نشط الممثل والمخرج السينمائي الأمريكي المعروف اوليفر ستون، أمس، بقاعة ابن زيدون، ندوة صحفية تحدث فيها عن مشواره الفني الثري الذي ميزته أعماله الملتزمة حول قضايا الإنسانية واحتجاجه المستمر على انتهاك الحقوق والمعايير العادلة التي تدوسها أقدام كبار العالم. افتتحت الندوة السيدة زهيرة ياحي مستشارة وزيرة الثقافة، حيث رحبت بضيف الجزائر، مؤكدة أن حضوره يندرج في إطار المهرجان الدولي للفيلم الملتزم بالجزائر والمزمع تنظميه بقاعة السينماتيك في 29 نوفمبر الجاري. بدوره، شكر الأستاذ أحمد بجاوي الرئيس الشرفي للمهرجان أوليفر ستون على تلبيته الدعوة رغم أجندته المكتظة لذلك سيكون -حسبما أشار- ''بمثابة الأب الروحي لهذا المهرجان في دورته الأولى وذلك نتيجة التزامه تجاه القضايا العادلة في العالم وحرية الشعوب المطالبة بالعدالة الاقتصادية والسياسية والإنسانية''. عبر أوليفر ستون عن سعادته بهذه الزيارة الأولى له للجزائر التي يقول إنه لا يعرف عنها الكثير إلا من خلال بعض قراءاته التاريخية، لكن الجزائر -كما قال- ''تبقى حاضرة بروحها القوية المجسدة لفكرة الاستقلال الوطني''. وأضاف قائلا: ''في مأدبة أقيمت لي أول أمس تقابلت مع جزائريين من جيل الثورة تكلموا عن هذا التاريخ العظيم وكانوا فخورين به ويجلبون نتيجة صدقهم وحماسهم الاهتمام''. تحدث الضيف بإعجاب عن فيلم ''معركة الجزائر'' الذي أصبح تراثا سينمائيا عالميا معروفا والذي يصور بطولات الشعب الجزائري الذي كان من الشعوب الأولى في العالم الثالث التي تفتك استقلالها. وأشار المتحدث إلى بعض الأفلام التي سيقدمها قريبا منها فيلم طويل بعنوان ''المتوحشون'' يخص تجارة المخدرات وكيفية تهريبها وإنتاجها بين الجنوب الأمريكي والمكسيك وهذا الفيلم سيسوق العام القادم وستكون البطولة فيه للفنانة سلمى حايك وجون طرافولطا، هناك أيضا فيلم ''التاريخ غير المروي للولايات المتحدة'' الذي يعمل عليه منذ أربع سنوات وسيخرج في الشهور القليلة القادمة''. وأوضح ستون أن العالم عرف تطورات عظيمة أخرى على غرار ثورة الجزائر وثورة فيتنام مثلا لكنه فضل أن يربط إبداعه فقط بالفيلم التاريخي أو أن يتكفل بإنجاز أفلام عن الثورات العربية حتى الراهنة منها لاقتناعه أن المبدعين العرب هم الأقدر على إنجازها منه. يرى المتحدث أن سبب نجاحه واستمرار التزامه كونه يروي أحداثا تاريخية عاشها هو بنفسه زيادة على تقدمه في السن ودرجة النضج الذي سمح له بقراءة هذه الأحداث بشكل أعمق يقول أوليفر ستون ''أنا أبحث عن الحقيقة دائما، فأحيانا لا أفهم الحرب في وقتها لكنني فهمتها أكثر بعد سنوات نتيجة وعيي السياسي، لقد انفتحت على العالم وعلى حركات التحرر الوطني كالفيتنام ثم العراق والصومال وهكذا. عاش هذا المخرج المشاكس منتقدا للسياسات الأمريكية الداخلية منها والخارجية ففيلمه ''وول ستريث'' مثلا عام 1987 فضح وحشية الرأسمالية في الولاياتالمتحدة كما تعرض لفترة بداية التسعينيات حيث أصبح المال المقدس الأول في أمريكا وأصبح رجاله هم الصفوة. ''وول ستريث'' ل2008 أكد أن هناك أناسا سرقوا قيم الولاياتالمتحدة وقد يجعلون منها مركبا يغرق تماما ك''التيتانيك''. مازاد الطين بلة -حسب أوليفر ستون- هو انحياز الإعلام الأمريكي لهذا النظام الجديد الجائر وبالتالي غيب العقل الأمريكي عن الواقع. تناول المخرج في أعماله العديد من الشخصيات المؤثرة في السياسة الدولية وذلك بشكل -كما قال- دراماتيكي وليس صحفي فقد تحدث عن ''نيكسون'' وحقق فيلمه رواجا كبيرا إضافة إلى زعماء من أمريكا اللاتينية. وعن علاقة الولاياتالمتحدة بإسرائيل، أكد المخرج أن هذا الملف مسكوت عنه في أمريكا ولا يجوز إثارة التساؤلات حوله وهو الأمر الذي يعتبره خطيرا. وأكد المخرج أن الفيلم الملتزم والأشرطة الوثائقية التاريخية والسياسية جد رائجة وتحقق أرباحا كبيرة في السوق العالمي إلا أن حضور هذا النوع من الأفلام مرهون بقوة الموضوع المعالج فإذا كان قويا سيثير انتباه الجمهور وإذا كان غير ذلك سيرمى في سلة المهملات لذلك أشار أوليفر ستون إلى أن ما يجذبه في أفلام الآخرين هو قوة الفكرة أكثر من قوة التقنية، علما أن هناك مخرجين أمريكيين ينتقدون سياسة أمريكا في أفلام وثائقية وأحيانا في أفلام عادية وبطريقة غير مباشرة. يقول ''غضبي وراء التزامي وكرهي للكذب السياسي والتاريخي سواء اتجاه الدولة أو المجتمع، كما لم أقتنع ببعبع ''الإرهاب'' وقبله ''الشيوعية'' لأنه يخفي مصالح اقتصادية وعسكرية لنظام قد يدمر العالم''. عن إمكانية عمله في الجزائر أشار إلى أن الوقت لم يحن بعد طالبا من وزارة الثقافة توفير وسائل العمل له ولغيره من المخرجين العالميين وحين يتوفر ذلك سيكون في الموعد. للإشار تم عرض فيلم ''الجنوب الأمريكي'' لهذا المخرج وبحضوره، مساء أمس، بالسيناتيك إضافة إلى مشاركة ثلاثة من أفلامه في دورة الفيلم الملتزم والتي لن يحضرها لالتزاماته الكثيرة.