تعرف الساحة السياسية الوطنية نقاشا واسعا ومعمقا حول مضمون ومحتوى مشروع القانون العضوي المتعلق بالاحزاب الموجود حاليا على مستوى اللجنة القانونية والادارية بالمجلس الشعبي الوطني، حيث تباينت مواقف وآراء الاحزاب في هذه المسألة بين مؤيدله ومتحفظ عليه. فإذ يوجد من الاحزاب من يدعم هذا المشروع ويرى فيه ''قفزة نوعية'' لإرساء تعددية سياسية تنافسية في الجزائر، فإن هناك أحزابا أخرى ترى بأن ''المشروع لايختلف عن سابقه وهو يتضمن نقائص لاتساعد على خلق تنافس نزيه بين الاحزاب إلى جانب منحه صلاحيات للادارة على حساب التشكيلات السياسية''. وفي هذا السياق، يرى المكلف بالاعلام بحركة النهضة السيد محمد حديبي لوكالة الانباء الجزائرية أن المشروع يضع الاحزاب في ''مرتبة واحدة مع الجمعيات من حيث منح الاعتماد''، إذ كان من المفروض أن يتم تأسيس الاحزاب على مبدإ ''الاخطار كما هو معمول به في عدة دول''، مع إلزام الاحزاب باحترام قواعد اللعبة السياسية ومصلحة البلاد. وأضاف السيد حديبي أن المشروع لم يحدد أيضا ''مفهوم الحزب الذي يعتبر مدرسة لصناعة الاطارات والافكار والبرامج، إضافة إلى ''عدم النص على مبدإ التداول على رئاسة الاحزاب'' وكذا تحديد ''دور المعارضة السياسية'' إلى جانب وجود ''غموض بشأن التسيير المالي للأحزاب وثروة قادة الاحزاب والتمويل الخارجي للاحزاب''. وأكد المتحدث أنه كان من المفروض أن يتضمن المشروع آلية تخص ''حل الخلافات والنزاعات التي تحدث داخل الاحزاب'' وذلك من خلال إنشاء محكمة خاصة بهذا المجال دون اللجوء إلى الادارة. ومن جهته، يرى رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية السيد موسى تواتي انه كان الافضل أن يتم تعديل الدستور أولا لتأتي بعد ذلك مرحلة تعديل القوانين ومنها قانون الاحزاب، مؤكدا في هذا المجال ''وجود تحفظ للحزب حول هذا المشروع'' دون أن يفصح عنه. وذكر السيد تواتي بأن ''الاصلاحات المطروحة حاليا لاتلبي طموحات وآمال الشعب في تكريس ديمقراطية حقيقية تحترم فيها إرادة وسيادة الشعب''. وبدوره سجل العضو القيادي في حزب العمال السيد رمضان تعزيبت تحفظات حزبه بشأن هذا المشروع وتتمثل على وجه الخصوص في طلب الاعتماد الذي يرى فيه ''شرطا غير مشجع وليس ملائما لتأسيس الاحزاب'' حيث كان من المفروض -حسب قوله- أن يتم إنشاء الاحزاب ب ''تصريح كتابي فقط ''. وأوضح المتحدث أن حزب العمال يرفض مبدأ قيام ''رجل الاعمال بتقديم 450 مليون سنتيم للحزب كما نص المشروع''، مشيرا في هذا السياق الى أن ''هذه المادة تسمح ب''هيمنة وسيطرة رجال الاعمال على الحياة السياسية''. وبخصوص عدم نص المشروع على مبدإ التداول على رئاسة الاحزاب، ذكر العضو القيادي في حزب العمال أن هذا الامر شأن ''داخلي للاحزاب ولايمكن للادارة أن تقوم بفرض معايير ومقاييس تخص تسيير الاحزاب وحل صراعاتها الداخلية'' مبرزا في نفس الوقت أهمية تحرير الاحزاب من ''قبضة الادارة''. أما المكلف بالاعلام على مستوى حركة مجتمع السلم السيد محمد جمعة فيرى بأن الحركة تعتبر المشروع خطوة إيجابية ''لإرساء تعددية سياسية حقيقية في الجزائر''، إلى جانب كونه يسمح ''ببروز أحزاب كثيرة في المرحلة الاولى ليتقلص بعد ذلك''. وبدوره أكد الناطق باسم التجمع الديمقراطي، السيد ميلود شرفي، أن المشروع قد جاء ب''مبادئ وضوابط واضحة، تسمح بتنظيم الاحزاب وإعطائها دفعا جديدا لتجسيد تعددية سياسية في الجزائر تقوم على تصارع الافكار والبرامج''. وذكر السيد شرفي أن المشروع تضمن عدة مسائل ايجابية تتعلق، على وجه الخصوص، باعتماد الاحزاب بعد مرور 60 يوما من تقديم طلب الاعتماد للادارة دون أن تقوم هذه الاخيرة بالرد عن طلب الاعتماد، مشيرا إلى أن هذه المسألة كانت من بين الاقتراحات التي قدمها التجمع لهيئة المشاورات. وذكر المتحدث أن المشروع المتعلق بالاحزاب سيسمح للفضاء السياسي الجزائري ببرور أحزاب جديدة ستثري الساحة الوطنية ببرامج وأفكار جديدة. ومن جهته، أكد السيد عيسي قاسة مسؤول الاعلام بحزب جبهة التحرير الوطني أن حزبه يساند كل توجه يسعى إلى وضع ''ضوابط تحدد كيفية تسيير الاحزاب وتمويلها المالي وتكرس الديمقراطية ومبدأ التداول على المناصب المنتخبة''. وأضاف السيد قاسة أن حزب جبهة التحرير مع المبدإ الذي يجعل الاحزاب تساهم في صيانة وترقية الحريات الفردية والجماعية وكذا إحداث ''آليات تحدد المكانة الحقيقية للاحزاب في المجتمع وكيفية استقطاب أصوات المواطنين خلال الاستحقاقات الانتخابية''.