تم مساء أول أمس بالجمعية الثقافية ''الجاحظية'' تأسيس نادي السينما على غرار النوادي التي تم تأسيسها كنادي الشعر والإعلام والمسرح، وبهذه المناسبة؛ تم عرض فيلم ''النخيل الجريح'' بحضور المخرجة والمنتجة نادية شرابي والممثل حسان كشاش ونخبة من المثقفين الذين تتبعوا الحدث الثقافي وعرض الفيلم. يعمل ''نادي السينما'' على لم شمل الممثلين والمصورين والنقاد والصحفيين المهتمين بالفن السابع، ويعمل هذا النادي على إنتاج أفلام قصيرة تمثل ''الجاحظية'' داخل الجزائر وخارجها، وعلى هامش هذا التأسيس؛ تمت استضافة المخرجة الجزائرية نادية شرابي والممثل الجزائري حسان كشاش وعرض الفيلم المشترك بين الجزائروتونس ''النخيل الجريح'' لمخرجه عبد اللطيف بن عمار، ومثلت فيه كوكبة من الممثلين الجزائريينوالتونسيين ويعد هذا العمل السينمائي المشترك بادرة لإنشاء عمل بين الأشقاء. وبهذه المناسبة الثقافية والسينمائية؛ عرض الممثل حسان كشاش ملخصا للفيلم الذي مثل فيه دور الموسيقي، مؤكدا في ذات الوقت سعادته بتأسيس نادي السينما، معتبرا فيلم ''النخيل الجريح'' رمزا لشوارع المدينةالتونسيةبنزرت التي شهدت معركة سنة 1921 خاضعها الأشقاء التوانسة ضد قوات الاحتلال الفرنسي وسقط فيها زهاء 2000 شهيد، حيث بقي النخيل يحمل آثار شظايا القذائف والرصاص، ويتناول الفيلم مدينة بنزرت عن طريق كاتب لمخطوط حرب بنزرت، هذا من حيث المكان، أما الزمان فكانت الجزائر في التسعنيات من القرن الماضي تمر بأزمة متعبة إضافة إلى حرب الخليج، فكانت ذاكرة المدن العربية. فيلم ''النخيل الجريح'' الذي استغرق عرضه ساعة وخمسا وأربعين دقيقة؛ يتناول موضوعا مهما وهو كتابة التاريخ، لكن التاريخ الذي يتم تزويره، حيث يبدأ الفيلم بجملة جد مؤثرة »وهجرني اليقين إلا من أمر واحد تعلمته من الكتب هي الحرب داء لايفنى«. تدور أحداث الفيلم في مدينة بنزرتالتونسية الساحلية، حيث محطة القطار والميناء والمدينة العتيقة بأزقتها وشاطئ بنزرت وشارع النخيل، حيث يأخذنا الفيلم إلى فتاة تونسية تسمى ''شامة'' قادمة من تونس العاصمة إلى مدينة بنزرت على متن القطار من أجل أن ترقن مخطوطا للكاتب الذي تلعب معه دور البطولة، الكاتب يحكي في مخطوطه عن سيرته الذاتية التي تحكي بدورها عن الماضي، عن التاريخ، عن بنزرت، تلتقي شامة بصديقتها ''نبيلة'' صدفة وهي جزائرية هاجرت مع زوجها إلى تونس هروبا من سنوات النار التي مرت بها الجزائر، زوجها رشيد الموسيقار الذي يتقمص دوره الممثل الجزائري حسان كشاش. تدور أحداث الفيلم كلها في الماضي الذي يبقى حاضرا، بمدينة بنزرت التي تمثلها سيرة الكاتب الذي يكون صديقا لوالد شامة لرقن مخطوطة وتتسلم شامة المخطوط ومن هنا يبدأ الفيلم، حيث تكتشف شامة أن والدها الذي كان يعمل في القطارات ''السكة الحديدية'' جاء متطوعا وكان نقابيا ومات شهيدا في حرب بنزرت وحينما تسأل شامة الكاتب الذي يسكن في بيت فرنسية توفيت وتركت له البيت وهو يقوم بتربية طفل اسمه مراد وتخدمه عجوز ينكر معرفته بوالدها وبعد التحري وقراءة سيرة الكاتب تكشف شامة الحقيقة ويظهر لها زيف الكاتب وكذبه حيث ادعى البطولة إلا أنه فر من البيت من الباب الخارجي وغلقه في وجه والدها الذي ضحى من أجله واحترق وحينها التفت خلفه وجد الكاتب قد فرّ. تكتشف شامة أن الكاتب الهاشمي عباس هو المتسبب في موت والدها الذي تركها وعمرها لا يتجاوز ستة أشهر، تكتشف شامة الحقيقة وتواجه الكاتب بها الذي أنكرها وزور التاريخ. ''النخيل الجريح'' فيلم يعالج الواقع والتاريخ أيضا ويطالب بكتابته كتابة موضوعية لا خيالية أسطورية من قبل الذين ما يزالون على قيد الحياة والذين ينسبون إلى أنفسهم البطولات بينما هناك من ضحوا ولا تعرف حتى قبورهم مثل والد شامة الذي لاتعرف قبره، الفيلم مثير وهو يعالج العلاقة بالتاريخ ودور المثقف وكتابة التاريخ. وقد أكدت المخرجة نادية شرابي بعد عرض الفيلم وأثناء المناقشة أن الهدف من هذا الفيلم هو الخروج بسينما تعبر عن طموحات الشعوب في المغرب العربي الكبير وفي المشرق في الإنتاج اعتمادا على كتابها وليس على الغرب لأن تمويل الأفلام يؤثر على محتواها وربما يفرض إملاءات ولهذا تقول شرابي، حان الوقت إلى أن يعمل على تمويل الإنتاج السينمائي من الداخل العربي. وأضافت شرابي أن هذا الموضوع كان من الممكن أن يكون جزائريا خصوصا ونحن نعيش كتابة المذكرات التي يعتبرها كتابها تاريخا وإنما هي تزييف للتاريخ، فكم من شهيد تضيف -شرابي- لا يعرف قبره، هذا الفيلم عربي - عربي لا يتكلم عن الماضي فحسب فهو امتداد للحاضر لحرب الخليج للحرب الأخيرة أو ما يسمى بالربيع العربي، الحاضر الذي يذكرنا بالماضي، ولهذا فالفليم ليس من أفلام التسلية وإنما هو إنتاج مشترك، وكم نحن في حاجة لأفلام تتكلم عن الواقع وتضع النقاط على الحروف. أجمع الحضور على أهمية الفيلم ومستوى نجاحه سواء في الموضوع أو التمثيل خصوصا العنوان الذي يرمز لأشياء كثيرة وهو أوسع من الفيلم النخيل الجريح. للتذكير؛ فقد حاز الفيلم بإعجاب الكثير وقد أشيد به ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان الإسكندرية لسينما دول البحر الأبيض المتوسط بمستواه الفني المتميز، كما اختير لافتتاح مهرجان قرطاج الدولي للسينما في دورته السادسة، وقد شاركت في الفيلم كوكبة من الممثلين الجزائريين منهم ريم تاكوش، عائدة كشود، العربي زكال -رحمه الله- وحسان كشاش، إضافة الى الممثلين التونسيين ناجي ناجح ، ليلى وز، دليلة مفتاحي، شاذلي العرفاوي وصالح مصدق.