دعت إلى ضرورة دعم أصحاب السيارات لإعادة تأهيل سياراتهم من خلال تحفيزات مالية مغرية. وقد سعت السلطات، وعلى رأسها وزارة البيئة، لتشجيع وترقية استعمال الوقود النقي من خلال إصدار القانون رقم 10-03 المؤرخ في جويلية 2003 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة، كما ساهم وضع جهاز تحليل فوري لنوعية الهواء والمسمى ب''سما صافية'' في مراقبة آنية للهواء على مستوى أكبر التجمعات السكانية والتي تعد الأكثر تلوثا في البلاد على غرار العاصمة، عنابة، وهران، سكيكدة، حيث يتم قياس الملوثات الرئيسية والمتمثلة في أوكسيد الكربون، ثاني أوكسيد الكبريت، المحروقات والغبار الدقيق.. إلى جانب فرض المراقبة التقنية للسيارات من أجل العمل على خفض تلوث الهواء وتحديد المشاكل التقنية المسببة لذلك.