يشرع نواب المجلس الشعبي الوطني غدا الإثنين، في مناقشة مشروع القانون العضوي المتعلق بالإعلام، الذي عرف إدراج مجموعة من التعديلات ''الجوهرية'' المقترحة من طرف لجنة الثقافة والاتصال والسياحة بالمجلس الشعبي الوطني، مست أزيد من 10 مواد ذات صلة مباشرة ب ''ترقية العمل الصحفي وضبط المجال الإعلامي''، حسب ما علم أمس لدى هذه اللجنة. ويشكل مشروع القانون ''قفزة هامة'' من خلال المادة التي يحتويها، إذ للمرة الأولى في الجزائر يتم ''فتح النشاط السمعي البصري لرأس المال الخاص الجزائري، إضافة إلى إنشاء سلطات ضبط مستقلة''. وفي تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية، أوضح رئيس اللجنة السيد الطيب بادي، أن هذه التعديلات جاءت نتيجة عمل تميز ب ''الموضوعية والعمق'' كانت الغاية منه ''ضبط المصطلحات وإضفاء المزيد من الوضوح'' على النص الذي سيعرض على نواب المجلس الشعبي الوطني ابتداء من الغد والذي سيحل محل قانون .1990 وتوقع السيد بادي أن يحظى مشروع القانون بنقاش ''متستفيض'' من طرف النواب، إذ كشف عن تسجيل 58 متدخلا لحد الآن والرقم مرشح للارتفاع. مشيرا الى ان نواب المجلس أبدوا ''اهتماما كبيرا'' بالنص عند دراسته على مستوى اللجنة. ومن بين أهم هذه التعديلات إدراج بنود جديدة تتعلق بالشروط المطلوب توفرها في الناشرين، حيث اقترحت اللجنة في هذا الإطار ''إلزامية توفر الناشرين على الشهادة الجامعية، إضافة إلى 10 سنوات خبرة في المهنة بالنسبة لمسؤولي النشر في الإعلام العام بدل خمس سنوات'' كما جاء في مشروع القانون، فيما اقترحت ''5 سنوات خبرة لمسؤولي النشر في الدوريات المتخصصة''. وتبنت اللجنة تعديلا آخر يقضي ب''تمديد آجال صلاحية الاعتماد إلى سنة كاملة من تاريخ الحصول عليه بدل 3 أشهر'' يضيف السيد بادي. وفي هذا الصدد تم إدراج تعديل آخر يقضي ب ''تمديد آجال تنصيب المجلس الأعلى لأدبيات وأخلاقيات الصحافة لمدة سنة بعد إصدار هذا القانون بدل ستة أشهر، نظرا للعراقيل التي قد تواجه العملية''، إضافة أيضا إلى ''تمديد آجال حق الرد من 8 أيام إلى 30 يوما''. وشملت التعديلات أيضا سلطة الضبط للصحافة المكتوبة والقطاع السمعي- البصري التي تم استحداثها بموجب مشروع القانون الجديد، حيث تمثل تعديل اللجنة في ''تخفيض النصاب القانوني الواجب توفره لعقد اجتماعاتها من 12 عضوا إلى 10 أعضاء''، علما أن هذه الهيئة تتشكل من 14 عضوا، سبعة منهم صحفيون منتخبون واثنان يعينهما رئيس الجمهورية، إضافة إلى رئيس الهيئة وأربعة آخرين من غرفتي البرلمان. وذكر السيد بادي بأن اللجنة ووعيا منها بالأهمية ''الحيوية'' التي يكتسيها هذا النص القانوني، خاصة في ظل التطور المذهل لتكنولوجيات الإعلام والاتصال وسعيا منها للإلمام بكل جوانبه، استمعت إلى 70 مهنيا من صحفيين في المجال السمعي - البصري والصحافة المكتوبة والإلكترونية، وكذا مراسلي القنوات الفضائية في الجزائر، إضافة إلى ناشرين ومدراء وأساتذة في القانون والإعلام وعلم الاجتماع. وقد شهد مشروع القانون تعديل 51 مادة من بين 132 مادة مع تضمنه 63 مادة جديدة، كما عدلت 51 مادة أخرى (بين معدلة ومكررة) وتم الإبقاء على 18 مادة. وقد مست التعديلات التي أدخلت على نص مشروع القانون المادة الثانية، التي أصبحت تتضمن 13 مبدأ، بالإضافة الى اقتراح عدد من الأحكام الجديدة كعدم قابلية الاعتماد للتنازل ووجوب تخصيص كل نشرية دورية جهوية أومحلية ل 50 بالمائة من المساحات التحريرية للمضامين المتعلقة بمنطقة تغطيتها الجغرافية. وتضمنت التعديلات الواردة على هذا النص، فتح القطاع السمعي البصري من الإعلام الوطني وإنشاء سلطتي ضبط مستقلتين واحدة للصحافة المكتوبة وأخرى للسمعي البصري (لتعويض المجلس الأعلى للإعلام). أما فيما يخص الصحافة المكتوبة فجاء المشروع بجديد يخص منح الاعتماد للصحف، حيث لن يكون ذلك من صلاحيات الإدارة أو وزارة العدل، وإنما سيكون من صلاحيات سلطة ضبط الصحافة المكتوبة التي جاءت لتعويض المجلس الأعلى للإعلام. وينبثق نصف أعضاء هذه الهيئة من المهنيين المنتخبين من طرف الأسرة الإعلامية ويعين النصف الباقي من قبل رئيس الدولة وغرفتي البرلمان. وينص المشروع أيضا على أن إصدار كل نشرية دورية يتم بكل حرية ويخضع لأغراض التسجيل ومراقبة صحة المعلومات إلى إيداع تصريح مسبق من طرف المدير المسؤول عن النشرية لدى سلطة ضبط الصحافة المكتوبة وذلك قبل ستين يوما من صدور العدد الأول. وتضمنت التعديلات التي أدخلت على نص مشروع القانون، منع تخصيص أكثر من ثلث المساحة الإجمالية للصحيفة المكتوبة للإشهار والاستطلاعات الإشهارية، وكذا ترقية توزيع الصحف بالجنوب. وعلاوة على ذلك، احتوت التعديلات الواردة في النص الجديد ضمان حماية اجتماعية ومهنية للصحفيين الممارسين ووضع حد لتردي حالهم ومعاناتهم (انعدام الضمان الاجتماعي والأجور الزهيدة واستغلال المتربصين). وفي هذا الإطار تجري مشاورات لوضع شبكة أجور إلزامية وجديدة للصحفيين، وكذا تحديد كيفيات منح البطاقة المهنية للصحفيين وحماية المراسلين في مناطق النزاعات والحروب وتحديد آداب وأخلاقيات المهنة وإنشاء مجلس أعلى لذلك. وفي جانب ممارسة مهنة الصحافة، أقر نص مشروع القانون ''ضمان حق الرد والتوضيح حتى في وسائل الإعلام الإلكترونية''، مع ''إلغاء العقوبات السالبة للحرية من الجنح الصحفية''، ناهيك عن ''تكريس مساعدة الدولة للصحافة المتخصصة والجوارية ولتكوين الصحفيين''. كما يأتي مشروع القانون العضوي هذا ب ''تكفل صريح بقضية الوسائط الإعلامية السمعية البصرية والوسائط الإعلامية العاملة على شبكة الأنترنت''. وفي مجال أخلاقيات مهنة الصحافة، يقترح المشروع إحداث ''هيئة وطنية لأدبيات الصحافة وأخلاقياتها تسهر على امتثال الوسائط الإعلامية للقواعد الأخلاقية'' ينتخب اعضاؤها من طرف محترفي الصحافة. ومن أهم ما يميز مشروع قانون الإعلام الجديد، خلوه من أحكام تعاقب الكتابة الصحفية بجميع أشكالها بالسجن، ويكون بذلك قد جسد قرار رئيس الدولة برفع التجريم عن الكتابة الصحفية. وكان وزير الاتصال السيد ناصر مهل، قد أكد أن مشروع القانون العضوي الخاص بالإعلام يضمن حماية أكثر للحياة الخاصة للمواطن، ولا سيما ضمان حقه في الإعلام، وكذا ضبط النشاط الإعلامي. مشيرا الى أن هذا النص القانوني ''يعمل على ضبط النشاط الإعلامي بطريقة تسمح ببلوغ مستوى التوازن بين الواجبات والحقوق لمختلف المتعاملين''، من خلال تنصيب مجلس أعلى لآداب وأخلاقيات مهنة الصحافة وتأطير شروط ممارسة مهنة الصحفي (عقد عمل وبطاقة مهنية وتأمين على الحياة).